كفاكم إسرافاً.. هناك محتاجون - عبدالرحمن بن عبدالعزيز الهزاع

  • 9/20/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

التفاوت بين الناس أمر وارد لا يمكن إنكاره وهو من سنن العيش والحياة في كل المجتمعات، وهذا التفاوت ليس قصرا على ناحية دون أخرى، وليس في مستوى واحد بين كافة الفئات، ويشمل كثيرا من مقومات الحياة ومنها المال والمسكن والمأكل. هناك أيضا تفاوت أيضا في مستويات التعليم والمراكز الوظيفية.. وغيرها كثير. نحن هنا لا نختلف ونؤمن بأن الله سبحانه وتعالى هو المعطي لمن يشاء من عباده وأنه سيسأل عبده عن كل شيء أعطاه. ما يستوقفنا في بعض الأحيان هو مشاهد وتصرفات يقوم بها البعض على نحو يتجاوز الحد ويثير ردة فعل سلبية لدى كثير من فئات المجتمع وأفراده. هذه التصرفات لا نجد لها تفسيرا سوى المباهاة والمفاخرة بين الآخرين على نحو لا يقبله العقل، والشواهد خير دليل على ما نقول. في الأيام القليلة الماضية تداولت وسائل التواصل الاجتماعي مشهدين يجسدان إلى أي مدى بلغ بالبعض منا حد الإسراف والمباهاة بنعمة المال والثراء. المشهد الأول كان لمزاد على لوحة سيارة يرى من تنافس على شرائها أنها مميزة بحروفها أو أرقامها، وقد تبارى المتنافسون في رفع قيمة اللوحة إلى أن وصلت إلى 650 ألف ريال وبيعت بهذا السعر.. المشهد الثاني كان في الأحساء لمزاد على ثلاثة كراتين تمر تم بيعها ب 90 ألف ريال، وقد قدّر بعضهم سعر التمرة الواحدة بسبعة ريالات. لا أدري عندما أضع لوحة بهذه القيمة المبالغ فيها على سيارتي هل ستضيف لشخصي شيئا آخر، أم هل ستعمي عني كمرات ساهر، أم هل ستغير لون الإشارات من الأحمر إلى الأخضر ساعة وصولي إليها؟ أما التمرة ذات السبعة ريالات فهل ستكون دواءً شافياً من كل الأسقام وتغني آكلها عن زيارة الطبيب وتناول الأدوية؟ بطبيعة الحال العقل والمنطق يقول لا شيء من ذلك سيحصل وسينتهي الأمر إلى تصرفات لا وجاهة لها إلا الإسراف والمبالغة والمباهاة أمام الآخرين. الله عز وجل أوضح أن المال زينة لنا فقال: "المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير"، ولكنه في موضع آخر نهى عن الإسراف والتقتير ووجه سبحانه وتعالى بالتوسط في الأمر فقال: "والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما". دعونا نتخيل أن تلك المئات من الألوف من الريالات التي دُفعت في شراء لوحة وثلاثة كراتين تمر قد تم صرفها في أوجه خيرية فكيف سيكون الحال؟ بهذه المبالغ يمكن أن نُعِيل عشر أسر متوسطة لمدة سنتين بمعدل ثلاثة آلاف ريال شهريا لكل أسرة، كما أنها يمكن أن تصرف على عشرة من شبابنا أو شاباتنا من العاطلين لمدة ثلاث سنوات بمعدل ألفي ريال شهريا لكل واحد أو واحدة إلى أن ييسر الله لهم باب رزق يكتسبون من ورائه. يامن تجاهرون بأموالكم وثرائكم اعلموا أن المال نعمة من نعم الله، والواجب يحتم عليكم وضع هذه النعمة في موضعها، ونحن أمة وسط وهبنا الله فطرة وإدراكا نستطيع من خلالهما أن نعرف مناحي الإسراف والتبذير ونتجنبها، ونحمد الله الذي منّ علينا بكرمه وجوده وغيرنا نشاهدهم في ضيق يبحثون عمّا يسد رمقهم في حاويات النفايات، والسعادة تغمرهم عندما يعثرون على كسرة خبز يابسة أو حبات رز متناثرة.

مشاركة :