ارتفعت أسعار النفط الخام أمس بعد بيانات إيجابية في الصين تؤكد تعافي الطلب على النفط الخام من خلال زيادة الواردات النفطية الصينية إلى أعلى مستوى في أربعة أعوام وهو ما يعكس التقدم الإيجابي في نشر لقاحات كورونا على المستوى العالمي. ويتمتع الطلب الآسيوي بأجواء ومعنويات إيجابية مع انتشار اللقاحات وزيادة الآمال في تعاف سريع من جائحة كورونا بينما تواصل مجموعة "أوبك+" تقييد المعروض النفطي وتستعد لاجتماع تشاوري لمراجعة أساسيات السوق بحلول نهاية الشهر الجاري كما تراعي ارتفاع الطلب الموسمي والاستهلاك المحلي في فصل الصيف. وقال لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون "إن مجموعة "أوبك+" ستعزز المعروض النفطي بشكل تدريجي بدءا من أيار (مايو) المقبل وهو ما يلبي طموحات المستهلكين خاصة الهند التي طالبت المجموعة مرارا بزيادة الإنتاج"، لافتين إلى أن السعودية ستقوم بتوريد جميع كميات النفط الخام الذي طلبته مصافي التكرير في الهند وخمسة عملاء آسيويين آخرين على الأقل الشهر المقبل، وذلك في إطار تنفيذ اتفاق تخفيف قيود الإنتاج وإنهاء التخفيضات الطوعية السعودية. وأكد سيفين شيميل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية أن تعافي الطلب الآسيوي يعطي زخما قويا للسوق ويزيد الآمال في تجاوز أثار الجائحة والعودة إلى المستويات الطبيعية للطلب في سوق النفط الخام خاصة بعدما كشفت أحدث الإحصائيات عن ارتفاع الواردات النفطية الصينية إلى أعلى مستوى في أربعة أعوام علاوة على تسجيل زيادة بأكثر من 20 في المائة في شهر آذار (مارس) الماضي. وأوضح أن شهر أيار (مايو) المقبل سيشهد زيادات تدريجية في إنتاج المجموعة تتبعه زيادات مماثلة في شهور الصيف التالية، ما يمضي بالإمدادات النفطية على طريق التعافي بعد فترة طويلة من الانكماش الحاد لمواجهة حالة ضعف الطلب بسبب تفشي وباء كورونا، مبينا أن السعودية تتوقع انتعاش الاستهلاك على نحو أكثر في النصف الثاني من العام الجاري. من جانبه، قال روبين نوبل مدير شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات "إن تعافي الطلب الصيني تدريجيا جاء في توقيت مهم لإنعاش الأسعار ولتعويض الأزمة التي يواجهها الطلب في الهند نتيجة تجدد الإصابات المرتفعة بالوباء ودخول مصافي التكرير الهندية في ذروة موسم الصيانة ما جعل الكمية الشهرية المطلوبة من واردات النفط الخام أقل من المتوسط". وذكر أن عودة المكاسب السعرية لخام برنت الذي تجاوز 60 دولارا للبرميل يرجع في الأساس إلى تعافي الاستهلاك عالميا واستمرار قيود العرض من قبل مجموعة "أوبك+" على مدار نيسان (أبريل) الجاري وذلك قبل العودة إلى زيادات محسوبة وتدريجية بدءا من الشهر المقبل. من ناحيته، أوضح ماركوس كروج كبير محللي شركة "إيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز أن البيانات الأمريكية والصينية جاءت داعمة بشكل كبير لتعافي سوق النفط الخام ومعززة نحو استئناف المكاسب السعرية خاصة بعد تأكيدات جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي أن الاقتصاد الأمريكي يستعد لنمو أقوى مع استمرار التحذير من أن الوباء لا يزال يمثل تهديدا خاصة في دول الاتحاد الأوروبي والهند وهو ما يمثل موجة جديدة من الجائحة ترهق بالفعل الأنظمة الصحية في أغلب دول العالم. وذكر أن التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط ما زالت مستمرة ولها تأثيرات مباشرة في استقرار سوق النفط الخام خاصة حالة الاستهداف المتكرر للمنشآت النفطية السعودية بشكل مباشر من ميليشيا الحوثي الإرهابية، مشيرا إلى قدرة السعودية الواسعة على تأمين منشآتها وضمان استقرار وأمن الامدادات النفطية والتغلب سريعا على تداعيات تلك الحوادث. بدورها، قالت نينا إنيجبوجو المحللة الروسية ومختص التحكيم الاقتصادي الدولي "إن سوق النفط الخام في حالة ترقب وعدم يقين وتتطلع إلى مزيد من المحفزات التي تساعد على تسريع خطة التعافي ولعل أبرزها في المرحلة الراهنة هي وتيرة التطعيمات المتسارعة التي يأمل كثيرون في أن تؤدي إلى قيود أقل على حركتي النقل والسفر وتدعم الطلب على النفط وتعزز نمو الأسعار". وأكدت وجود مؤشرات قوية على إعادة الانفتاح المتسارع في الولايات المتحدة وهو ما يدعم الاستهلاك كثيرا وتحديدا ما يتعلق بعودة حركة السفر بالطيران التي سجلت بالفعل أعلى مستوى لها في عام في الولايات المتحدة في آذار (مارس) الماضي، مبينة أن العرض من النفط الخام أيضا يواجه نموا بسبب عودة نشاط بعض الدول المعفاة ونمو نشاط الحفر الأمريكي مجددا. وفيما يخص الأسعار، ارتفع النفط أمس، إذ أظهرت بيانات من الصين زيادة في نمو واردات ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، ذلك إلى جانب توتر في منطقة الشرق الأوسط. وبحسب "رويترز"، فإنه بحلول الساعة 03:56 بتوقيت جرينتش، كانت العقود الآجلة لخام برنت مرتفعة 31 سنتا، بما يعادل 0.5 في المائة إلى 63.59 دولار للبرميل، في حين زادت العقود الآجلة للخام الأمريكي 28 سنتا، أو 0.5 في المائة إلى 59.98 دولار للبرميل. زادت صادرات الصين بأسرع وتيرة في آذار (مارس) في دفعة جديدة لتعافي البلاد الاقتصادي مع تنامي الطلب العالمي في ظل التقدم على صعيد التطعيم بلقاحات كوفيد - 19 في أنحاء العالم، بينما قفز نمو الواردات إلى قمة أربعة أعوام. وقال ستيفن إنز كبير محللي الأسواق العالمية لدى "أكسي"، "البيانات تشير إلى تعاف محلي قد يكون أمرا إيجابيا بالنسبة إلى الطلب على البنزين. وارتفعت أسعار النفط نفسها بعد الإصدار". وما دعم الأسعار أيضا، من المتوقع أن مخزونات النفط الخام الأمريكية انخفضت في الأسبوع الماضي للمرة الثالثة على التوالي، في حين من المرجح زيادة مخزونات البنزين ونواتج التقطير، وذلك وفقا لاستطلاع رأي أولي أجرته "رويترز" أمس الأول. من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 61.46 دولار للبرميل أمس الأول مقابل 61.14 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس "إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع عقب انخفاض سابق، كما أن السلة خسرت بضعة سنتات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 61.70 دولار للبرميل".
مشاركة :