ما أحوج المسلمين إلى هداية القرآن

  • 9/25/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

د. عبدالله النجار من فضل الله سبحانه وتعالى على البشرية كلها،‮ ‬أنه أنزل لها القرآن الكريم،‮ ‬وجعله خاتماً لرسالات السماء ووحي‮ ‬الله للعالمين،‮ ‬ولأن القرآن الكريم‮ ‬يمثل الحلقة الأخيرة من هذا الوحي‮ ‬الإلهي،‮ ‬الذي‮ ‬بدأ بما نزل على أبينا آدم،‮ ‬ومروراً بأبنائه،‮ ‬ومنهم نوح وداود وسليمان وأيوب ويونس وهود وإبراهيم وإسماعيل وموسى وعيسى عليهم السلام، ‬ثم خاتم النبيين والمرسلين محمد‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ - ‬فإنه بذلك الختام قد تضمن كل ما‮ ‬يحتاجه البشر من أسباب الهداية إلى أن‮ ‬يرث الله الأرض ومن عليها‮.‬ ولهذا كان القرآن الكريم محتوى لتلك الحاجة البشرية الملحة من كلام الله،‮ ‬وما تضمنه من قصص السابقين التي‮ ‬أوردها،‮ ‬لأخذ العبرة منها إن كان ما قدموه سيئاً،‮ ‬أو للاقتداء بها إن كان ما تضمنته حسناً،‮ ‬وفي‮ ‬هذا المعنى‮ ‬يقول الله تعالى‮: ‬إن هذا القرآن‮ ‬يهدي‮ ‬للتي‮ ‬هي‮ ‬أقوم ويبشر المؤمنين الذين‮ ‬يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيراً،‮ ‬وأن الذين لا‮ ‬يؤمنون بالآخرة اعتدنا لهم عذاباً أليماً‮.‬ لقد بيّن هذا القول الكريم أن القرآن العظيم ‬يهدي‮ ‬الناس جميعاً لما هو أقوم وأرشد وأحسن في‮ ‬حياتهم،‮ ‬وبما‮ ‬يضمن لهم سعادة الدارين والفلاح في‮ ‬الحياتين الأولى والآخرة،‮ ‬وأن من‮ ‬يقبل منهج الله ويقتدي‮ ‬به‮ ‬يكون أهلاً للبشرى في‮ ‬الدنيا والآخرة،‮ ‬وأن له من الأجر ما‮ ‬يكافئ ذلك الإقبال على منهج الله‮ - ‬عز وجل‮ - ‬والامتثال له،‮ ‬وأما من‮ ‬يعرض عن هذا المنهج،‮ ‬ويركب رأسه ويتبع هواه،‮ ‬ولا‮ ‬يؤمن بما أخبر به هذا الكتاب الكريم مما‮ ‬يستوجب الاستعداد للآخرة من الإيمان بالله والعمل الصالح،‮ ‬فإن له عذاباً أليما‮ً ‬يكافئ ذلك المسلك المناوئ لمنهج القرآن الكريم‮. ‬ كتاب هداية وفي‮ ‬بداية هذا الكتاب الكريم‮ - ‬سورة البقرة‮ - ‬يصف الحق سبحانه القرآن بأنه‮ ‬هدى للمتقين‮‬،‮ ‬فقد أشار هذا القول الكريم،‮ ‬إلى أن القرآن الكريم كتاب هداية،‮ ‬وأنه لا ريب في‮ ‬هذا المقصد القرآني‮ ‬الأسمى،‮ ‬لكن الهداية التي‮ ‬تضمنها هذا الكتاب الكريم لا تكون إلا لمن جعله الله تعالى أهلاً لها،‮ ‬وذلك لوجود الاستعداد فيه للهداية،‮ ومن‮ ‬يركب هواه ويغتر بمواهبه أو بما هيأه الله له من أسباب التمكين،‮ ‬لن‮ ‬يكون أهلاً لتلك الهداية،‮ ‬فإن الإيمان‮ ‬يقتضي‮ ‬استعداداً للتمسك به،‮ ‬والامتثال له،‮ ‬والتنازل عن كبرياء النفس خضوعاً لخالق النفس وهو الله سبحانه،‮ ‬ولذلك قال تعالى‮: ‬هدى للمتقين‮‬،‮ ‬وهم الذين‮ ‬يخشون ربهم بالغيب ويعبدونه لأنه‮ ‬يستحق العبادة،‮ ‬كأنهم‮ ‬يرونه،‮ ‬وهم إن لم‮ ‬يكونوا كذلك،‮ ‬فهم‮ ‬يؤمنون بأنه سبحانه‮ ‬يراهم كما قال النبي‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ - ‬مبيناً مقام الإحسان،‮ ‬وفقاً لما جاء على لسان جبريل عليه السلام،‮ ‬وهو‮ ‬يخبره به‮: ‬الإحسان،‮ ‬أن تعبد الله كأنك تراه،‮ ‬فإن لم تكن تراه،‮ ‬فإنه‮ ‬يراك‮.‬ ثم فسر القرآن الكريم مقام أهل التقوى هؤلاء فقال‮: ‬الذين‮ ‬يؤمنون بالغيب‬،‮ ‬فأورد الحديث عن الإيمان أولاً باعتبار أنه أول مطلوب الله من خلقه،‮ ‬فإن الله تعالى ما خلق الناس إلا ليعبدوه ويؤمنوا به ويوحدوه ولا‮ ‬يشركوا به شيئا‮ً: ‬وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون‮‬،‮ ‬حيث حصر مهمة الخلق في‮ ‬عبادته،‮ ‬وهذه العبادة لا تستقيم إلا بالإيمان به أولاً،‮ ‬وبعد الإيمان به‮ ‬يجيء العمل الصالح الذي‮ ‬يصدق هذا الإيمان،‮ ‬ومن أولويات هذا العمل إقامة الصلاة،‮ ‬وهي‮ ‬تعني‮ ‬ما هو أعم من أدائها،‮ ‬حيث‮ ‬يشمل ذلك القيام توافر كل شروطها وأركانها ومنها‮: ‬الطهارة والنية واستقبال القبلة،‮ ‬ومراعاة ترتيب الصفوف في‮ ‬الجماعات،‮ ‬وما‮ ‬يتعين عمله في‮ ‬صلاة الجمعة والأعياد والسفر والإقامة،‮ ‬فإن ذلك كله‮ ‬يدخل في‮ ‬إقامة الصلاة ويتجاوز أداءها في‮ ‬فريضة معينة أو في‮ ‬وقت محدد‮.‬ وبعد الصلاة‮ ‬يجيء في‮ ‬ترتيب الطلب الشرعي‮ ‬بقية مطلوبات الشارع،‮ ‬من الصيام والحج،‮ ‬وأداء الزكاة،‮ ‬ومن ثم‮ ‬يكون الحديث في‮ ‬هذا القول الكريم قد جاء مبيناً مسالك الهداية في‮ ‬الإيمان والإسلام‮.‬ عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر

مشاركة :