تركيا تُبدد آمال التسوية في ليبيا بـ'رفض' سحب قواتها ومرتزقتها

  • 6/23/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

برلين - اختتم المشاركون في مؤتمر برلين الثاني حول ليبيا اجتماعهم مساء اليوم الأربعاء بالتأكيد على أهمية انسحاب القوات الأجنبية وآلاف المرتزقة من الأراضي الليبية، وهو ما تحفظت عليه تركيا معطية إشارة سلبية لجهود إنجاح العملية السياسية. وسحب القوات الأجنبية والمرتزقة أمر ملح لضمان نجاح العملية السياسية التي لا تزال تراوح مكانها بينما تكابد حكومة الوحدة الوطنية التي تشكلت حديثا، لانجاز مهمتها وأساسها توحيد مؤسسات الدولة والتحضير لانتخابات عامة رئاسية وتشريعية) قبل نهاية العام الحال. وعبرت الحكومة الانتقالية الليبية الأربعاء عن أملها برحيل "المرتزقة" الأجانب قريبا وذلك في ختام مؤتمر دولي في برلين عقد بهدف إرساء الاستقرار في البلاد بعد عشر سنوات على سقوط نظام معمر القذافي. وبعد سنة ونصف السنة من اجتماع أول من هذا النوع نظم تحت إشراف الأمم المتحدة، استضافت العاصمة الألمانية مجددا أبرز أطراف النزاع الليبي وبينهم للمرة الأولى الحكومة الانتقالية. وأشاد المشاركون في ختام المؤتمر بالوضع في ليبيا، معتبرين أنه "تحسن كثيرا" منذ 2020، مؤكدين بحسب البيان الختامي أن "الأعمال العدائية توقفت. ووقف إطلاق النار يسري. وإغلاق المنشآت النفطية رفع". وقالت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش في ختام اللقاء "لقد أحرزنا تقدما في ما يتعلق بالمرتزقة ونأمل في أنهم سينسحبون في الأيام المقبلة من الجانبين". وأكد البيان الختامي أن "كل القوات الأجنبية والمرتزقة يجب أن ينسحبوا من ليبيا بدون تأخير". لكن البيان الختامي أوضح أن تركيا، إحدى الدول المتواجدة عسكريا في ليبيا، عبرت عن "تحفظ" حول هذا موضوع سحب القوات الأجنبية والمرتزقة بدون أي توضيحات أخرى. وتدخلت تركيا عسكريا في ليبيا دعما لميليشيات وقوات حكومة الوفاق الليبية السابقة ثم عززت وجودها العسكري بأن دفعت بعشرات آلاف المرتزقة السوريين جندتهم من ميليشات موالية لها في شمال سوريا. وسحب القوات الأجنبية والمرتزقة المسألة مهمة جدا في العملية، لان النزاع الليبي تأجج إلى حد كبير بسبب قوى خارجية. وكان وزير الخارجية الألماني هايكو ماس قال قبل بدء المؤتمر إن "الأطراف الذين تعهدوا خلال اجتماع برلين الأخير (المؤتمر السابق) بسحب قواتهم لم يفوا بوعدهم" في إشارة مبطنة إلى روسيا الممثلة في برلين بنائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين، وتركيا. وينتشر مئات من العسكريين الأتراك بموجب اتفاق ثنائي مبرم مع حكومة طرابلس السابقة. وأكد مصدر دبلوماسي أن "عدد المقاتلين لم ينخفض بشكل كبير، لكن لدينا وقف إطلاق نار مقبول بشكل عام ومحترم في كل أنحاء البلاد". إلا أن دبلوماسيين في الأمم المتحدة أعربوا عن خشيتهم من التهديد الذي يشكله هؤلاء الرجال المدججون بالسلاح على المنطقة عند انسحابهم، فقد قُتل الرئيس التشادي إدريس ديبي إتنو في أبريل/نيسان خلال هجوم شنه متمردون تشاديون انطلقوا من ليبيا. وفي ديسمبر/كانون الأول قدرت الأمم المتحدة بنحو 20 ألفا عدد المرتزقة والمقاتلين الأجانب في ليبيا، من روس في مجموعة فاغنر الخاصة وتشاديين وسودانيين وسوريين وغيرهم. وتعهد المشاركون في المؤتمر أيضا الأربعاء بضمان أمن الحدود الليبية ومراقبة تحركات المجموعات المسلحة عبر الحدود. كما