نصح الحكيم ماركوس أوريليوس نفسه خلال تأملاته بالرضا ما يقع في الحياة لأن يقوم على أساس العدل، أي أن كل شيء مخصص لما يستحقه، لذا فمن المطلوب تأدية العمل مثل أي رجل صالح، كما أنه يحب ألا يتعجل الإنسان في الحكم على الأشياء، ولابد أولا أن يتحرر من الضغوط غير الموضوعية، مع اللجوء دائما إلى العقل. وأضاف "ماركوس" خلال كتابه "التأملات" الذي يضم مقولاته وفلسفته: كل ما يحدث في العالم فهو حق.. تأمَّلْ هذا القول بعناية ولسوف تجد أنه حق، لستُ أعني بالحق هنا مسار الأسباب، بل أعني به العدل، وكأن قاضيًا ما يُحصِّص لكل شيءٍ استحقاقه، ضع هذا إذن نُصبَ عينَيك كلما شَرعتَ في عملٍ، أيًّا كان، وأيما شيءٍ تُؤدِّيه فَأَدِّه أداء رجلٍ صالحٍ بالمعنى الدقيق للرجل الصالح، والزَمْ ذلك في كل فعل. وتابع: لا تحكم على الأمور كما يحكم عليها من آذاك، أو كما يريدك أن تحكم، بل انظر إلى الأشياء كما هي عليه في الحقيقة. كن دائمًا على استعداد للعمل بهذين المَبدأَين؛ أولًا: ألَّا تفعل إلا ما يملي عليك العقل الحاكم والمُشرِّع أن تفعله لخير الإنسانية. ثانيًا: أن تُغيِّر موقفك إذا كان هناك في الحقيقة من يُصحِّح لك رأيًا ما ويُرشِدك إلى ما هو أَقوَم، على أن ينبع هذا التحوُّل عن اقتناعٍ بالعدل أو بالخَيرِ العام، وأن تُعدِّل مَسارَك وفقًا لذلك وليسَ لمجرَّد اللذة أو الشعبية. وفي حوار قصير سأل الحكيم: هل تملك عقلًا؟ فأجاب المستمع: نعم. فقال الحكيم: ولماذا لا تستعمله إذن؟ فإذا كان هذا يُؤدِّي وظيفته فماذا عساك تطلُب أكثر من ذلك؟ ماركوس أريليوس، فيلسوف، وإمبراطور روماني، حكم في الفترة من 161 وحتى 180م، كان رجلا فاضلا بمعنى الكلمة، كرس حياته للأدب والفلسفة والمدرسة الرواقية، لقب بفيلسوف العرش، كتب هذه التأملات بشكل يومي باللغة اليونانية، ولم يقصد بها النشر أو مخاطبة القراء بل كان يكتبها لنفسه من باب التمرين والتدريب، تأثر بكثير من الفلاسفة السابقين مثل سقراط وهيراقليطيس.
مشاركة :