مشروع فنى كامل لا يمكن فصل فنه عن إنسانيته، لذا إذا شرعت في الحديث عنه، لا بد أن تكتب حرفا عن ريشته وحرفا عن قلبه، فرسالته تجاوزت مرحلة الإبداع والثقافة، إلى الحد الذى جعل منه صانعا لأجيال تتميز بالنضوج الفنى والخلط بين الفن الأكاديمى وأساليب التجريد. كتلة من الطاقة ومنبع مشع للإلهام، إتقانه في كل عمل كالنبتة التى تكبر يوم بعد يوم لتزهر بألوان تضيف للفن التشكيلى بصمة جديدة تزلزل الأفكار والمعانى. خادم للفن بكل تفان وإخلاص، كان من الجماعات الفنية التى تنادى بالتجديد والابتكار في العمل الفنى، جامعًا بين البساطة والصدق والإخلاص في تنفيذ العمل، مما جعل لوحاته مشحونة بالتعبير الحر واختزال التفاصيل، تاركًا فراغا أبيضا رقيقا بينها وبين مساحات الألوان الداخلية للجسم ويقوم مقام الضوء وكأن الضوء يشع من داخل الجسم. هو الفنان حامد صقر، المولود في الخامس من يوليو عام ١٩٤٥ في محافظه كفر الشيخ. حصل على كالوريوس كلية الفنون الجميلة قسم تصوير عام ١٩٧١ جامعة حلوان، عملَ مدرسًا في الجامعة فور تخرجه من الكلية لكونه الأول على دفعته بدرجة الامتياز مع مرتبة الشرف، حصل على درجه الماجستير فنون جميلة عام ١٩٧٩. ثم حصل على درجه الدكتوراة في فلسفة الفنون وواصل مسيره تدريسه لطلابه إلى أن وصل لدرجة أستاذ مساعد عام ١٩٩٦، وتدرج إلى ان وصل لدرجه الأستاذية ٢٠٠٣، وأصبح أستاذ متفرغا بقسم التصوير بكليه الفنون الجميلة جامعة حلوان. عمل كعضو هيئه تدريس ورئيس لقسم التربية الفنية بكليه المعلمين بعرعر بالمملكة العربيه السعودية من عام ١٩٩١ حتى ١٩٩٧، وكان للصحافة جزءً هام في حياته، حيث عمل رسام illustration، وامتاز بدرجه عاليه في هذا الإنتاج الفنى التى تميز بقوة خط الرسم والدقه المتناهية التى أبرزت مدى قدرته على التعبير. قدم للفن عده تجارب تصويرية أكاديميه في غاية الروعة والتباين يظهر فيها روح الفنان تميز بدقة الرسم والإتقان في العمل الأكاديمى، إلى ان بدأ رحلته في التجريد والبعد عن الواقع وبدأه المرئيات مما تراه العين من اضواء وظلال ومعان ضمنيه، إلى ألوان تبوح بأسرار ما بداخله تظل تفكر في عمقها وإلى أين تذهب بخيالك، وماهى هذه القدرة على التعبير عما بداخلك عبر ألوان راقية تحمل معانٍى تشبع العين وتشم نسيمها الروح. أقام معرض (أعماق) بقاعه العرض الكبرى بكلية فنون جميلة بالزمالك عام ١٩٩٠ الذى لقى إقبالًا كبيرا وأثار صدى عال في قطاع الفنون، ثم أقام معرض (سياحة كونية ) بقاعه العرض بقصر ثقافة المنيا ١٩٩١، ومعرض ( أجواء تصويرية ) حيث أقيم بكلية الفنون الجميله يوجهنا إلى الكيفية التى نستقبل بها لوحاته والاتجاه الذى اختاره، واختار ذلك العنوان للتركيز على فن التصوير باعتباره فنًا له استقلاليته وتميزه عن سائر الأنشطة المهنية المختلفة، وشهد ذلك المعرض دقة العنوان المختار حيث دعا صقر مباشرة لتأمل جوهر فن التصوير وهو الجوهر المترسخ كالجبال لا يهزه اختلاف مدارس الفن وتاريخها على مر الزمان موضحًا الدرجات الضوئيه والظلال. قدم العديد من المعارض التى تركت بصماتها بمعانيها المختلفة ( تنويعات لونية ) و( دراما تصويرية ) بقاعه العرض بكليه الفنون الجميله بالزمالك عامى ٢٠٠٠ و٢٠٠١ وقاعة قرطبة للفنون بالمهندسين عام ٢٠١٠. كان رحمه الله عليه، له علاقة من نوع مختلف مع طلابه شديد الرهافة والصدق ولديه طريقة مميزة في تدريس الفنون عن بقية الأساتذة، كان يهتم بالجوانب الإنسانية بشكل كبير إذ كان يؤمن أنك لن تكون فنان صادق إلا إذا كنت إنسانا حقيقيا، والمبدع الحقيقى لا بد أن يكون على قدر كبير من الإنسانية. وكان يوجه ويعلم بشكل غير مباشر وبذكاء شديد حيث تصل المعلومة وتظل في ذاكرة ووجدان الطالب دون إجبار أو معاناة، ودائم التشجيع على الإهتمام ببقية الفنون مثل الشعر والموسيقى، وكان الأتيليه الخاص به في المبنى الخشب بكليه الفنون الجميله ملتقى الفن والإبداع، فكثيرا ينفرد بطلابه ساعات طويلة بعد انتهاء الدراسة بمنتهى الحب والشغف يقص حكاياته في الفن والحياة. وكان للموسيقى والغناء والشعر دور كبير في هذه اللقاءات فبعد انتهاء الدراسة كان الفن هو ما يشغل الجميع، وكان تأثيره كبيرا على طلابه سواء في كلية فنون جميلة من دفعات إعدادى فنون، أو في طلابه من القسم الحر، فهو لم يكن يعاملهم كمدرس فقط كان يعاملهم كأب وفنان ومعلم من طراز فريد.
مشاركة :