كرروا التعبير عن رغبتهم في احترام الحظر على الأسلحة إلى ليبيا. والتحدي الآخر في اجتماع برلين كان إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في 24 ديسمبر/كانون الأول. وقد أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة خلال هذا المؤتمر "التزامه" بتنظيم هذه الانتخابات، بحسب البيان الختامي. لكن ثمة شكوكا سادت قبل المؤتمر حول الإرادة الفعلية للسلطة الحالية بتنظيم هذا الاقتراع. وقال أحمد المسماري الناطق باسم قوات المشير خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق البلاد، "من الضروري أن تتخذ بعثة الأمم المتحدة كل الإجراءات في هذا الصدد وأن تتحمل مسؤولياتها لكي يمكن إجراء الانتخابات في الموعد المقرر". وبعد فشل متكرر لإخراج ليبيا من الفوضى استمر عقدا، أفضى حوار ليبي رعته الأمم المتحدة في جنيف في الخامس من فبراير/شباط الماضي إلى تشكيل مجلس رئاسي وحكومة موحدة يرأسها عبد الحميد الدبيبة صادق عليها البرلمان في مارس/اذار. وأعاد ذلك الأمل المفقود باحتمال تحسن الوضع. ويعول الاتحاد الأوروبي على السلطة كذلك لحل مشكلة المهاجرين الذين يبحرون من السواحل الليبية في زوارق غير آمنة تحمل أكثر من طاقتها في غالب الأحيان، في محاولة للوصول إلى أوروبا. لكن الانقسامات عادت لتظهر في الأسابيع الأخيرة بين السلطة في طرابلس والمشير خليفة حفتر في شرق البلاد. وقالت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة روزماري دي كارلو إن عملية السلام "ستستغرق بعض الوقت". برلين - قال رئيس الوزراء الليبي عبدالحميد الدبيبة اليوم الأربعاء في كلمته أمام مؤتمر برلين 2، إن بلاده تتطلع إلى "مساعدة دولية في سحب المرتزقة والقوات الأجنبية من الأراضي الليبية وتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة"، مشيرا إلى أن هناك مرتزقة يسيطرون على القرار السياسي في بعض المناطق وقوات أجنبية تستخدم بطريقة سياسية، بالإضافة إلى وجود عناصر إرهابية، وهو ما يهدد العملية السياسية.  ودعا المجتمع الدولي إلى دعم جهود حكومته التي تعمل على توحيد مؤسسات الدولة والتحضير للانتخابات العامة في 24 ديسمبر/كانون الأول القادم. وحذّر من أن خلافات داخلية لا تزال تعيق مسار العملية السياسية، مشيرا إلى أن حكومته بدأت بالفعل تحضير خطة أمنية شاملة لتأمين الانتخابات وتنتظر صدور قانون الانتخابات لتنفيذها. وقال "تفصلنا عن الانتخابات ستة أشهر، لكن ما زالت المصالح الضيقة تؤثر ولم تعتمد ميزانية الحكومة ولم يجر اختيار المناصب السيادية بعد"، مشددا على أهمية إجراء الانتخابات العامة في موعدها المقرر. وعرض كذلك إلى عدد من الصعوبات في طريق انجاز الاستحقاق الانتخابي قائلا إن حكومته "لم تر الجدية اللازمة من الأجسام التشريعية في المسار القانوني"، دعيا الجميع إلى "إنجاز القاعدة الدستورية وقانون الانتخابات في أقرب وقت والتوقف عن العبث والعمل على تعطيل الاستحقاقات لمساعدة الشعب"، مؤكدا أن المصالحة الوطنية "مسار وليست شرطا بل يجب أن تكون عنوانا وبوابة دخول للعملية السياسية". وتابع "ليبيا الموحدة المعافاة خير شريك لكم"، مطالبا الدول المشاركة في مؤتمر برلين 2 بدعم حكومته إلى إجراء الانتخابات في موعدها مع التقيد باحترام سيادة البلاد. وتحدث الدبيبة عن الجهود التي بذلتها حكومته خلال الأشهر القليلة من عمرها لجهة توفير استقرار نسبي للخدمات المقدمة للمواطنين مثل السيولة وتوفير