عندما أنوي الكلام عن أسطورة رياضية بحجم وقامة الرياضي المحنك والقدير الفقيد الغالي (أحمد بن سالمين) فإنني أحتاج إلى مجلدات ضخمة حتى أستطيع التحدث عن جزء بسيط من حياته وقصته مع معشوقته كرة القدم. ولكن سأكتفي في كتابة ثلاثة أجزاء من عمودي هذا «هجمة مرتدة» واليوم أبدأ بالجزء الأول.. ببالغ الحزن والأسى وبقلوب راضية بقضاء الله وقدره، تلقينا نبأ وفاة المغفور له بإذن الله تعالى الفقيد العزيز أحمد بن يوسف سالمين أسطورة كرة القدم المحرقاوية والبحرينية والخليجية، بعد عطاء طويل في المجال الرياضي دام أكثر من سبعين عامًا قضاها الراحل الغالي «بومحمد» في ملاعب الوطن الرياضية بين لاعب ومدرب ومربي للأجيال التي تعاقبت عليه ودربها وغرس فيها حب الوطن الغالي أولاً، وعشق الكيان المحرقي، وعلم تلك الأجيال مبادئ وأصول وأساسيات وفنون الكرة المستديرة، صاحبة الشعبية الأولى في العالم. شكرًا ملك القلوب وفي بداية الأمر.. يسرني أن أرفع أسمى آيات الشكر والتقدير والامتنان إلى مقام حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، بمناسبة أمر جلالته بإطلاق اسم المغفور له بإذن الله تعالى لاعب منتخبنا الوطني السابق لكرة القدم ونادي المحرق أحمد بن سالمين على الشارع المحاذي لنادي المحرق. وإن الأمر الملكي السامي يعكس التقدير الكبير الذي يوليه جلالة الملك المفدى للرياضيين البحرينيين، والتي قدمت إسهامات متعددة للرياضة البحرينية برفعها علم مملكة البحرين عاليًا في مختلف المحافل، وهو ما ينطبق على المغفور له أحمد بن سالمين، والذي كان شخصية رياضية مخضرمة حققت العديد من الإنجازات والنتائج الإيجابية. بن سالمين عميد المدربين في العالم لعل الكثيرين من الذين ينتمون إلى الوسط الرياضي البحريني يجهلون أو لا يعرفون بأن الفقيد الغالي «أحمد بن سالمين» يعتبر عميد المدربين في كرة القدم على مستوى العالم !! نعم على مستوى العالم. حيث استمرت مسيرة «بن سالمين» التدريبية لخمسين عامًا (نصف قرن) منذ عام 1969 حتى نهاية عام 2019 وقبل توقف النشاط الرياضي في البحرين بالنسبة لفرق الفئات العمرية مع بداية عام 2020 بسبب جائحة كورونا، ولا زال التوقف مستمرًا للعام الثاني على التوالي. وعلى المستوى العالمي نجد قائمة المدربين الذين عمروا في تدريب أنديتهم واستمروا عشرات السنين ولكنهم لم يستطيعوا الوصول الى الرقم القياسي لأسطورتنا الفذة الراحل «أحمد بن سالمين» !! ومن تلك القائمة من المدربين نذكر التالية أسمائهم: الفرنسي «جي رو» (نادي أوزير) 44 عامًا مدربًا للفريق، ثم ويلي مالي (فريق سيلتك الأسكتلندي) 43 عامًا مدربًا للفريق، ويأتي بعده «بيل شتروت» (فريق رانجرز) 34 عامًا في تدريب الفريق، ومن بعده «ميكي إيفانز» (فريق كارسوس) 31 عامًا في تدريب الفريق، وثم «روني ماكفال» (فريق بورتاداون) 30 عامًا في تدريب الفريق، ومن بعده «إيجناسيو كويريدا» (منتخب إسبانيا للسيدات) 27 عامًا، وثم يأتي المدرب الشهير «أليكس فيرجسون» أسطورة (فريق مانشستر يونايتد) 27 عاما في تدريب الفريق، وبعده «فرانكي دوري» (زوس في.