«وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر»

  • 4/14/2020
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

في الحياة نعيش بسلام، فتبقى العلاقات في حدود الركود، ويبقى معها الأشخاص في منطقة محايدة، في الرخاء لا ينتظر المرء من الآخرين أكثر من المؤانسة والمجالسة، فدعة العيش، والسلامة من كرب الزمان، وحيف الليالي، تجعل من التفكير في معادن الناس أمرًا غير ذي بال. مسيرة الحياة حافلة بجملة من المصادفات، لا يمكن التنبؤ في مآلاتها، ولا التيقن من اتجاه مساراتها، فالكل معها كحاطب ليل. في حياة كل منا تطرأ صعوبات، وظروف، وقد تتفاقم إلى معاناة، حين تلتهمنا ظلمات المعاناة، وتقف الدنيا بوجهها القبيح، تقدح في سماء الذاكرة وجوه، فتصرخ العروق بأسمائهم، وكأنها تناديهم بشطر أبي فراس الحمداني «وفي اللية الظلماء يفتقد البدر». لا تطيب الحياة ولا تكمل إلا بوجود أولئك العظماء في حياتنا، الذين ينطبق عليهم شطر أبي فراس الحمداني «سيذكرني قومي إذا جَدَّ جَدُّ هُمُ» ففي الملمات يتلاشى كل من حولنا، ويسطع العظماء، الذين يشبهون الشمس، فينيرون دروبنا بحضورهم، ويعضدوننا بصدق عواطفهم، ونأنس بدفء مشاعرهم، ونتقوى بكرم أيديهم، ونهنأ بصلابة ثباتهم، فالوفاء في الملمات، لا يقدر عليه كل أحد. إنها النفوس العظيمة وحدها، ذات الهمم العالية، والمعدن الكريم، الذي لا يعترف بموازين الربح والخسارة، بل يسمو في نظرته للحياة «وتصغر في عين العظيم العظائم» فأصحاب النفوس العظيمة يندرج عليهم قول المتنبي «على قدر أهل العزم تأتي العزائم … وتأتي على قدر الكرام المكارم».

مشاركة :