المسلمون أحوج ما يكونون إلى إحياء صفة التفاؤل

  • 3/25/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أكّد فضيلة الداعية د. محمود عبدالعزيز يوسف أن الأمة الإسلاميّة هي أمّة التّفاؤل، مُشيراً إلى العديد من الأدلّة والبراهين من وحي القرآن الكريم والسُّنة النّبوية المُشرّفة، ومنها قول الحقّ تبارك (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)، وقوله سبحانه (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ). وأوضح د. محمود في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس أن السنة النبوية أيضاً تدعونا إلى التفاؤل، مُسترشداً بقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح: الكلمة الحسنة).   الرسول وصاحبه ولفت إلى قول النّبي صلّى الله عليه وسلم لصاحبه أبي بكر رضي الله عنه وهما في طريق الهجرة، وقد طاردهما سراقة بن مالك، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم مُخاطباً صاحبه وهو في حال ملؤها التفاؤل والثقة بالله: (لا تحزن إن الله معنا)، "فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فارتطمت فرسه أي غاصت قوائمها في الأرض إلى بطنها". وأوضح الخطيب أنّ من الصفات النبيلة والخصال الحميدة التي حبا الله بها نبيه الكريم ورسوله العظيم صفة التفاؤل، إذ كان صلى الله عليه وسلم متفائلاً في كلّ أموره وأحواله، في حلِّه وترحاله، في حربه وسلمه، في جوعه وعطشه، وفي صحاح الأخبار دليل صدق على هذا، إذ كان صلى الله عليه وسلم في أصعب الظروف والأحوال يبشّر أصحابه بالفتح والنصر على الأعداء، ويوم هجرته إلى المدينة فراراً بدينه وبحثاً عن موطئ قدم لدعوته نجده يبشر عدواً يطارده يريد قتله بكنز سيناله وسوار مَلِكٍ سيلبسه، وأعظم من ذلك دين حق سيعتنقه، وينعم به ويسعد في رحابه.   صناعة المجد ولفت إلى أن التّفاؤل، سلوك يصنع به الرجال مجدهم، ويرفعون به رؤوسهم، وهو نور وقت شدّة الظلمات، ومخرج وقت اشتداد الأزمات، ومتنفس وقت ضيق الكربات، وفيه تُحل المشكلات، وتُفك المعضلات. وتابع د. محمود عبدالعزيز: لو تتبعنا مواقفه صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله، فسوف نجدها ممتلئة بالتفاؤل والرجاء وحسن الظنّ بالله، بعيدة عن التشاؤم الذي لا يأتي بخير أبداً، فمن تلك المواقف؛ تفاؤله صلى الله عليه وسلم وهو في الغار مع صاحبه، والكفار على باب الغار، وقد أعمى الله أبصارهم، فعن أنس عن أبي بكر رضي الله عنه قال: (كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار، فرفعت رأسي، فإذا أنا بأقدام القوم، فقلت: يا نبي الله لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا، قال: اسكت يا أبا بكر، اثنان الله ثالثهما)، ومنها تفاؤله بالنصر في غزوة بدر، وإخباره صلى الله عليه وسلم بمصرع رؤوس الكفر وصناديد قريش. ومنها أيضاً تفاؤله صلى الله عليه وسلم عند حفر الخندق حول المدينة، وذكره لمدائن كسرى وقيصر والحبشة، والتبشير بفتحها وسيادة المسلمين عليها.   الأمة والصبر وأكّد د. محمود أن كل ذلك وغيره كثير، ما يدلّ على تحلِّيه صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة الكريمة، مشيراً إلى أنه ما أحوج الناس اليوم إلى اتباع سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم، وذكر أن واقع أمة الإسلام اليوم، وما هي فيه من محن ورزايا، ليستدعي إحياء صفة التفاؤل، تلك الصفة التي تعيد الهمة لأصحابها، وتضيء الطريق لأهلها. وشدّد على أن الناس اليوم بحاجة إلى مَن يبثُّ في نفوسهم الأمل، ويُيسِّر لهم طريق الخير؛ بتعزيز استِحضار النماذج المُشرِقة؛ حتى يتَّخذوها أسوةً تُبلِّغهم الطريق، منبهاً إلى أن فقه (زمن الفتن) لن يُساهِم في أي رِفعة أو حَضارة، بل سيُؤدِّي إلى اعتِزال المُخلِصين لمُعترَك الحياة، والعضِّ على جذْع شجَرة بالنواجِذ، وترْك الساحة لأصحاب المبادئ الهدَّامة. وبيّن أن هناك من الأحداث ما ينقل صورة حية نابضة بتطبيق التفاؤل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، مضيفاً إنه في يوم الأحزاب اجتمعت شدة البرد والجوع والخوف حتى ربط صلى الله عليه وسلم على بطنه الشريف حجرين من شدة الجوع، وكان الصحابة لا يستطيع أحدهم أن يذهب فيقضي حاجته.   تفاؤل النبي وأضاف: كان النّبي صلى الله عليه وسلم في هذا الوقت العصيب يبشرهم بأمر عظيم ويدعوهم إلى التفاؤل وعدم اليأس، حيث قال البراء: لما كان يوم الخندق عرضت لنا في بعض الخندق صخرة لا تأخذ منها المعاول، فاشتكينا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء وأخذ المعول فقال: بسم الله، فضرب ضربة فكسر ثلثها وقال: الله أكبر أُعطيت مفاتيح الشام، واللهِ إني لأبصرُ قصورها الحمر الساعة، ثم ضرب الثانية فقطع الثلث الآخر، فقال: الله أكبر أُعطيت مفاتيح فارس، واللهِ إني لأبصرُ قصر المدائن أبيضَ، ثم ضرب الثالثة وقال: بسم الله، فقطع بقية الحجر فقال: الله أكبر أُعطيت مفاتيح اليمن، واللهِ إني لأبصرُ أبواب صنعاء من مكاني هذه الساعة (فقال المؤمنون هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) . ودعا الخطيب إلى عدم اليأس، مشيراً إلى أنه لاشيءَ كالأمل والتفاؤل بعد الإيمان يولّد الطّاقة، ويَحْفز الهمم، ويدفع إلى العمل، ويساعد على مواجهة الحاضر، وصنع المستقبل الأفضل، الأمل والتفاؤل قوّة واليأس والتشاؤم ضعف، الأمل والتفاؤل حياة، واليأس والتشاؤم موت.

مشاركة :