سـرديـات.. تيري إيغلتون وفلسفة الفكاهة... الضحك في منظوماتها الفلسفيةّ الكبرى!

  • 4/24/2021
  • 09:19
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تيري إيغلتون Terry Eagleton (1943_) هو أستاذ نظرية الأدب بجامعات مانشستر وأوكسفورد ولانكستر، ويعد من أهم النقاد المؤثِّرين في العالم من خلال مشروعه النقديّ الذي ناهز الأربعين كتابا تُرجِمت بعضها إلى لغات عالميّة حية. ولقد أسهمت خلفية تيري إيغلتون الماركسية في اشتغالاته النقدية في مجال الماركسية البنيوية. لقد برز تيري إيغلتون، كما يذكر رامان سلدن، بكونه منظرًا متبنيًا أفكار التيار الماركسيّ في كتابه «النقد والأيديولوجيا». وهو يرى أنَّ النصوص الأدبيّة لا تعكس الواقع التاريخيّ بل تمارس عملها على الأيديولوجيا لتنتج تأثرًا بهذا الواقع. ولا تشير الأيديولوجيا في هذا السياق إلى النظريات السياسيّة الواعية بل إلى كلِّ الأنساق الذهنية (الجماليّة والدينيّة والتشريعيّة وغيرها) التي تتشكّل منها الصورة العقلية للتجربة الحية عند الفرد.   ويعد كتاب إيغلتون «فلسفة الفكاهة» الصادر عن جامعة ييل الأمريكيّة واحدًا من أبرز المقاربات النقدية التأسيسيّة في فلسفة الضحك، وهو كان مسبوقًا بمقاربات كلٍّ فردريك نيتشه وفرويد وفلاديمير بروب، وميخائيل باختين، وهنري بيرغسون وميلان كونديرا وغيرهم. وفي كتاب الضحك والنسيان «يقتبس الروائيّ التشيكيّ ميلان كونديرا هذا الموضوع عن النسوية الفرنسية آني لوكليرك» رشقات من الضحك المتكرر، المتسارع، الضحك الحر، الضحك الجليل، المتكبر والغاضب...ضحك المتعة الحسية؛ أن تضحك هو أن تعيش بعمق. وعلى الرغم من كون كتاب «فلسفة الفكاهة» هو كتاب تنظيريّ نقديّ في الأساس إلا أنَّ إيغلتون ينسج كتابه ليأخذ طابعًا سرديًا متدفقًا وهو ما يجعل هذا الكتاب سهل المقروئية، وليس بالطابع الفلسفيّ العسير المتعسِّف النخبويّ. خمسة فصول هي فصول هذا الكتاب الفلسفيّ الاستثنائيّ هي: عن الضحك، المتهكمون والهازئون، التناقض والتنافر، الفكاهة والتاريخ، مبادئ الفكاهة. يقول إيغلتون: يعوض الضحك قليلا عن حقيقة فنائنا، كما هو الحال في عجزنا العام أيضًا. لاحظ فردريك نيتشه أنَّ الإنسان هو الحيوان الوحيد القادر على الضحك لأنَّه يعاني بوحشية ويحتاج إلى أن يحلم بهذه المسكنات اليائسة بسبب معاناته. هناك أيضًا مسألة رغبتنا اللاشعورية لما نخشاه، ما يدعوه فرويد بدافع الموت الذي يحطم المعنى والقيمة، وهو بذلك مرتبط بهذه الفوضى العابرة  للحواس التي تُعرف باسم روح الدعابة، مثل الفكاهة، تُحرف هذه الطاقة الشهوانية الإحساس، وتدحض التراتبية، وتدمج الهويات، وتبعثر الوجهات، وتستمتع بانهيار المعنى. ويفكِّك تيري إيغلتون في هذا الكتاب المقاربات النقديّة التي سبقت كتابه، وخاصة مقاربات ميخائيل باختين عن ظاهرة «الضحك الكرنفاليّ» والكوميديا الاحتفاليّة، ويبرز إيغلتون كم التناقضات الكبرى في  نظريات الضحك  الفلسفيّة، ولكنه يبين في الوقت نفسه الأسئلة العميقة التي أثارتها للتأمّل في ظاهرة إنسانيّة صميمة هي ظاهرة «الضحك» التي تشترك فيها الجماعات الإنسانيّة جميعها رغم اختلاف أعراقها الإثنية وأنساقها الحضارية والثقافية، ورغم اختلاف رؤيتها للعالم والكون. أستاذة السرديات والنقد الأدبي الحديث، كلية الآداب جامعة البحرين.

مشاركة :