عندما تُمسك السماءُ قَطرها يُصاب الناس بوسواس القنوط، فتراهم تارة يتهامسون به فيما بينهم، وتارة أخرى يُصرِّحون به، وقد تستمر حالة القنوط تلك فتُشكِّل ظاهرة تصعب السيطرة عليها، أو حتى التقليل من آثارها، ممّا يُولِّد حالة من اليأس المستعصي على العلاج، اللهم إلاّ أن تتنزَّل رحمة ربك فتجتثها، وتفتح أبوابًا جديدةً من الأمل، فيستبشر الناس بقدوم مواسم العطاء التي تحمل بشائر الخصب والنماء. وبعد هذه التوطئة أقول: مرَّت بلادنا خلال العَقدين الأخيرين بحالة (غير طبيعية) تمثلت فيما سُمِّي بـ(تعثر بعض المشروعات) هذا التعثر بسط رداءَه على عدد من المشروعات التنموية التي يتم اعتمادها من قِبل بعض الجهات، فيطول ليلُ تحرِّي المواطنين لساعة البدء في تنفيذها، ويتوارى استشرافهم للحظات تدشين تلك المشروعات العملاقة التي رُصدت لها الملايين، بل المليارات من الريالات؛ من أجل تقديم خدمات راقية تليق بالمواطن، وتليق بوطن أنعم الله عليه بخيرات لا يُنكرها إلاَّ جاحد. ومع هذا الكم المتعاظم من المشروعات، ومع كل هذه المليارات المتدفقة عليها، إلاَّ أن الواقع يأتي بصورة لا تعكس كم المشروعات ولا قيمة الإنفاق عليها؛ فنجد بعضها لم تغادر أدراج بعض المسؤولين، وبعضها يظلُّ جاثمًا على الأرض دون خطوات إيجابية، وبعضها توقف العمل بها بمجرد البدء فيها. حالات التعثر تلك صاحبتها ردة فعل عكسية لدى المواطنين الذين عبَّروا عن دهشتهم حينما قارنوا بين الأرقام الفلكية لتلك المشروعات وحجم الإنجاز الماثل أمامهم. ولذا تكاثرت الأسئلة على بعض الجهات الخدمية عن مصير بعض مشروعاتها وميزانياتها المعتمدة؟ واستشعارًا من الدولة لهذا الواقع -الذي لا تَقبل به- جاءت جملة الإصلاحات الأخيرة كمشرط جرّاح وقع على مكامن الخلل، وبدأ في إزالته في خطوات متعقِّلة، هدفها البعيد هو القضاء على بؤر الفساد ومَن يتولّى كبرَه؛ إيمانًا منها بحق المواطن في أن يحظى بخدمات تتوازى وحجم الإنفاق الضخم الذي تبذله الدولة وفق ميزانياتها الضخمة مع كل سنة مالية. وتساوقًا مع تلك الإصلاحات بزغ ضوء في نهاية النفق المظلم، أعاد للمواطنين شيئًا من الأمل، وجدَّد فيهم روح التفاؤل بإمكانية عودة الأمور إلى نصابها؛ بحيث يمكنهم رؤية المشروعات المعتمدة رأي العين، وهو مؤشر يُعطي دِلالة على فاعلية الإصلاحات الأخيرة، وأنها السبيل الأمثل لتسير سفينةُ الوطن بثبات نحو الأفضل. ولعلني أضرب مثالاً على أن خطوات الإصلاح بدأت تؤتي أكلها بمشروعين جبارين يذكراننا بالمشروعات الجبارة التي أُنجزت قبل بضعة عقود ولا تزال صامدة، المشروعان هما (إستاد الملك عبدالله، ومطار الملك عبدالعزيز) وكلاهما بجدة، الأول تبقَّى له حوالى ثلاثة أشهر ليكتمل، والآخر تبقَّى له سنة لتتم المرحلة الأولى منه وتتلوها اثنتان. هذان المشروعان جاءا ليعيدا لنا شيئًا من الأمل بعودة المشروعات العملاقة للظهور. وبالتأكيد فهذان المشروعان ليسا هما منتهى الأمل، وليسا دليلين قاطعين على حالة التعافي التام؛ فالأمر يحتاج لمزيد إصلاح مستمر لمفاصل بعض الجهات، وبحاجة لمزيد متابعة لمتلقفِي بعض المشروعات الحكومية. أقول هذا ومحافظة العرضيات تعيش حالة تعثر مشروع مستشفى (نمرة) بالمحافظة الذي يدخل عامه الـ(11) ولم يتم تشغيله، وأرى المبنى الجديد لمدرستِي (مدرسة أبي بكر الصديق) وهو هيكل عظمي تسكنه الهوام. وبعد.. فلقد خيَّب (إستاد ومطار) جدة ظنِّي وظن غيري؛ فقطعا حالة اليأس التي رانت على قلوبنا، وأحلَّا محلها (شيئًا) من التفاؤل الذي سيستمر باستمرار مسيرة الإصلاح. Mashr-26@hotmail.com Mashr-26@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (52) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :