إني أتهم المطر.. - شريفة الشملان

  • 11/21/2013
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تحت هذا العنوان كتبت أول مرة قبل أكثر من ثلاثين عاما، كان يوما ممطرا، وكنا نستقل سيارتنا إلى الإحساء، د. ثريا العريض وأنا، نقدم ندوة عن تفاقم وجود الخدم في البيوت وتأثيره على الطفولة ومن ثم الجيل القادم، الذي هو الجيل الحالي، كنا نهتم بتوجيه رسالة خاصة للأمهات.. ولكن لم نجد سيدات، وكنا نتكلم لعدد قليل لا يتجاوز الأربع في حين هناك في قسم الرجال كان العدد معقولا، كان متحدثان من الرجال لا أتذكر الأسماء للأسف، ولكني أذكر أنهما من جامعة الملك فيصل، الأستاذ خليل الفزيع كان يدير الندوة، وتستضيفها جمعية الثقافة والفنون. عندما تساءلنا، عن سبب عدم وجود السيدات، أُجبنا بأن ذلك بسبب المطر.. ولم تكن الطرق مثل الآن فأغلبها لم يكن مسفلتا، وكانت الأرض تشرب المطر، ولقد حاججتهم كيف أعاق المطر السيدات ولم يعق رجالهن؟!! لم أجد إجابة شافية. وبعد ذلك عدت مرارا لهذا العنوان، وربما هذه المرة الخامسة، فالمطر لا يرحم ويكشف المستور ويعطل الطرق والمدارس. وتعطيل الطرق يعني تعطيل الكثير من مصالح الدولة، ومصالح البشر، ويعني فيما يعني خسارة كبيرة للوطن خاصة عندما تكون طرق رئيسية وعمود فقري للمدينة لاتصالها بمدن أخرى مهمة كالخبر والدمام. حيث عاصمة الشرقية الإدارية والعاصمة التجارية لها.. الخسارة الأعظم في التربية والتعليم، حيث يسبب عدم الانتظام بالدارسة، اما عدم إكمال المناهج أو ضغطها والحذف منها ناهيك عن الحاجة للتذكير بالدروس بعد عودة الطلاب لتحفيز الذاكرة، وذاك يأخذ أيضا وقتا من الطالب والمعلم، ناهيك عن فترة تنظيف المدرس من آثار ومخلفات الأمطار.. هذا إذا كانت المدارس سليمة وغير متهالكة بحيث أفزعها صوت الرعد فسقطت أو سقط جزء منها أما عن الكهرباء وصيانتها فالصمت أفضل حيث الحديث سيجر لآلام ومواجع فنتذكر شهيدات جلاجل ومكة، ما بين مدرسة سقطت وأخرى احترقت.. وغيرهن، فدخول باب الشهادة للبنات واسع، وقد خلد حادثة جلاجل أديبنا الكبير عبد الله بن خميس بقصيدة مطلعها: بكرن يبادرن القضاء المحتما .. فرادى الى دار الحمام وتوءما تقمصن زي العلم افواف سندس .. وعدن بممسوح الإهاب المعندما لقد كان وصفه دقيقا جدا للحادثة المروعة التي ذهبت ضحيتها فتيات جلاجل وكما آلمت الحادثة الشاعر محمد محمد الحجي وكتب قصيدة عنها، أما غازي القصيبي فقد قال بها قصيدته التي مطلعها: بسط الموت يا جلاجل كفيه فماذا أعطيته يا جلاجل؟ كل هذي الزهور؟ ما أفجع الزهر صريعا على نيوب المناجل! رحم الله جميعهم على كل لست بصدد استعراض قصائد وشعراء نكبات البنات، ولكني بصدد المطر، هذا المتهم الذي لا يمكن القاء القبض عليه وتسجيل دعاوى الخراب والدمار عليه، فهو هبة ربانية لتبتل الأرض وتروي عطشها، تلد خضارا يتبرعم ربيعا مزهرا بالنفل والخزامى، وتحمل الصحارى حملها الرباني كمأً جميلا لذيذا.. ولكن بصدد أنه مشهر للمفسدين والفاسدين، ومن تستر عليهم. وهذا المطر كاشف الغطاء لا يمكن أن يقوم المجرمون بقتله ولا التخلص منه، يختلف عن جني القاضي الذي سرق ونهب وسجل الأموال باسم القاضي، الجني الذي لا يمكن لأحد حبسه ووضعه بقفص الاتهام ومحاكمته. المطر مدع عام قوي الحجة ويبعث بالشهود والحجج القوية.. فقط يحتاج حاجبا قويا يصرخ بأعلى صوته (محكمة..) ليغلق القفص.. ترى من يترجم شهادة المطر للغة القضاء.. وو.. عفوا أنا لا أتهم المطر..

مشاركة :