هل نحن مجتمع شتّام؟

  • 7/24/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

المتتبع العاقل لوسائل التواصل الاجتماعي سيصاب – لا شك – بالدهشة والصدمة والحسرة أيضًا على لغة التواصل والتخاطب التي تتم ما بين العرب فيها. فلا يكاد يُطرح خبر أو يقال رأي إلا وتبعه سيل جارف من الشتائم المتبادلة ما بين أصحاب الآراء المتباينة والمنقسمة حول هذا الخبر أو ذلك الرأي، الاختلاف هو باب الثراء المعرفي والعلمي الأول لدى البشر، وإن لم يكن كذلك لدى العقلية العربية التي لم تقبل الاختلاف يومًا، فإنه لم يكن بابًا للشتم وللسباب وللقذف، كما حاله اليوم فيما بين العرب من خلال وسائل التواصل. لم تعرف عقليتنا العربية ثقافة الاختلاف جيدًا، ولم نمارسها كما يليق بها طوال تاريخنا تقريبًا، فلطالما كنّا إقصائيين وحادّين في رؤانا لأنفسنا وأفكارنا وفي تعاطينا مع الآخر المختلف معها، لكننا إطلاقًا لم نكن مبتذلين في لغة اختلافنا كما هو حالنا اليوم في وسائل التواصل.. فلماذا؟. هل منظومة القيم الاجتماعية والأخلاقية لدينا هشّة بالأصل إلى درجة تحطّمها بالكامل بمجرد انفتاح البيئات واتساع مساحات الحوار والتواصل؟، هل تضاعف في عقولنا مفهوم الإقصاء بعصر الانفتاح والمعرفة الذي يشهده العالم فأصبحنا نضيق ذرعًا بمن يختلف معنا ولو برأي تافه صغير فنغرقه بما يوجع من كلام؟، هل نحن حاقدون على الآخر – أي آخر – ونتحيّن الفرصة أو نختلقها لنختلف معه فنشتمه ونهينه لنرضي شيئًا ما بأنفسنا؟. كثيرة هي الاحتمالات والتساؤلات الباحثة عن إجابات قادرة على تفسير ما يدور في وسائل التواصل من انحطاط في مضمون الحوار، وبذاءة في المفردة وفي الجملة المستخدمة فيه، تحتاج إلى وقفة علمية ومعرفية حقيقية ودراسات تحليلية قادرة على التشريح والتفسير ومن ثم تقديم الحلول لاحتواء هذا السلوك، إن كان ثمة قدرة على الاحتواء.

مشاركة :