«ملتقى الراوي» يبدأ حكايات العام ال 15

  • 9/28/2015
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة - مصعب شريف: انطلقت أمس بقصر الثقافة في الشارقة فعاليات النسخة ال 15 لملتقى الشارقة الدولي للراوي، برعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وتستمر حتى الأول من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، بمشاركة 20 دولة تمثل قارات العالم. وحضر حفل الافتتاح الذي تخللته مجموعة من العروض الشفاهية، الحكاء السوري د. نمر سلمون، ونجيمة طاي طاي، الوزيرة السابقة في حكومة المملكة المغربية وضيف شرف الملتقى، وساشو تاشيفسكي، سفير جمهورية مقدونيا لدى الدولة، وأحمد الهورة، مدير بلدية كلباء، ورشاد سالم، رئيس الجامعة القاسمية. وابتدرت النسخة الجديدة من الملتقى فعالياتها بفيلم تسجيلي قصير، يروي مسيرة 15 عاماً من الاحتفاء بالرواة والسرد الشفاهي اختتم بإبراز بعض ملامح الدورة الجديدة التي تحتفي بفنون الرواة، وتتضمن ندوات فكرية تتناول السرد العربي القديم، ومعرض الكتاب وأغلفة الكتب، وورشة عمل كتابة إبداعية تحت عنوان الكتابة بالصورة، باللغتين العربية والإنجليزية. كما تشمل فعالية الطاولة المستديرة التي تتضمن تجارب وشهادات في فنون السرد الشفهي، وفعاليات متنوعة في شارع الحكايات، وغيرها من الفعاليات والبرامج. وقال عبدالعزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث: الملتقى يعمل على لفت الأنظار إلى أهمية الموروث الشفاهي، وضرورة الاهتمام بحملته من الكنوز البشرية الحية، فالمخزون في الصدور أكبر بكثير مما جمعه بحث أو درس، فالأمر يتطلب المزيد من الجهد لتوثيق مجمل المادة الشعبية والإحاطة بفضاء التراث الثقافي، مشيراً إلى استحداث فعالية شارع الحكايات. وأكد المسلم استمرارية دعم صاحب السمو حاكم الشارقة، للرواة، على مختلف الصعد المادية والمعنوية، بالعمل على تحسين ظروف حياتهم وعملهم، والتأكيد على أهمية وضرورة استشارتهم والأخذ بمقترحاتهم وآرائهم وفقاً لتوجيهات سموه، نظراً لما يتميزون به من إمكانات وقدرات، تسهم بشكل مهم في دعم العمل في التراث الثقافي عموماً، باعتبارهم ركيزة أساسية في المجال. وأضاف: انطلق برنامج الراوي لأول مرة في 26 سبتمبر/أيلول عام 2001، وكانت بدايتنا في معهد الشارقة للتراث تحت مسمى يوم الراوي، وهو برنامج ثقافي للاحتفاء بالرواة والمختصين بالسرد الشفهي، ليعنى بتكريم الرواة الإماراتيين فقط، عبر تنظيم احتفال سنوي لتكريمهم وتقدير إنجازاتهم ومساهماتهم كحملة للتراث الثقافي غير المادي، من رواة وإخباريين وحرفيين وأصحاب معارف وخبرات شفهية موروثة في شهر سبتمبر من كل عام حتى تطور الأمر ليصبح ملتقى دولياً يحتفي بالأقصوصة الشعبية في جميع أنحاء العالم، ونضع على عاتقنا مهمة التوثيق والاحتفاء بهذا الفن الشعبي عبر التعريف برموزه الذين يرحلون عنا في كل عام، وما زلنا نذكر بإعزاز فقيدنا الحكّاء الشعبي الإماراتي راشد الشوك، الذي أطلق عليه صاحب السمو حاكم الشارقة لقب (دفتر الشارقة) لدوره الكبير في إثراء