محللون: الصخري الأمريكي يفقد القدرة على التأثير في معروض السوق النفطية

  • 9/2/2020
  • 20:52
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

انخفضت أسعار النفط الخام أمس، بعد أن أظهرت بيانات حكومية من الولايات المتحدة هبوط الطلب على البنزين مقارنة بالأسبوع السابق، متجاهلة بيانات إيجابية بشأن مخزونات النفط. وواصل منتجو "أوبك +" جهود تقييد المعروض العالمي من النفط الخام وسط تحسن مستمر في الامتثال لحصص خفض الإنتاج قبل الاجتماع الشهري لمراقبة خفض الإنتاج منتصف الشهر الجاري لإعادة تقييم ومتابعة تطورات مؤشرات السوق. وعلى الرغم من انخفاض الأسعار النسبي، يقول لـ"الاقتصادية" مختصون ومحللون نفطيون إن التفاؤل عاد ليلقى بظلال قوية على السوق خاصة مع تأكيد روسيا على لسان وزير الطاقة الكسندر نوفاك أن وضع الطلب تحسن للغاية ويتجه بقوة لاستعادة مستويات ما قبل الجائحة ما يستدعي من تحالف "أوبك +" في اجتماعه الشهري المقبل إعادة تقييم وضع السوق وفق تطورات بيانات العرض والطلب والمخزونات ومن ثم احتمال التوصية بتخفيف جديد في قيود خفض الإنتاج – بحسب التوقعات الروسية -. وأضاف المختصون أنه بالتزامن مع الموقف الروسي نجد العراق تعلن خطوة مماثلة على لسان وزير النفط إحسان إسماعيل الذي أكد أن العراق يسعى إلى إعفاءات من تخفيضات صادرات "أوبك" في الربع الأول من العام المقبل 2021، لافتين إلى أن تخفيف قيود خفض الإنتاج ستكون مطروحة بقوة على مائدة المنتجين في تحالف "أوبك +" خلال الاجتماعات المقبلة. وفي هذا الإطار، يقول جوران جيراس مساعد مدير بنك "زد أيه إف" في كرواتيا إن وضع السوق أخذ منحى إيجابيا مع انخفاض المخزونات النفطية الأمريكية بوتيرة فاقت التوقعات المسبقة وذلك في مؤشر على تحسن وضعية الطلب وتزامن ذلك مع بيانات قوية للنشاط التصنيعي في أكبر اقتصادين في العالم وهما الولايات المتحدة والصين وعودة الواردات النفطية الصينية من الإنتاج الأمريكي إلى مستويات جيدة وفقا للاتفاق التجاري بين البلدين. وأوضح أن مطالبة العراق بتخفيف قيود خفض الإنتاج في بداية العام المقبل لن تؤثر في التزاماته بتقليص الصادرات حتى نهاية العام الجاري وهو ما أكد عليه وزير النفط العراقي وذلك على الرغم أيضا من إشكالية أخرى وهي استقلال الإقليم الكردي في صادراته النفطية، مشيرا إلى أن العراق استجاب لجهود تحفيزية من السعودية من أجل تحسين مستوى الامتثال لتخفيضات الإنتاج وهو الأمر المرجح اكتماله بنهاية العام الجاري ما يدعم جهود استعادة التوازن في السوق. من جانبها، ترى الدكتورة ناجندا كومندانتوفا كبير محللي المعهد الدولي لتطبيقات الطاقة أن السعودية تلعب دورا حيويا في قيادة المنتجين وتشجيع امتثالهم لخفض الإنتاج للتغلب على صعوبات السوق الراهنة والخسائر الفادحة للطلب في الشهور الماضية جراء الجائحة، مشيرة إلى أن وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان ونظيره الروسي الكسندر نوفاك منحا الامتثال لحصص خفض الإنتاج أولوية قصوى وذلك بصفتهما رئيسين للجنة مراقبة الإنتاج المنبثقة عن مجموعة "أوبك +". ولفتت إلى أنه من المقرر أن تجتمع لجنة المراقبة الوزارية المشتركة - التي تجتمع شهريا على الإنترنت - في 17 أيلول (سبتمبر) الجاري وسيأتي هذا الاجتماع في ظل أجواء إيجابية وفي وضع أفضل من الشهور السابقة بسبب تحسن الطلب وارتفاع الامتثال لحصص خفض الإنتاج علاوة على تقلص فائض المخزونات النفطية ما سيعزز جهود مواصلة التعاون والشراكة بين المنتجين. وأكد أندرو موريس مدير شركة "بويري" الدولية للاستشارات أن "أوبك +" على الأرجح لن تمانع في منح بعض التسهيلات للعراق في العام المقبل بشرط تحسن وضع السوق واستمرار تعافي الطلب وانتعاش الأسعار مرة أخرى، لافتا إلى أن "أوبك +" تأخذ بعين الاعتبار كثيرا من الصعوبات الاقتصادية والسياسية والمعيشية التي تواجه بعض المنتجين الذين يحتاجون إلى تعزيز مواردهم ويعتمدون على النفط الخام بشكل رئيس وعلى رأسها العراق التي تحارب تنظيمات إرهابية، دمرت عددا من المنشآت النفطية واستنزفت خزائنها على مدار عدة أعوام. وذكر أن الانخفاض الحاد في أسعار النفط هذا العام