فوجئ الوسط السياسي في لبنان بتصعيد الرئيس ميشال عون مستهدفاً رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وإن لم يسمّه، على خلفية المبادرة التي أطلقها لإخراج الأزمة الحكومية من المراوحة، وتذرع عون في حملته بأن مبادرة بري تتجاهل قصداً أو عفواً الآلية الدستورية الواجب اتباعها لتأليف الحكومة، ما يعني أن تصعيد عون يعود بالمشاورات إلى نقطة الصفر. وذكر مصدر نيابي لـ«الشرق الأوسط» أن هجوم عون المفاجئ على بري يتزامن مع تبلغ قيادة «حزب الله» من رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل رفضه العناوين الرئيسية لمبادرة بري، سواء بالنسبة إلى إعادة التوزيع العادل للحقائب الوزارية على الطوائف وإيجاد حل للوزيرين المسيحيين، إضافة إلى إصراره على عدم منح الثقة للحكومة. كما أن دخول رئيس المجلس النيابي بكل ثقة في معركة تأليف الحكومة داعماً للرئيس المكلف سعد الحريري أدى إلى إضعاف الخطة التي وضعها الفريق السياسي المحسوب على عون – باسيل، والتي تتمحور بحصر الخلاف بينهما وبين الحريري. وفي إطار حملة «التيار» على مبادرة بري ومؤيديها، اتهم القيادي في «التيار» والنائب السابق نبيل نقولا «حزب الله» بتغطية الفاسدين، وتوجه إلى زعيم الحزب حسن نصر الله بالقول: «كأنكم اليوم تقفون متفرجين على نهب الدولة، طبعاً من دون مشاركتكم، وسرقة المالية العامة، وتوظيف آلاف اللصوص في وزارات يجهلون مقرها». وأضاف نقولا «كنتم تراقبون تهريب مئات الملايين من الدولارات إلى الخارج من قبل حلفاء وخصوم، ولم تحركوا ساكناً، وكنتم قادرين على دعم معركة أكثرية الشعب اللبناني ضد الفساد، ولم تفعلوا... بل كان نائب من كتلة حزبكم يخرج من فترة إلى أخرى يلوح بملفات فساد، وكنا نعرف أنها لا تسمن ولا تغني من جوع». من جهة أخرى، قالت الرئاسة اللبنانية في بيان أمس، إن «الزخم المصطنَع الذي يفتعله البعض في مقاربة ملف تشكيل الحكومة، لا أفق له إذا لم يسلك الممر الوحيد المنصوص عنه (...) في الدستور». وذكر البيان أن «المرجعيات والجهات التي تتطوع مشكورة للمساعدة في تأليف الحكومة، مدعوة إلى الاستناد إلى الدستور والتقيد بأحكامه وعدم التوسع في تفسيره لتكريس أعراف جديدة ووضع قواعد لا تأتلف معه، بل تتناغم مع رغبات هذه المرجعيات أو مع أهداف يسعى إلى تحقيقها بعض من يعمل على العرقلة وعدم التسهيل، وهي ممارسات لم يعد من مجال لإنكارها».
مشاركة :