يوضح الحكيم ماركوس أوريليوس خلال تأملاته أن حقيقة الأشياء تجعل الإنسان يتوقف عن الخيلاء والزهو الكاذب، فأنت حينما تتناول سمكة أو لحمًا مشويًا وتذكرت أنك إنما تأكل جثث هذه الحيوانات فسوف تتقزز من نفسك، ثم قس ذلك على بقية الأشياء. يقول "ماركوس" خلال كتابه "التأملات" الذي يضم آراءه وفلسفته: ما أطيب، عندما يكون أمامك لحمٌ مَشْوي أو ما شابه من الأطايب، أن تستحضر في ذهنك أن هذا جثة سمكة، وهذا جثة طائرٍ أو خنزير، ثم أن هذا النبيذ مجرَّد عصيرِ عنب، وأن رداءك الأُرجواني ليس أكثر من فِراءِ خروفٍ منقوعٍ في دمِ المحار! وفي الجماع أنه ليس أكثر من احتكاك غشاءٍ ودَفقة مُخاط. وتابع فيلسوف العرش: ما أنجَحَ هذه الإدراكات في الوصول إلى قلب الشيء الحقيقي والنفاذ فيه ورؤيته كما هو. كذلك فليكن دأبُك طوال حياتك؛ حيثما تَبدَّت الأشياء خلَّابة المَظهَر فجرِّدها وتَفرَّسْ في طبيعتها الزائفة واخلع عنها كل دعاوى الزهو والخيلاء، الخيلاء هي أعظم مُفسِدٍ للعقل؛ وحيثما تكن واثقًا كل الثقة في أهمية عملك تكن في الوقت نفسه مخدوعًا بها كل الخداع. ماركوس أريليوس، فيلسوف، وإمبراطور روماني، حكم في الفترة من 161 وحتى 180م، كان رجلا فاضلا بمعنى الكلمة، كرس حياته للأدب والفلسفة والمدرسة الرواقية، لقب بفيلسوف العرش، كتب هذه التأملات بشكل يومي باللغة اليونانية، ولم يقصد بها النشر أو مخاطبة القراء بل كان يكتبها لنفسه من باب التمرين والتدريب، تأثر بكثير من الفلاسفة السابقين مثل سقراط وهيراقليطيس.
مشاركة :