في وزيلتي فارجم) 22 عامًا في التدريب، وبعد ذلك «خوان سيباستيان» (منتخب الشباب الإسباني) 20 عامًا في تدريب المنتخب، وبعده يأتي المدرب المشهور «أرسين فينجر» أسطورة (أرسنال الإنجليزي) 20 عامًا. ومن هنا نقترح على الاتحاد البحريني لكرة القدم السعي والعمل على توثيق مسيرة الأسطورة «أحمد بن سالمين» وتسجيل فترة ممارسته للتدريب وبشكل رسمي، ومخاطبة الاتحاد الدولي الفيفا وموسوعة غينيس للأرقام القياسية لتسجيل أسم الفقيد بن سالمين في الموسوعة، حيث يحسب هذا الإنجاز لمملكتنا الغالية البحرين. (أتمنى من الأخوان الكرام رئيس وأعضاء مجلس إدارة الاتحاد التجاوب مع هذا الاقتراح الفريد من نوعه) والذي من الصعب تحطيم هذا الرقم القياسي في مجال التدريب، وسيظل مسجلاً باسم البحرين قرون قادمة. دور نادي المحرق في تخليد ذكرى بن سالمين ومن ثم يأتي دور الأخوان الأعزاء رئيس وأعضاء مجلس إدارة نادي المحرق العريق في تخليد ذكرى الراحل الأسطورة «أحمدي»، وأقترح إصدار كتاب ضخم يوثق بالكلمة والصورة مسيرته الرياضية كاملة كلاعب وكمدرب والتي استمرت أكثر من سبعين عامًا. وكذلك إنشاء مدرسة في لعبة كرة القدم للصغار تحمل اسم (مدرسة أحمد بن سالمين لكرة القدم) وتسمية أحد الملاعب الخارجية في النادي باسمه، تقديرًا لعطائه الطويل وتخليدًا لذكراه، وكما طالبنا سابقًا بتسمية إحدى المنشآت الرياضية في النادي باسم رؤساء النادي السابقين المغفور له بإذن الله عز وجل الشيخ دعيج بن خليفة ومعالي الشيخ حمد بن أحمد الخليفة (الله يطول في عمره). وكذلك تسمية الملاعب الأخرى الخارجية باسم المغفور لهم أساطير المحرق الراحلين الشيخ خليفة بن سلمان بن أحمد الخليفية (المايسترو) وعيسى بونفور (الدينامو)، ونقترح كذلك إنشاء مدرسة لحراس كرة القدم باسم أسطورة الحراسة في البحرين والوطن العربي وآسيا الكابتن القدير حمود سلطان (حفظه الله ورعاه) ويشرف عليها بنفسه. خلاصة الهجمة المرتدة: لعل القلب يعتصر ألمًا على فراق مدربنا القدير الراحل «أحمد بن سالمين» الذي طالما أبدع وتميز كلاعب استثنائي في تاريخ الرياضة البحرينية. لقد تركنا في هدوء تام وبدون مقدمات، ولم يتعب أحدًا في رحيله، كما كان في طوال حياته لم يؤذِ أحدًا أو يخطأ في حق أحد، ولم يشتكِ منه أحد !! هكذا يرحل الكبار الذين يتركون أثرًا كبيرًا في نفوس محبينهم ومعجبينهم، وفراق «أحمدي» ترك ألمًا وجرحًا عميقًا في قلوبنا جميعًا، كيف لا !! وهو اللاعب الذي حزنت البحرين بأجمعها وبشتى طوائفها وطبقاتها وجميع أعمار الشعب البحريني المختلفة ورجالها ونسائها، وشبابها وبناتها وكبارها وصغارها. ونكتفي بهذا القدر لضيق المساحة على أن نواصل معكم الحديث عن أسطورتنا الراحلة في الجزء الثاني بالأسبوع القادم. وحتى نلتقي، لكم مني أجمل تحية..
مشاركة :