الكفيل وسوق العمل

  • 11/23/2013
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

هناك شبه اجماع في المجتمع السعودي على أن ترحيل العمالة المخالفة هو شيء ايجابي. ولكن هذا الاجماع لا يمكن أن يطمس اختلاف التقييمات لهذه الحملة التي نأمل أن تتواصل. فمن الواضح أن المجتمع السعودي يتطلع، مثلما رأينا وسمعنا، إلى ترحيل العمالة الوافدة من زوايا مختلفة. وهذا أمر طبيعي فمصالح كافة فئات المجتمع، أي مجتمع، لا يمكن أن تكون واحدة. وقد أشرت في مقال سابق إلى أن الاهتمام بتطوير سوق العمل في المملكة يفترض أن لا يقتصر على معالجة الخلل الواقع في الطرف الثاني من المعادلة ألا وهو جانب الطلب الذي يمثله أصحاب العمل- رغم أهمية هذا الجانب. فالسوق أي سوق حتى يتم ضبطها لا بد من معالجة الخلل الواقع فيها من كافة أوجهه. وهذا يعني عدم اهمال تنظيم الجانب الأول وهو العرض. فنحن لدينا على طرفي العرض والطلب اللاعبون مختلفون. وكل طرف في هذه المعادلة له مصالحه وأوراق الضغط الخاصة به كل حسب موقعة ومكانته. ولذا فعندما نبادر إلى تنظيم آلية دوران سوق العمل ممسكين فقط بأحد أطرافها ألا وهم أرباب العمل السعوديون فإننا نحل نصف المشكلة أو ربعها أو ربما أقل. فأرباب العمل بالتأكيد لديهم مصلحة في توفر العمالة الرخيصة وبغض النظر عن الجنسية. وهذا أمر لا يقتصر على السعوديين وحدهم وإنما يخص أي رجل أعمال في الدنيا. فنظام المستعمرات الذي استعبد النصف الجنوبي من الكرة الأرضية لم ينشأ أصلاً إلا بهدف البحث عن اليد العاملة والموارد الرخيصة. وإذا أردنا الحقيقة فإني لم أر حتى الآن أن هناك اهتماما كافيا بمعالجة الطرف الأول من المعادلة. وأعني به الجهة الذي تستقدم العمالة من الخارج دونما مراعاة لحجم الطلب عليها في الداخل. وربما يعود السبب إلى أن المشاركين في هذا الجانب من المعادلة هم أطراف غير واضحة ولا يمكننا أن نراهم على السطح. فمن يكونوا يا ترى هؤلاء المتخفين؟ أعتقد أن الكل يعرفهم وأن كان لا يراهم. فالمشاركون في هذه العملية هم طرفان: ميسروا استخراج التأشيرات من خلال الالتفاف على القوانين بل ومخالفتها والضرب بها عرض الحائط وكذلك الكفيل الذي لا يملك شركة أو مؤسسة. وهذا الأخير يمارس نشاطه أيضاً في الخفاء لأن التستر في المملكة هو كذلك محظور ومحارب. فهذا الأخطبوط الطفيلي الذي يندمج أحياناً في شخص واحد وجهة واحدة هو أساس المشكلة. والمشكلة الأساسية أن هذا الطرف، الذي يساهم في زيادة عرض قوة العمل في السوق دونما مبرر اقتصادي، لا يقوم ولا يشارك في إنتاج أي قيمة مضافة. فهو يقتات على القيم التي ينتجها الآخرون. وإذا كان أصحاب الأعمال يستفيدون من فتات هذا الفيض في العمالة فلا يعني ذلك أنهم هم أساسها. مشكلة أصحاب الأعمال أنهم الطرف الظاهر على السطح الطرف العلني في المعادلة الصعبة. ولذلك فإنه ما لم يتم محاربة الطرف الخفي من هذا العملية فإن أحد لا يمكنه أن يضمن أن المسألة سوف لن تتكرر من جديد خلال السنوات القادمة.

مشاركة :