وسط تفشي جائحة كورونا جعل اقتصادات الدول المنتجة في وضع حرج وعلى سبيل المثال انكمش اقتصاد العراق – وهو ثاني أكبر منتج للنفط الخام في منظمة أوبك - 10 في المائة، تقريبا في عام 2020. وأوضح أن النفط الصخري الأمريكي فقد زخمه وتأثيره الواسع السابق في المعروض النفطي العالمي ومثال على ذلك إعصار لورا العملاق الذي تسبب في توقف 80 في المائة، من قدرة الإنتاج والتكرير في الولايات المتحدة لم يؤد إلى تحريك الأسعار إلى مستويات عالية وهو ما فسره المحللون الدوليون بأنه يعكس ثقة الأسواق بقوة بشأن استقرار الإمدادات والعرض المستقبلي الآمن. بدوره، يقول أندريه يانييف المحلل البلغاري والباحث في شؤون الطاقة إن معنويات وثقة المستثمرين تتجه نحو الأفضل تدريجيا خاصة مع الثقة في التوصل الوشيك إلى لقاح فعال لمواجهة جائحة كورونا مشيرا إلى الفجوة بين العرض والطلب التي يقدرها البعض بثلاثة ملايين برميل يوميا لمصلحة العرض تتجه إلى التقلص مع استمرار السحب من المخزونات النفطية بوتيرة سريعة. وأشار إلى أن البعض يتخوف من نقص المعروض مستقبلا في ضوء انكماش الحفر وتعثر الاستثمار وتفاقم مشكلات غياب الاستقرار في دول منتجة رئيسة في "أوبك" وهي إيران، فنزويلا، العراق، وليبيا، إضافة إلى استمرار المخاوف الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط التي قادت إلى ارتفاعات سريعة قياسية في الأعوام الماضية، لكن السوق تعود إلى طبيعتها بعد فترة وجيزة لاحقة، حيث إن الارتفاعات الناجمة عن الصراعات لا تدوم طويلا. ومن ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، فقد النفط أكثر من 1.5 في المائة أمس، إذ عكس مساره بعد انخفاض الطلب على البنزين في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، في مؤشر على أن تعافي الاقتصاد من الجائحة قد يكون أبطأ من المتوقع. وتحولت أسعار العقود الآجلة إلى الخسارة بعد أن أظهرت بيانات حكومية من الولايات المتحدة انخفاض الطلب على البنزين مقارنة بالأسبوع السابق، متجاهلة بيانات إيجابية بشأن مخزونات النفط. وقال فيل فلين المحلل لدى برايس فيوتشرز جروب في شيكاغو "تحاول السوق التهوين من الرقم بحسبانه حالة عابرة ترتبط بالعاصفة، وفي حين أن العاصفة ربما ضخمت الأرقام، فإنها لا تبرر حجم موجة البيع التي شهدناها". وانخفضت مخزونات الخام 9.4 مليون برميل في أحدث أسبوع إلى 498.4 مليون برميل، وهو تراجع أكبر بكثير من نزول قدره 1.9 مليون برميل توقعه المحللون في استطلاع أجرته "رويترز". وتتناول البيانات فترة تسبب خلالها الإعصار لورا في إغلاق منشآت الإنتاج والتكرير. وانخفض خام القياس العالمي برنت 69 سنتا بما يعادل 1.5 في المائة، إلى 44.89 دولار للبرميل بحلول الساعة 15:00 بتوقيت جرينتش أمس، وذلك بعد مكاسب ليومين، فيما تراجع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 82 سنتا أو 2 في المائة إلى 41.94 دولار للبرميل. وتعافى النفط من مستويات متدنية تاريخية بلغها في نيسان (أبريل) عندما هوى برنت إلى قاع 21 عاما عند أقل من 16 دولارا للبرميل وأغلق الخام الأمريكي في إحدى الجلسات دون الصفر. وفي بيانات أولية أعلن معهد البترول الأمريكي أمس الأول، انخفاض المخزونات التجارية في البلاد بنحو 6.8 مليون برميل خلال الأسبوع المنتهي في 28 آب (أغسطس)، في سادس انخفاض أسبوعي على التوالي، لتتجاوز توقعات الخبراء انخفاض بنحو 1.9 مليون برميل. وعلى حسب تلك البيانات انخفض إجمالي المخزونات التجارية في الولايات المتحدة إلى نحو 503 ملايين برميل، الذي يعد أدنى مستوى منذ الأسبوع المنتهي في 17 نيسان (أبريل) الماضي، في علامة إيجابية لمستويات الطلب المحلي في أكبر مستهلك للنفط في العالم. وتشير توقعات وكالة الطاقة الأمريكية إلى انخفاض المخزونات بنحو 2.0 مليون برميل. وتراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 45.30 دولار للبرميل أمس الأول، مقابل 46.27 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول انخفاض عقب ارتفاع سابق وأن السلة خسرت بضعة سنتات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 45.87 دولار للبرميل.

مشاركة :