قالها الملك منذ شهور: نريد مسؤولين في الميدان، وفيما كانت التوجيهات الملكية، تتبخر في البحث عن النجومية وتوالي الخيبات، ولا تجد الاستجابة الكافية، للأسف، فكان يحدث الخلل تلو الآخر، فقد ابتلينا بنقص في اداراك المسؤولية، وعدم القدرة على إدارة منشأة صحية في السلط. والخلل يتكرر، كل مرة، ولا يحدث عقاب يوازي الاخطاء.أمس لملم جلالة الملك مصاب أهالي السلط الكبير، غضب ملكي كان لا يُخفى، والمصيبة أن إدارة المستشفى كانت تجادل بحجج واهية، فانحاز الملك للناس، وقال ما قاله لمدير المستشفى من وجوب تقديمه استقالته.ليس لدينا شكّ في أنّ الملك يولي كل اهتمام للخدمات العامة وتحسين حياة الناس، لكن هناك من خذلنا، وخذل الملك والبلد معاً.الصديق محمد العقيلي كان يعالج نسيبه في مستشفى السلط مثله مثل كل المخذولين نقل نسيبه من الكرك للسلط، ليصحوا صباح الجمعة على طلب نسيبه اخراجه واعادته للكرك كي لا يموت كمن مات، وروى لي هو الفاجعة. ليل السبت سألته لماذا نسيبك يعالج بالسلط وليس في الكرك؟ قال لأنه اراد تركيب شبكية، ولا يوجد خدمة جراحية للقلب في الكرك! تصوروا ذلك، المستشفى الحكومي في الكرك أيضا بحالة سيئة وقلة كوادر، وربما مستشفى عجلون والمفرق كذلك، فلا جراحة ولا اختصاص، هذا قبل أن نصل لمرحلة الاكسجين.كم على الملك ان يزور من مستشفى؟، وقد واظب منذ تسنم مقاليد الحكم على زيارات عديدية لمستشفى البشير، وربما كل المستشفيات في حالة مشابهة، نحن لا تنقصنا المباني وولا القدرات، لكننا ابتلينا بادارة شأن عام لا تعرف معنى خارطة الوطن وفقره وعوز الأهل فيها.نعم تم تفكيك القطاع العام وتهريب الكفايات، وانتهينا إلى اللاشيء، كيف لمستشفى يبنى بكلفة 90 مليون لا يتم تركيب محطة توليد غاز اكسجين وغيرها من الغازات له؟ علما ان كلفة المحطة لا تتجاز مليونا ونصفا!الجواب، لأن القطاع الخاص والشركات الموردة، لها محاسيب في كل عطاءات الدولة، وتحب ابقاءها في السوق، ولأنه الاهمال عن إدارة التفاصيل هو علة العلل.لقد خذلوا ملكا لا يكل ولا يمل عن السعي لجلب كل قرش لهذا الشعب الوفي له، هذا الشعب الذي لا ذنب له، يغضب لاي بلد عربي تصيبه مصيبة كما لو انها عندنا، ويجيش بعواطفه ويبكي من جبر خاطر الملك لهم، وقد شاهدنا ذلك في البقاء امس حين امر الملك مدير المستشفى بالاستقالة.نعم خذلوا الملك، حين التهوا بمعارك صغيرة، وحين قادونا للافلاس، وجاءوا بالمحاسيب والاصدقاء لإدارة الشأن العام، وها أمر منذ سنوات وما زال مستمرا.نعم خذلوا الملك وخذلونا معه، حين وجدنا كل مستشفى جديد يخلو من محطة توليد ذاتي لانتاج حاجيات المستشفيات من الغازات.نعم خذولنا جميعا، حين راح البعض يتملص ويرمي بالمسؤولية عن ظهره، ويتذرع باسباب واهنة.نعم كانت الخيبة اكبر من ان تحتمل، ورحم الله من تولاه الله، ومن رفعت روحه وهو ينازع الحياة لاجل قطرة ماء او نفخة اكسجين.اسبوع ونحن نشهد ارتفاع الاصابات، ومعنى هذا ضغط، ومعنى هذا أن اي منشأة يجب ان تعد خطة تستجيب للضغط. لكن لا حياة لمن فقد القدرة والحس بالقيادة من أن نناديه.كيف نتصور أبا من ابائنا الذين توفوا وهو يعاني الكورونا، وفجأة يبدأ بفقدان الحياة لان الاكسجين بدأ بالنفاد، يا لهول المشهد ولا للفضيحة والخزي، وتبا لمن كان المسؤول مهما كان موقعه.(الدستور)
مشاركة :