اللقاحات ضد فيروس كورونا، مضيفا أن الأولوية الآن تكمن في تحقيق الاستقرار السياسي والعمل على حلحلة الأزمات. كما طالب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء بانسحاب القوات الأجنبية من ليبيا، في تصريح أدلى به قبيل مؤتمر في برلين مخصص لتثبيت الاستقرار في هذا البلد الذي يشهد نزاعا منذ عشر سنوات. وكان يشير إلى القوات التركية والآلاف من المرتزقة الذين أرسلتهم أنقرة في 2019 للقتال دعما لقوات حكومة الوفاق الليبية السابقة في مواجهة هجوم قاده الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر تحت عنوان تحرير العاصمة من الميليشيات الإرهابية. وحسم التدخل العسكري التركي المعركة لصالح سلطة الوفاق وأجبر قوات حفتر على التراجع إلى محيط سرت. كما كان بلينكن يشير إلى روسيا التي تتهمها سلطة طرابلس السابقة وأيضا دولا غربيا بدعم قوات الجيش الوطني الليبي وبنشر مرتزقة "فاغنر".   وقال الوزير الأميركي في مؤتمر صحافي مشترك في برلين مع نظيره الألماني هايكو ماس "يجب تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 23 أكتوبر بشكل كامل، بما في ذلك انسحاب كافة القوات الأجنبية من ليبيا". وأضاف بلينكن الذي بدأ الأربعاء جولة أوروبية "نتشارك مع ألمانيا هدف جعل ليبيا سيدة ومستقرة وموحّدة وآمنة وحرّة من أي تدخّل أجنبي، هذا ما يستحقّه الشعب وهو أمر ضروري للأمن الإقليمي". وبدأت الدول الرئيسية المعنية بالنزاع الليبي الأربعاء اجتماعا في برلين في إطار مؤتمر جديد يهدف إلى ضمان إجراء انتخابات في ليبيا في أواخر العام الحالي وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة من هذا البلد. وفي ديسمبر/كانون الأول قدرت الأمم المتحدة بنحو 20 ألفا عدد المرتزقة والمقاتلين الأجانب في ليبيا من روس في مجموعة فاغنر الخاصة وتشاديين وسودانيين وسوريين وغيرهم. وينتشر مئات من العسكريين الأتراك بموجب اتفاق ثنائي مبرم مع حكومة طرابلس السابقة. وقال وزير الخارجية الألماني إن المحادثات الخاصة بليبيا التي تستضيفها برلين تتركز على ضمان إجراء الانتخابات المقررة وسحب المقاتلين الأجانب والمرتزقة وتوحيد قوات الأمن في البلاد. وقبل بدء المحادثات بين القوى الخارجية الساعية للمساعدة في التوصل لحل سياسي للصراع، أوضح الوزير الألماني أن "المشاركين يريدون ضمان وجود الدعم الدولي". وبمساعدة من الأمم المتحدة أحرزت ليبيا في العام الأخير تقدما سريعا في معالجة ما شهدته من فوضى وعنف على مدار عشر سنوات وهدد في وقت من الأوقات بالتصاعد إلى صراع شامل في المنطقة. وكانت حكومتان متنافستان في شرق البلاد وغربها قد اتفقتا على وقف إطلاق النار وتشكيل حكومة وحدة تعمل على إجراء انتخابات في ديسمبر/كانون الأول المقبل. غير أن مخاطر كبيرة لا تزال قائمة وسط شكوك في التزام جميع الأطراف بالانتخابات وكذلك لاستمرار وجود فصائل مسلحة كثيرة يدعمها مرتزقة أو قوات أجنبية. ويهدف اجتماع برلين الذي تشارك فيه حكومة الوحدة المؤقتة في ليبيا والأمم المتحدة والقوى المعنية بالصراع إلى حشد دعم دولي للعملية السياسية وتدعيم وقف إطلاق النار. ويأتي الاجتماع في أعقاب مؤتمر سابق عقد في برلين في أوائل العام الماضي وحدد المسارات السياسية والعسكرية والاقتصادية لمعالجة الفوضى والعنف اللذين شهدتهما البلاد منذ الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي وأسفرت عن الإطاحة بمعمر القذافي في 2011.

مشاركة :