الكويت تعاني حريقاً في السيولة

  • 5/2/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

رأى تقرير «الشال» أن الاستدامة تعني تغييرا جوهريا بتحويل إيرادات الموازنة العامة من غلبة طاغية لدخل غير مستدام – النفط – إلى دخل مستدام، ثم التدقيق الشديد في جانب المصروفات لوقف هدرها وفسادها. قال التقرير الأسبوعي لشركة "الشال" للاستشارات، إن الكويت تعاني حريقا في السيولة، وما لم تفطن إلى أنه مجرد مؤشر لأزمة مؤقتة إذا لم يعالج فستتحول إلى ما هو أخطر بكثير أو إلى أزمة دائمة للمالية العامة. وأوضح "الشال" أن تجاوز الحريق المؤقت والأزمة الدائمة مازال رغم ارتفاع تكاليفه بيدنا، والحل في تبني مبدأ استدامة المالية العامة، والتعامل مع مبدأ الاستدامة قرار وإجراء، وليس شعارا فقط ضمن برنامج الحكومة، لافتا إلى أن المؤشرات الأولية تؤكد أن القرارات المالية الأخيرة، سواء ارتفاع بند النفقات العامة بالموازنة الحالية، أو بالسحب بأثر رجعي من احتياطي الأجيال القادمة، أو طلب السماح بالسحب منه في المستقبل، أو ببيع أصول غير سائلة عليه، أو بشراء نصاب لجلسة واحدة لمجلس الأمة بمليار دينار، كلها تسير في اتجاه تسريع وتعميق الأزمة، ومخالفة حتى لتحذيراتها الأخيرة بنضوب احتياطي الكويت المالي بحلول 2035. ورأى أن الاستدامة تعني تغييرا جوهريا بتحويل إيرادات الموازنة العامة من غلبة طاغية لدخل غير مستدام –النفط– إلى دخل مستدام، ثم التدقيق الشديد في جانب المصروفات لوقف هدرها وفسادها. الإجراء الأول، أي الغربلة الجوهرية لمصادر الإيرادات عبارة عن خطوات مبرمجة في طريق الإصلاح الاقتصادي الشامل، بينما الإجراء الثاني، أي خفض هدر وفساد النفقات العامة، يعمل على ردم فجوة العجز المالي، وتخفيف الضغط على جانب الإيرادات، والأهم، أن الاثنين يعملان على بناء رصيد من الثقة لدى الإدارة العامة، وهو رصيد تلاشى في الوقت الحاضر. وبين "الشال" أنه بعد أكثر من 70 سنة على عمر النفط الذي بدأ عصره الوهن، الأصل الوحيد الذي تبقى للكويت هو احتياطي الأجيال القادمة، الذي غرست بذرته في 1953، وكان أول صندوق سيادي في العالم، وتم تقنينه وتنميته منذ 1976، ثم للأسف تم وأد ذلك التنفيذ وإلغاء التقنين في 2020، بعد وقف تحويل الـ 10 في المئة من الإيرادات العامة إليه، مشيرا إلى ان ما تبقى من ذلك الأصل يحتاج إلى تغيير وظيفته ليتصدر دخله فقط بند الإيرادات الأول في تمويل الموازنة العامة، فهو الدخل الرئيسي الوحيد حالياً والمستدام، وتغيير وظيفة الاحتياطي يحتاج إلى أخذ بعض المخاطر، وتظل مخاطر الفشل في استدامة المالية العامة أكبر بكثير. وضرب "الشال" مثالا ناجحا، هو الصندوق السيادي النرويجي الذي كان حجمه في 1998 نحو 23 مليار دولار، وأصبح في نهاية 2020 نحو 1.275 تريليون دولار، أو أكثر من ضعف حجم صندوق الأجيال القادمة الكويتي. وفي 2019، حقق الصندوق النرويجي عائداً بلغ 20 في المئة، وحقق في 2020 عائداً بنحو 10.9 في المئة، وحقق في الربع الأول من 2021 نحو 46 مليارا، ويكفي أن يحقق الصندوق الكويتي معدل عائد لكل خمس سنوات ما بين 6-7 في المئة، وسيكون كافياً لتأمين طريق الاستدامة. وقال "بعدها يأتي النفط كداعم مساند لتمويل النفقات العامة، ولكن مع تناقص مبرمج لمساهمته، ومع الإبقاء على تحويل 10 في المئة من دخله لزيادة رصيد احتياطي الأجيال القادمة حتى يواكب الارتفاع الضروري للنفقات العامة. ومع نهج إصلاحي يوقف هدر وفساد النفقات العامة، تأتي الضريبة لتعزيز الإيرادات العامة، سواء تلك السلبية منها مثل رسوم أملاك الدولة أو توجيه الدعم وزيادته ولكن لمستحقيه فقط، أو مشروع الضرائب بدءًا من شرائح الدخل العليا ثم تعميمها تدريجياً من نهوض الدولة الاقتصادي". وخلص "الشال" إلى أن خطوات الإصلاح تبدأ من إطفاء حريق المالية العامة، عندما تتسلم إدارتها إدارة واعية لمخاطرها وقابلة للتضحية من أجل إنقاذ البلد، ثم استدامة المالية وخطوتها الأولى إطفاء حريق السيولة، ثم استدامة مصادر تمويلها، ثم الإصلاح الاقتصادي بعد خفض مخاطر السيولة وتأمين استدامة المالية العامة، وكل ذلك لن يتحقق والإدارة العامة غائبة والبلد يعيش حقبة غير مسبوقة من الانسداد السياسي.

مشاركة :