متظاهرون يقفلون طرقاً رئيسية في لبنان احتجاجاً على تدهور قيمة الليرة

  • 3/8/2021
  • 12:34
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

أقفل محتجون الإثنين طرقاً رئيسية في مختلف أنحاء لبنان، بينها غالبية المداخل المؤدية الى العاصمة، اعتراضاً على تسجيل سعر الصرف تدهوراً قياسياً مقابل الدولار وغرق البلاد في جمود سياسي من دون أفق. وعلى وقع شح السيولة ونضوب احتياطي المصرف المركزي المخصص لدعم السلع الاستهلاكية الرئيسية، ينبّه خبراء من أنّ "الأسوأ لم يحدث بعد"، في بلد يعيش أكثر من نصف سكانه تحت خط الفقر، فيما تعجز القوى السياسية عن تشكيل حكومة تمضي قدماً باصلاحات عاجلة لضمان الحصول على دعم المجتمع الدولي. وأفاد مراسلو ومصورو فرانس برس عن إقفال غالبية مداخل بيروت تحت شعارات عدّة بينها "يوم الغضب". وأضرم محتجون النيران في مستوعبات للنفايات وأشعلوا الإطارات. كما نصب عدد منهم الخيم في نقاط عدة على مدخل بيروت الشمالي. وأقفل محتجون، وفق الوكلة الوطنية للإعلام، طرقاً عدة جنوب بيروت أبرزها طريق المطار وفي مناطق عدة في الشمال خصوصاً طرابلس وفي البقاع شرقاً وفي جنوب البلاد، عمل الجيش تدريجياً على فتح عدد منها. وسجّلت الليرة في الأيام الأخيرة انخفاضاً قياسياً غير مسبوق منذ دخول لبنان دوامة الانهيار الاقتصادي قبل عام ونصف العام، إذ اقترب سعر الصرف مقابل الدولار من عتبة 11 ألفاً في السوق السوداء، التي يقول خبراء إنها "صغيرة نسبياً.. وعرضة للتلاعب والمضاربة". وقالت باسكال نهرا، متظاهرة شاركت في إقفال طريق رئيسي في منطقة جل الديب شمال بيروت، لوكالة فرانس برس "انتهى الأمر، لم يعد لدينا ما نخسره. حتى كرامتنا خسرناها". وأضافت بحرقة "تطال الأزمة المعيشية اللبنانيين والطوائف كافة (..) علينا العودة الى الشارع وإعادة إحياء ثورتنا". ويشهد لبنان منذ صيف 2019 أسوأ أزماته الاقتصادية التي أدت الى خسارة العملة المحلية أكثر من ثمانين في المئة من قيمتها مقابل الدولار، وفاقمت معدلات التضخم وتسبّبت بخسارة عشرات الآلاف وظائفهم ومصادر دخلهم. وتظاهر عشرات الآلاف من اللبنانيين بدءاً من 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019 احتجاجاً على تدهور الاقتصاد وقيود مصرفية مشددة. لكنّ تحركاتهم تراجعت تدريجياً على وقع تفشي فيروس كورونا ومن ثم تشكيل حكومة حسان دياب التي استقالت إثر انفجار المرفأ المروع في 4 آب/أغسطس. وقال المتظاهر أنطوني دويهي لفرانس برس "اليوم، أعدنا الثورة الى الشارع لسبب واحد هو أن الشعب والبلد مات وانهار". وتابع "إذا لم ننزل الآن ونواجه ونضحي، ستحكمنا هذه السلطة الفاسدة لثلاثين عاماً إضافياً". وعقد رئيس الجمهورية ميشال عون الإثنين اجتماعاً "أمنياً اقتصادياً مالياً" بحضور رئيس حكومة تصريف الأعمال والوزراء المعنيين والمسؤولين عن القطاعات المالية لبحث التطورات الأخيرة. ورغم ثقل الأزمة الاقتصادية، لم تثمر الجهود السياسية، رغم الضغوط الدولية، عن تشكيل حكومة جديدة. ويتبادل عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الاتهامات بالعرقلة وبوضع شروط مضادة. ويقول الباحث في الشؤون المصرفية والمالية محمّد فاعور لوكالة فرانس برس إن التدهور في قيمة الليرة "هو مجرد استمرار لاتجاه واضح نحو الانخفاض في سعر الصرف منذ بدء الأزمة وللتقاعس السياسي المزمن". ومنذ انفجار المرفأ الذي أودى بحياة أكثر من مئتي شخص وتسبب بإصابة الآلاف بجروح ودمار عدد من أحياء العاصمة، يكرر المجتمع الدولي لا سيما فرنسا، التي زار رئيسها إيمانويل ماكرون بيروت لمرتين، مطالبة القوى السياسية بتشكيل حكومة وتنفيذ اصلاحات ملحة لوضع حد للتدهور والمساهمة في إخراج البلاد من مأزقها، مقابل دعم مالي. لكن القوى السياسية لم تحرك ساكناً بعد، ما يفاقم غضب اللبنانيين. وربطت تقارير اعلامية بين ارتفاع سعر الصرف وانتهاء مهلة نهاية الشهر الماضي حددها مصرف لبنان للبنوك من أجل تحقيق شروط عدة على رأسها زيادة رأسمالها بنسبة عشرين في المئة وتكوين حساباً خارجياً حراً من أي التزامات لدى بنوك المراسلة لا يقل عن ثلاثة في المئة من مجموع الودائع بالعملات الأجنبية. ويقول الخبير والاستشاري المالي مايك عازار لفرانس برس إن "الإصلاحات المطلوبة تمسّ مباشرة بنظام الزبائنية التابع للفرقاء السياسيين، الذي يتغذى من القطاع العام"، موضحاً أنه من شأن أي "هيكلة للقطاع المصرفي أن تضع جزءاً من العبء على المساهمين في المصارف وكبار المودعين، وهما فئتان مؤثرتان سياسياً". ويوضح "من الأسهل على القادة السياسيين عدم فعل أي شيء وتحميل الناس الخسائر تدريجياً، وحكم بلد أكثر فقراً، بدلاً من إجراء أي من الإصلاحات". وعلى وقع انهيار الليرة، شهدت محال بيع المواد الغذائية حوادث صادمة في الأيام الأخيرة، تخللها صدامات بين مواطنين لشراء ما توفر من سلع مدعومة. وحذّر مرصد الأزمة في الجامعة الأميركية في بيروت، وهو مبادرة بحثية تهدف الى دراسة تداعيات الأزمات المتعددة وطرق مقاربتها، في تقرير الإثنين من أنه و"إن ظهرت تداعيات انهيار قيمة الليرة جلياً في تدهور القدرة الشرائية للبنانيين والمقيمين في لبنان، وما يرافق ذلك من تنافس محموم وأحياناً عنيف على ما يعرض من سلع وبضائع مدعومة في بعض المحلات، فأن الاسوأ لم يحدث بعد". ويتزامن اقفال الطرق الإثنين مع دخول لبنان المرحلة الأخيرة من تخفيف قيود الإغلاق المشدد المفروض منذ منتصف كانون الثاني/يناير في محاولة للحد من التفشي المتزايد لفيروس كورونا. وناشدت شركة كبرى للأوكسيجين في لبنان المواطنين "تسهيل مرور شاحناتها على جميع الطرقات لتلبية حاجة المستشفيات للأكسيجين الطبي للضرورة الإنسانية خصوصاً خلال جائحة كورونا" التي تكافح السلطات للحدّ من تداعياتها.

مشاركة :