الرواية الشعبية الإماراتية. وانتقلت الوفود مساء أمس إلى معهد الشارقة للتراث، الذي شهد افتتاح فعاليات معرض الكتاب وأغلفة الكتب وفعالية شارع الحكايات ونصبت خيمة كبيرة في أرض المعهد، إلى جانب المحال والأكشاك والزوايا التي تضم ما يتعلق بفنون الراوي أو السرد تتجسد لك فيها الحكاية، مثل صندوق العجائب (الدنيا)، ودكان الأقنعة، والأماكن التي انتشر فيها الرواة على مدى العصور. يذكر أن الملتقى باعتباره مشروعاً ثقافياً مميزاً، يركز على أهمية الإسهام في رعاية الرواة وإعادة الاعتبار لهم، في ظل سعي معهد الشارقة للتراث المستمر إلى تطوير هذه الفعالية في مختلف المجالات، لمواكبة أهداف منظمة اليونيسكو الرامية للحفاظ على ميراث الكنوز البشرية، والتركيز على أهمية ذاكرة الرواة وخبراتهم وإبداعاتهم بالنسبة للتراث الثقافي والإنساني، والمحافظة على الاستدامة العلاقة بين الأدب الشعبي والمجتمع. الاهتمام بالأطفال والالتحام بالمجتمع تجربة جديدة يخوضها الملتقى في دورته ال15 وتتمثل في حزمة من التحديثات التي عكف عليها المنظمون في معهد الشارقة للتراث، عبر إضافة فعاليات جديدة مثل شارع الحكايات وأغلفة الكتب وغيرهما من الجرعات الفكرية والفنية، إضافة إلى الموضوع الرئيسي للدورة الحالية التي تحتفي بفنون الراوي الأدائية والسردية، الأمر الذي يعيد الروح لطقوس الحكاية الشعبية العربية. إلا أن اللافت للنظر في فعاليات هذا العام هو الانفتاح الكبير للملتقى على المجتمع عبر إشراكه في الفعاليات كمتلق وفاعل رئيسي بانتقال الرواة إلى الفضاء العام في مراكز التسوق والأسواق الشعبية والوجهات الترفيهية في الشارقة، التي تستضيف حكائين شعبيين من 20 دولة حول العالم، وهي محاولة تفرضها طبيعة الحكاية الشعبية بحسب عبدالعزيز المسلم، مدير معهد الشارقة للتراث، الذي قال في حديثه لالخليج إن طبيعة الحكاية التي تتعارض مع الأماكن المغلقة دفعتهم للتنقل بها مع الحكواتية في فضاءات مفتوحة للناس في المتاجر والمرافق العامة، مشيراً إلى أن التركيز على شريحة الأطفال والناشئة يعتبر الملمح الرئيسي لدورة هذا العام، معرباً عن أمله في أن تتكرر محاولة الخروج بالحكاية الشعبية للناس.نجيمة طاي طاي:نبش في الذاكرة الشعبية تشير طاي طاي في حديثها لالخليج إلى أن أهمية الملتقى تكمن في أنه يجمع الرواد على صعيد عربي ودولي، لمناقشة وضعية الراوي في المجتمعات الحديثة، وهي تعتبر أن مثل تلك النقاشات ضرورية لما يمثله الراوي من حالة حوارية نادرة تمنحنا دروساً في احترام الآخر والتسامح، مبينة أن إعادة الاعتبار له والإنصات إليه ومحبته يعتبر تمجيداً لقيم السلام والمحبة والإخاء، فعندما ننصت للآخر نحترمه. وتقول طاي طاي إن الملتقى فرصة للنبش في الذاكرة الشعبية واستثمارها بطرق وآليات حديثة لاستصحاب الجيل الصاعد، وبعثه في حلة تتناسب وروح العصر، لإعادة الروح لهذه المُثل، والقيم وطرد ما طغى عليها من أنانية في الآونة الأخيرة. الاحتفاء بالراوي لا يمر بالكتابة بالنسبة لضيف شرف الملتقى التي تقول: لدي موقف من توثيق الرواية الشفهية