انخفاض تاريخي للاستثمارات النفطية العالمية أغلبها في «الصخري» الأمريكي وبحر الشمال

  • 10/8/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تواجه الاستثمارات الدولية في قطاع النفط حاليا أسوأ موجة من الانكماش مع استمرار تدني أسعار الخام منذ حزيران (يونيو) 2014 التي دفعت كثيرا من الشركات إلى اتخاذ سياسات تقشفية واسعة بالنسبة للاستكشافات وأعمال التنقيب وتقليص العمالة. وتشير التقديرات الاقتصادية إلى تقلص الاستثمارات النفطية بنسبة تقترب من 20 في المائة مع التوسع في عمليات الاستحواذ وتقليص المشروعات مرتفعة التكلفة خاصة في المياه العميقة وشديدة العمق وكانت مناطق إنتاج النفط الصخري الأمريكي وبحر الشمال أكثر مناطق الإنتاج من حيث الصعوبات والمعاناة وكلاهما من أصحاب التكلفة المرتفعة للغاية. وأكد تقرير لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" - اطلعت "الاقتصادية" على نسخة منه - أن الفترة الحالية من أصعب الفترات بالنسبة للاستثمارات النفطية نتيجة تدنى الأسعار وارتفاع تكاليف الإنتاج وهو ما أثار قلق المستثمرين والمتعاملين في هذا القطاع الحيوي. وأشار تقرير "أوبك" إلى أن الاستثمارات النفطية المستقبلية في خطر بسبب الأوضاع الراهنة للسوق وذلك في الوقت الذي يتطلع فيه المعنيون بسوق النفط إلى مد السوق بقدرات إنتاجية إضافية لتعويض التراجع الطبيعي في الإنتاج نتيجة العمر الافتراضي لكثير من حقول النفط. وسبق أن توقعت منظمة أوبك على لسان أمينها العام عبد الله البدري خروج المنتجين أصحاب التكلفة المرتفعة مشيرا إلى تغير طبيعة سوق النفط وخريطته حيث ازدادت التنافسية والصراع على الحصص السوقية ما جعل أصحاب التكلفة المرتفعة لا مكان لهم في السوق. وتشير أحدث تقديرات أوبك إلى انخفاض الاستثمارات في أنشطة المنبع بنحو 650 مليار دولار في مؤشر قوي على تقلص حالة وفرة المعروض السابقة ويعتبر انخفاض الاستثمارات في العام الجاري من الانخفاضات التاريخية غير المسبوقة على مدار عقود سابقة. وبالنسبة للنفط الصخري، قال تقرير منظمة أوبك أن استمرار تقلص الحفارات النفطية الأمريكية بشكل حاد هو مؤشر قوى على الصعوبات الاستثمارية التي تواجه هذا القطاع، موضحا أن الأسعار المنخفضة وتذبذب أداء السوق ما بين انخفاضات حادة وتحسنات نسبية على مدى قرابة العام ونصف العام أدت إلى تراجع الاستثمارات في المشاريع النفطية ذات التكلفة العالية وجاءت في مقدمة تلك المشروعات مشروعات استخراج النفط الصخري للشركات الأمريكية وإنتاج النفط الثقيل من المياه العميقة وشديدة العمق إلى جانب النفط الرملي وجميع مصادر النفط الضيق. وبحسب المصادر فإن منتجي النفط الصخري لجأوا إلى الإجراءات التقشفية والتكنولوجيا عالية المستوى وبرامج كفاءة الطاقة وتسريح العمالة للتغلب على صعوبات السوق إلا أن القدرات التنافسية مع النفط التقليدي ما زالت ضعيفة وتصب المنافسة لمصلحة النفط التقليدي حيث يشار إلى أن إنتاج النفط في الخليج العربي يتميز بالتكلفة المنخفضة إذ تراوح تكلفة البرميل الواحد ما بين 15 إلى 40 دولارا وهذا الأمر يجعله منافسا قويا للنفط الصخري الأمريكي ذي التكلفة الباهظة ما يجعل مشروعات استخراج الصخري غير مجدية اقتصاديا في المرحلة الراهنة، خاصة مع طول فترة بقاء أسعار النفط الخام عند مستويات متدنية. وقال تقرير "أوبك" إن انخفاض الأسعار قاد إلى إلغاء استثمارات بمليارات الدولارات وذلك في الوقت الذي تشتد الحاجة فيه إلى لزيادة الاستثمارات بهدف مواكبة الاحتياج إلى زيادة الطاقة الإنتاجية في المستقبل ما يجعل الوضع المستقبلي للصناعة مقلق. وأشار التقرير إلى فقدان 100 ألف عامل في مجال الطاقة لوظائفهم وهو ما يجعل الصناعة في وضع حرج خاصة مع فقد كثير من أفرادها من ذوي الخبرة، خاصة المهندسين، وظائفهم. ورأى التقرير أن كثيرا من الشركات التي عملت في قطاع النفط الصخري كانت من الشركات المتوسطة التي حصلت على تمويل من المصارف الأمريكية وقد لجأت إلى الاندماج لمواجهة المتغيرات في السوق والصعوبات المالية الناتجة عن انخفاض الأسعار. وبالنسبة لوضع الاستثمارات العاملة في بحر الشمال، أوضح تقرير "أوبك" أن الاستثمارات تواجه صعوبات اكبر حيث تتفاقم لديها الأزمة وهو ما استدعى قيام الحكومة البريطانية بإجراء تغييرات ضريبية تشمل توسيع دائرة الإعفاءات