مائة بيت من الشعر العربي القديم – أبو صخر الهذلي (15)

  • 2/24/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في تراث الشعر العربي، منذ ما قبل الإسلام إلى نهاية العصر العباسي، كنوز وجواهر لا ينبغي للأجيال الجديدة أن تجهلها. نقدم كل يوم بيتا من عيون الشعر القديم، مصحوبا بإضاءة قليلة الكلمات، في محاولة لتحقيق التواصل الضروري والاستمتاع بعصير الحب والحكمة والموت.15 – أبو صخر الهذلي" تكاد يدي تندى إذا ما لمستهاوتنبت في أطرافها الورق الخضر "في بيت أبي صخر ومجمل قصيدته، بل وفي قصائده جميعا، صور مضيئة متوهجة غير مسبوقة في تجسيد حالة العشق الاستثنائية التي يعيشها، وتضفي على الحبيبة تفردا يرتفع بها أميالا عن مقام العاديين من البشر. يراها، فيصيبه ذلك النوع النادر من الارتباك الذي لا يعاينه إلا عتاة العشاق المستغرقين في الفناء والذوبان. الاقتراب من حضرتها المقدسة لا يقود إلى الاحتراق والهلاك، وغيبوبة الذهول تفضي إلى إفاقة منعشة. عند الوقوف على حافة التواصل، تتجلى إلهة للخصوبة كأنها البعث. تعيده إلى حياة مختلفة، خضراء يانعة قوامها الربيع الذي لا يطوله الذبول.قلائل في تاريخ الشعر العربي، وغير العربي أيضا، من يملكون موهبة الهذلي في التعبير عن اللهفة على هذا النحو التشكيلي الفذ الذي يبتعد عن المباشرة الفجة، ويعيد إنتاج المعاني المستهلكة الآسنة. لا يخضع أبو صخر للموروث الجامد من القواعد، ذلك أنه يبتكر قوانينه المتمردة على كل قيد، المبرأة من لعنة الصنعة وسرطان الانفعال الكاذب والافتعال المبتذل. يخلص في البوح بما يعتمل في أعماقه، دون نظر لشيء إلا الصدق والطزاجة.الشاعر الشاعر من يسبق زمنه ويعانق الأزمنة القادمة، ولا مشترك إلا الحب واليقين بعظمة وجلال الإنسان.

مشاركة :