مائة بيت من الشعر العربي القديم – أبو ذؤيب الهذلي (14)

  • 2/23/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

في تراث الشعر العربي، منذ ما قبل الإسلام إلى نهاية العصر العباسي، كنوز وجواهر لا ينبغي للأجيال الجديدة أن تجهلها. نقدم كل يوم بيتا من عيون الشعر القديم، مصحوبا بإضاءة قليلة الكلمات، في محاولة لتحقيق التواصل الضروري والاستمتاع بعصير الحب والحكمة والموت.14 – أبو ذؤيب الهذلي" والنفس راغبة إذا رغبّتهاوإذا تُردُ إلى قليلٍ تقنعُ "هيهات أن ينتهي الصراع بين ما يريده الإنسان وما يقوى عليه، وإذا كان طوفان الرغبة عارما، فإن الصخرة التي يتحطم عليها هي الوعي بالإمكانات المحدودة، والانتباه إلى منظومة القيود الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تحول دون الوصول إلى كل ما تشتهيه النفس.من الذي يرّغب النفس ويوسوس لها؟، ومن الذي يردها ويقمعها فترضى بالقليل وتقنع؟، أو بالأحرى لا تملك إلا أن ترضى وتقنع بلا رضا واقتناع. التداخل قائم مغلّف بالغامض النسبي المرهق الضبابي من الرؤى، والاضطراب قانون صارم حاكم قد يفضي إلى التمرد والجنون أحيانا، وإلى داء الحكمة الأقرب إلى الخمول وراحة اليأس غالبا.شاسع هو الفارق بين الانصراف الإرادي عن الملذات والشهوات، وفق اختيار حر، وبين الابتعاد قهرا وإجبارا بلا حيلة. لا موضع للحديث عن القناعة الجديرة بالثناء في ظل القيود والعجز، ذلك أن الأحرار وحدهم من يحق لهم المباهاة ورفع رايات التحرر من إغراءات شتى تُتاح لهم وينصرفون عنها.يعيش العاديون من الناس حياة عادية محكومة بالحسابات والتوازنات والخوف المركب ذي الطبقات الكثيفة من الحرمان، الذي يخدش جلال الإنسان ورونقه، ولا بأس عندئذ من حلية زائفة يزّين بها العجز والضعف والهوان.

مشاركة :