الضريبية ومدتها لتشجيع الشركات على زيادة الإنتاج من الجرف القاري. وذكر التقرير أنه تجرى مراجعة وتطوير لعمليات التنقيب عن النفط في المياه خاصة العميقة مع ضرورة التركيز على إجراء تغيرات في ثقافة العمل وتحقيق فرص الاستغلال الكامل لجميع فرص العقود المقبلة. وأورد التقرير أن الإنتاج في بحر الشمال من المياه بدأ منذ 50 عاما وتم خلالها إنتاج أكثر من 45 مليار برميل من النفط ومازال هناك أكثر من 20 مليار برميل قابلة للاستغلال في بحر الشمال بالجرف القاري. وقال التقرير إن التوقعات تشير إلى بقاء النفط والغاز يمثلان 70 في المائة من مزيج الطاقة العالمي حتى عام 2030 فيما يسعي إنتاج بحر الشمال للحفاظ على نسبة مساهمته في هذه النسبة التي تقدر بنحو 10 في المائة رغم أن الإنتاج في بحر الشمال يحتاج إلى بقاء سعر النفط دون 60 دولارا للبرميل للحفاظ على هذه المساهمة. وأضاف التقرير أن أحدث الإحصاءات تشير إلى أن ظروف الإنتاج مثيرة للقلق في بحر الشمال وهو ما دفع الإعلام البريطاني إلى الحديث عن أن الصناعة النفطية في هذه المنطقة على وشك الانهيار. ولفت التقرير إلى أن حجم استثمارات رؤوس الأموال بلغ 8ر14 مليار جنية استرليني في المنطقة في عام 2014، وبسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وبعض الصعوبات الإنتاجية فمن المتوقع أن تنخفض بشكل أكبر هذا العام لتصل ما بين 9.5 مليار و11.3 مليار جنيه استرليني. ونوه التقرير إلى بيانات عن النفط والغاز في المملكة المتحدة تؤكد أن 2014 شهد أدنى عائدات الإنتاج منذ ما يقرب من عقدين من الزمن موضحا أن العام الجاري شهد انجاز حفر سبعة استكشافات وآبار جديدة في حين كان المطلوب حفر لا يقل عن 30 بئرا. وذكر التقرير أنه نتيجة للصعوبات التي تواجه الإنتاج في بحر الشمال فإن الحكومة البريطانية أقرت خريطة طريق لدعم الاستثمارات بقيمة 200 مليار جنيه استرليني بهدف بث الحيوية من جديد في صناعة النفط في بحر الشمال في المملكة المتحدة. وشدد التقرير على أهمية تجربة بحر الشمال في ضرورة تعاون الحكومات والقطاع الخاص من أجل تحقيق أقصى قدر من الانتعاش الاقتصادي للصناعات التي تواجه صعوبات وعلى المستثمرين الصناعيين التركيز على ضرورة زيادة التعاون لتطوير المحاور الإقليمية والبنية التحتية والحد من التعقيد والتأخير في الإجراءات القانونية والتجارية الحالية. على صعيد أسعار الخام، ارتفعت أسعار النفط أمس بعد أن أظهرت البيانات أن السوق الأمريكية بدأت تشهد شحا في المعروض وتراجعا في المخزونات بعد عامين على تسجيل فائض كبير. وتراجع مخزون الخام الأمريكي بمقدار 1.2 مليون برميل الأسبوع الماضي وتراجع مخزون نواتج التقطير بحسب بيانات لمعهد البترول الأمريكي. وتعطي الأرقام مؤشرات على أن إنتاج الولايات المتحدة من النفط - وبخاصة النفط الصخري- بدأ يتراجع بعد انهيار الأسعار العام الماضي. وبحسب "رويترز"، فقد هبط سعر خام برنت القياسي إلى أقل من 50 دولارا للبرميل من 115 دولارا للبرميل في حزيران (يونيو) 2014 ما يتسبب في خسائر مالية لعديد من شركات النفط في ظل الأسعار الحالية للخام. وارتفع برنت 90 سنتا إلى 52.82 دولار للبرميل بعد أن قفز بما يصل إلى ثلاثة دولارات أمس الأول عندما أغلق فوق مستوى 50 دولارا للبرميل للمرة الأولى في شهر. وارتفع الخام الأمريكي 1.18 دولار إلى 49.71 دولار للبرميل قبل أن يعود للتراجع ليجري تداوله عند نحو 49.60 دولار للبرميل. ودفعت القفزة التي سجلها النفط أمس الأول الخامين خارج النطاقات الضيقة المسجلة على مدار أكثر من شهر ويقول المحللون إن الأسعار قد ترتفع أكثر. ويترقب المستثمرون البيانات الرسمية للسوق الأمريكية من إدارة معلومات الطاقة للتأكد من مطابقتها لبيانات معهد البترول الأمريكي. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية ارتفاع الطلب العالمي على النفط نحو 1.7 مليون برميل يوميا هذا العام في واحد من أعلى المعدلات منذ سنوات. توقع الرئيس التنفيذي لشركة توتال نمو قويا للغاية في الطلب العالمي على النفط يبلغ نحو 1.7 مليون برميل يوميا وربما أكثر هذا العام. وذكر باتريك بويان أمام مؤتمر النفط والمال في لندن أمس أنه من المتوقع نمو الطلب العالمي على النفط 1.7 مليون برميل يوميا في 2015، وقد أخبرني المتعاملون لدينا أنهم يتوقعون أكثر من ذلك.

مشاركة :