أشاد الناقد والمفكر الأردني حسين دعسة بتطور المشهد الفكري السعودي، خلال الفترة الأخيرة، مشيرًا إلى أنه تجاوز حالة الذاتية ليتفاعل مع الآخر، وقال: شكلت «الأندية الأدبية» في المدن السعودية، حالة ارتباط عضوي مع الناس ومع الحالات المبدعة، وأعتقد أن الأندية والكُتّاب انتقلوا إلى حالة مغايرة في المشهد الثقافي الفكري في المملكة، يقوم على «رؤية 2030» التي كان طبيعة عملها ثقافيًّا، نتاج حالة تحول فكري يريد كسر الحواجز والانطلاق نحو الانفتاح وتماسك بنية المجتمع مع المؤسسة الثقافية، لتنتج العمل الثقافي وتتابع انطلاقه وأثره، وهذا مما يحتاجه المفكر، فالكُتّاب والنخب الفكرية والإعلامية والأكاديمية في المملكة تمتلك حيوية نادرة عميقة في النسيج التراثي البشري، فقط تحتاج إلى دعم أدوات ووسائل القوة الذاتية للكاتب أو المفكر ولدار النشر وللمطبوعات التي بات لها دورها في الحياة الفكرية السعودية. وأضاف: استطاعت العملية الإبداعية والفكريّة في المملكة التواصل بذكاء وخصوصية، وأنارت الطريق نحو رؤية تحتاج إلى أدوات من داخل النبض المبدع في نسيج المجتمع، لأن المتلقي هو الذي يفتح لي ككاتب ومفكر، الباب لوضع تاريخية الإبداع أمام تحديات المستقبل.وأوضح أن النخب الثقافية تدرك جدية ودلالات وإشارات الخطاب الثقافي، فإذا استوعب الخطاب حال البشرية، فإن المثقف يقف ندًا صلبًا لكل أشكال الجهل، ويقطع دابر أي نمو مشوه نتيجة تداخل وتباين الخطاب الثقافي الذي قد يخرج عن شروطه الفكرية في توعية الناس، ما يترك فراغًا قاتلًا يقف في طريق الفعل الثقافي الجاد، والتاريخ يؤكد أن الإعلام ووسائله المختلفة وفرت وعيًا وتحولًا اجتماعيًا وثقافيًا وفنيًا، وأن الذكاء الإنساني استطاع تجاوز تضليل وأكاذيب الإعلام. وأضاف: يجب أن يكون الإعلامي أديبًا وصاحب مشروع موسوعي ومثقف، وأحد بناة الفكر والحريات في عالمنا، وليس فقط في بلادنا العربية، فالإعلام يعني تراثًا موصولًا بحاضر الكلمة والتنوير والدراية بالوعي الاجتماعي وقوة الإعلام، ولكننا بحاجة إلى ترميم إعلامنا ليقف قويًا وداعمًا للفكر ولحراك المجتمع، وعلينا أن نعيد ارتباط المتلقي بالوسيلة الإعلامية، وتطوير فهم قوة الإعلام، وبالتالي نحتاج إلى أن تتحول كل مؤسسة أو صحيفة أو فضائية، إلى مدرسة حقيقية، لا مجرد حامل للأخبار المضللة أو المفبركة أو الكاذبة، لكي نصل إلى التواصل والتشارك مع العالم الرقمي، وفق مؤشرات نابعة من قوتنا وإرادتنا، فالإعلام يحقق الإرادة المستحيلة.وعن حل مشكلة انتشار الأخبار الكاذبة والشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قال: هناك شغف يغلف كل ما نرى ونسمع ونتابع على واجهات هذه الوسائل، التي أبدعت العديد من الطرق لزيادة الشغف ومتابعة ما تنشره، وأصبح هناك ملايين الأصوات التي تعتمد التضليل والكذب ونسف وتشويه الحقائق، وليس أمامنا أية حلول جاهزة أو معلبة لمنع الشغف بما في العالم الرقمي من نشاز مقصود مغلف بالكذب، إلا دعم المثقف العضوي الذي يعمل على إدراك دلالات وأبعاد الحالات الناشزة لضبط إيقاعها، أو التعريف بها ومنع انتشارها. وأشار إلى أن ما يحدث في الخليج والبلاد العربية والإسلامية أكثر من مجرد «حراك ثقافي»، خاصة في العقود الأولى من الألفية الثالثة، وهو «خليجيا» يختلف في الحراك الثقافي والفني عن الحراك العربي والإسلامي، لاعتبارات تؤسس لحالة الحراك اقتصاديا، فالثقافة وإنتاجها تحتاج إلى اقتصاديات تعمل على استثمار العملية الإبداعية ودعمها، وإيصال نتائجها للفعل الاجتماعي الداعم لهكذا حراك له جدله وبنيته الصادمة أحيانًا.
مشاركة :