عبر الكتابة، فهي وسيلة للتعلم، فالجدة كانت تسهم في تمرير القيم عن طريق الحكاية، وكذلك الراوي في الحلقات الشعبية، لذلك عندما نكتب نفقد أشياء كثيرة لكن يمكن أن نوثق عن طريق الصورة والصوت، حتى لا نفقد الروح والكنز الذي يحمله الراوي. تمثل المغرب ضيف شرف الدورة الحالية للملتقى، عبر شخصيته المحورية المكرمة، الدكتورة نجيمة طاي طاي غزالي وزيرة التعليم غير النظامي المغربية السابقة، والخبيرة الدولية في التراث الثقافي غير المادي. الخوف من تسجيل اللحظات يهدد الرواية تتميز دورة هذا العام بتنوع فعالياتها، وتجد الطاولة المستديرة التي يقدم خلالها مجموعة من الضيوف والإماراتيين تجاربهم وشهاداتهم الإبداعية في فنون السرد الشفهي، اهتماماً كبيراً من قبل المشاركين، وهو الأمر ذاته الذي يؤكده محمد مسلم المهري، من كلية العلوم التطبيقية بصلالة في سلطنة عمان، وأحد المشاركين في فعاليات الطاولة المستديرة. يوضح المهري في حديثه لالخليج أن مشاركته تتمحور حول المعوقات التي تجابه الرواية الشعبية، ويؤكد أن أبرزها بالنسبة له خوف الراوي من التسجيل، وخلافاً للمتوقع، فإن التقدم التكنولوجي خلّف آثاراً سلبية على واقع الرواية الشفاهية الشعبية، وبرز لدى بعض الرواة خوف من تسجيل اللحظات، وحلت مكان العفوية التي كانت تميز أداءهم. يضيف: في السابق لم تكن هنالك وسائط اتصال حديث، وكانت الحكايات في جلسات السمر وغيرها من التجمعات الشعبية تندرج ضمن اليومي والعادي ولم تجد اهتماماً متزايداً كما هو الأمر الآن، بل كانت في كل بيت من الجدة وغيرها، وعندما يأتي شخص يقول لك نريد أن نجمع هذه الحكايات كان الأمر غريباً، لكن الآن ينبغي علينا الاضطلاع بهذا الدور لأن الحكاية مصدر من مصادر الثقافة ويجب جمعها لأن روادها يذهبون مع الأيام ونكون ضيعنا هذه المكتبة التي تمشي على الأرض. ويعرب المهري عن أمله في أن يجد الموروث الشفهي العربي مثل هذا الاهتمام الذي توليه الشارقة للتراث عبر ملتقياتها الدولية، التي تعيد الآمال لكونها تمكن المهتمين من الإمساك بخيوط الحكاية من البداية للنهاية. عروض بالسوق المركزي والمجاز وميغامول اليوم وغداًً تتواصل فعاليات الملتقى اليوم بندوة فكرية عن دور الراوي في نقل السرد العربي القديم، وفعاليات شارع الحكايات، ومعرض الكتب والأغلفة في مقر معهد الشارقة للتراث الذي يستضيف كذلك رواة من المغرب، لتنتقل في المساء إلى النادي الثقافي العربي، الذي يستضيف رواة من فلسطين، ولبنان وسوريا، كما يلتقي الجمهور رواة من الفلبين والمكسيك وفرنسا في واجهة المجاز المائية، بينما يقدم رواة من المملكة الأردنية الهاشمية عروضهم في ميغامول، بينما يحتفي السوق المركزي برواة تونس والجزائر. وتتواصل غداً فعاليات الندوة الفكرية، ليتنقل رواة المغرب العربي من تونس والجزائر والمغرب، في الفترة المسائية، لإمتاع الحضور في معهد التراث للرواة، بينما يواصل رواة فرنسا سرد الحكايات في المجاز، بينما يحل رواة من فلسطين ضيوفاً على ميغامول، ويسامر رواة الفلبين والمكسيك رواد السوق المركزي.

مشاركة :