يرى الحكيم ماركوس أوريليوس أن الحياة رخيصة وفانية، كما أنها زائلة وتافهة، لا يوجد بها ما هو جدير بأن يكون ثمينًا ونفيسًا، وعلى الإنسان أن ينظر إلى كل ما يمتلكه فسوف يجد أن كل هذه الأشياء متاحة للكذابين واللصوص وأيضا للعاهرة، وعلى الإنسان أن يرقب أخلاق بقية الناس من حوله فسوف يجدها غير محتملة، فإذا كان ما يملكه زائل، ومتاح حتى لأدنى الناس أخلاقًا، فما هو الجدير بالسعي في الحياة؟ يقول "ماركوس" خلال كتابه "التأملات" الذي يضم آراءه وفلسفته: ليس هناك من هو معصوم. التَفِت إذن إلى الأشياء ذاتها؛ كم هي زائلةٌ وتافهة، حتى ليملكها المأبون والبَغِيُّ واللِّص، ثم التَفِت إلى أخلاق من يعيشون معك. إنه لمن الصعب احتمال حتى أَفضلِهم، دَعْكَ من أن المرء لَيَشُق عليه حتى احتمال نفسه. وتابع "فيلسوف العرش": في كل هذا الضلال والتخبُّط، في كل هذا التدفُّق للوجود، الزمن، الحركة، الأشياء المُتحرِّكة، يُعجزني أن أجد أي شيءٍ جديرٍ بالثمين أو جديرٍ حتى بالسعي الجاد، بل، على العكس، ينبغي على المرء أن يُعلِّل نفسه بارتقاب الخلاص الطبيعي، وألَّا يَضجَر من انتظاره، وإنما يلتمس السلوى في هاتين الفكرتين فحسب؛ الأولى: أنه لن يصيبني إلا ما هو متناغمٌ مع طبيعة «الكل»، والثانية: أن بوُسعِي ألَّا أقترف أي شيءٍ فيه عصيانٌ لإلهي وللأُلوهة التي بداخلي. لا يمكن لأحدٍ أن يُرغِمني على هذا الإثم. ماركوس أريليوس، فيلسوف، وإمبراطور روماني، حكم في الفترة من 161 وحتى 180م، كان رجلا فاضلا بمعنى الكلمة، كرس حياته للأدب والفلسفة والمدرسة الرواقية، لقب بفيلسوف العرش، كتب هذه التأملات بشكل يومي باللغة اليونانية، ولم يقصد بها النشر أو مخاطبة القراء بل كان يكتبها لنفسه من باب التمرين والتدريب، تأثر بكثير من الفلاسفة السابقين مثل سقراط وهيراقليطيس.
مشاركة :