عاد موضوع استقالة الحكومة التونسية برئاسة هشام المشيشي، كمخرج للأزمة التي تعيشها البلاد، ليطفو على السطح من جديد اليوم (السبت) في تصريحات المسؤولين التونسيين، في الوقت الذي شهدت فيه وسط العاصمة مسيرات ومظاهرات غاضبة تُطالب برحيل منظومة الحكم الحالية. وبعد ساعات قليلة من تأكيد رئيس الحكومة هشام المشيشي، أنه لن يستقيل من منصبه، أكد راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية، ورئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان) مساء اليوم أن حركته "ضد استقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي". وأضاف في تصريح للصحفيين على هامش مشاركته في إحياء أربعينية الراحلة محرزية العبيدي (نائبة برلمانية عن حركة النهضة تُوفيت في 22 يناير الماضي عن سن 57 عاما)، "نحن ضد أي مطلب يمكن أن يُحدث فراغا خاصة وأن البلاد تعيش الكثير من المشاكل". وتابع قائلا "لا ينبغي تعميق المشاكل التي تعيشها البلاد، ونحن تحتاج إلى تماسك السلطة وليس إلى فكها". ويأتي هذا التأكيد، بينما أعلن رئيس الحكومة هشام المشيشي خلال إشرافه مساء اليوم على أعمال تهيئة مدرج مطار جربة جرجيس الدولي، وربط المنطقة السياحية بجزيرة جربة بشبكة الغاز الطبيعي، أنه "لا وجود لصراع سياسي في البلاد، والسياسة في نظري هي خدمة الناس، وأنا حاليا منكب على خدمة الناس وما ينفع التونسيين". وفي تصريحات سابقة للصحفيين أدلى بها في وقت سابق صباح اليوم بتونس العاصمة، اعتبر رئيس الحكومة التونسية، هشام المشيشي، أنه لا يُجيد "المعارك ضد طواحين الريح"، وأن استقالته من منصبه غير مطروحة. وأضاف أن تونس بحاجة اليوم إلى الاستقرار، وإلى حكومة تستجيب لتطلعات أبنائها، مؤكدا في المقابل أن " أيادينا دائما ممدودة للحوار، والحكومة منكبة حاليا على عدد من الملفات الاقتصادية والاجتماعية والصحية الأمر الذي يلهيها عن المناكفات، وتسجيل النقاط السياسية". وأكد في هذا السياق قائلا، "استقالتي واستقالة الحكومة غير مطروحة"، واصفا في نفس الوقت ربط الرئيس التونسي، قيس سعيد انطلاق الحوار الوطني لبحث إيجاد مخرج للأزمة الراهنة بأنه " كلام لا معنى له" على حد قوله. وكان نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد)، قد كشف أمس (الجمعة)، أن الرئيس قيس سعيد يشترط استقالة رئيس الحكومة، هشام المشيشي من منصبه لبدء الحوار الوطني الذي كان اتحاد الشغل قد دعا إليه لإخراج البلاد من أزمتها. وقال في حديث نشرته أمس صحيفة ((الصباح)) التونسية، إن "انطلاق الحوار الوطني بات مرتبطا، حسب ما يصلني من إشارات، باستقالة رئيس الحكومة، هشام المشيشي، من منصبه". واستدرك قائلا "...لكن نحن كاتحاد شغل، وانطلاقا من قناعاتنا ودورنا في إحداث التوازن بين مختلف الفرقاء، لا يمكن أن نطلب من طرف أن يستقيل...لا نستطيع أن نطلب اليوم من رئيس الحكومة أن يستقيل". وتعيش تونس على وقع أزمة حادة منذ إعلان رئيس الحكومة، هشام المشيشي عن تشكيل وزاري واسع شمل 11 حقيبة وزارية، رفضه الرئيس قيس سعيد، الذي امتنع عن قبول الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية أمامه رغم حصولهم على ثقة البرلمان في السادس والعشرين من يناير الماضي. وخلافا لما ذهب إليه رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، وقبله رئيس الحكومة، هشام المشيشي، اعتبر النائب البرلماني، منجي الرحوي، مساء اليوم أن الخروج من الأزمة الراهنة التي تعيشها تونس "يقتضي استقالة الحكومة، والذهاب إلى انتخابات برلمانية سابقة لأوانها". وقال في تصريحاته التي جاءت على هامش مشاركته في مسيرة احتجاجية نُظمت اليوم وسط العاصمة، إن البديل الذي يطرحه "يتمثل في التوجه نحو تنظيم انتخابات سابقة لأوانها في أفق سنة 2022 بعد تنقيح القانون الانتخابي وإعادة النظر في مسار الانتخابات ومرسوم الأحزاب وتمويلها وعلاقتها بالدعاية والإعلام لضمان انتخابات نزيهة وشفافة بصفة فعلية وتنقيتها من كل الشوائب". وأضاف " البرلمان الحالي غير قادر على إحداث كل هذه التغييرات في القانون الانتخابي وهو ما يجعل خيار الشارع هو الخيار الوحيد للضغط ولتغيير موازين القوى بين الشارع وبرلمان المهزلة الذي لا يُنتج سوى الفساد"، على حد قوله. وفي الأثناء، شهدت تونس العاصمة اليوم مسيرة غاضبة نظمتها 10 أحزاب هي التيار الشعبي، والتيار الديمقراطي، والقطب، وحزب العمال، والوطد الاشتراكي، وتونس إلى الامام، والمسار وحركة البعث، والحزب التونسي، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، وذلك للاحتجاج على منظومة الحكم الحالية. وشارك في هذه المسيرة المئات من الأشخاص الذين جابوا شارع الحبيب بورقيبة بوسط العاصمة، وكانت الأحزاب المذكورة التي دعت لهذه المسيرة، قد أكدت في بيان مشترك وزعته أمس (الجمعة)، أن الأزمة التي تعيشها تونس "زادت تفاقما وسط تزايد انتهاك سيادة البلاد وأمنها القومي واستقلالها، ما أدى إلى اندلاع احتجاجات عارمة شملت كل القطاعات والفئات".
مشاركة :