مع ساعات الصباح الأولى ينشط المزراع الستيني رفيق أبو رافع مستعينا بأفراد عائلته الخمسة في قطف ثمار التوت الأحمر القاني من بستان الفاكهة خاصته في بلدة "عين قنيا" شرق جنوب لبنان. أبو رافع ، الذي تلوثت ملابسه ويديه بصباغ أحمر ناتج عن عصارة ثمار التوت ، أعرب لوكالة أنباء ((شينخوا)) عن أمله بموسم توت واعد هذا العام يؤمن دخلا جيدا للمزارعين في ظل تردي الأوضاع الأقتصادية. وشجرة التوت هي شجرة معمرة وارفة الظلال تزرع في المناطق الريفية التي يتراوح ارتفاعها بين 300 و1000 متر عن سطح البحر ، ويتوزع التوت على عدة أنواع بينها الأحمر والأبيض والشامي والبري الأسود . ويتطلب جني ثمار التوت في الموسم الذي يستمر 50 يوما إلى وقت طويل من العمل والصبر وإلى خبرة وممارسة طويلة حتى لا تتسبب عملية القطف في عصر الثمار وتلفها وخسارة جزء من الموسم. ويقوم المزارع في عملية الجني بالضغط بأصبعين على عنق ثمرة التوت الناضجة من جذعها الأخضر الصغير لتسقط الثمرة ويسقط الكبش ويوضع في وعاء صغير الحجم مخصص لجمع الثمارقبل ان يعود ويوزعها في علب بلاستيكية تتضمن ثقوب عدة تسمح بتهوية الثمار تتراوح أوزانها من كيلوجرام إلى 5 كيلوجرامات. وأوضح المزارع أبو رافع أن ثمار التوت في المناطق الريفية اللبنانية غزت بقوة الأسواق وهي منقسمة بين التوت الأحمر والتوت الأبيض المخصص للاستهلاك الطازج والمشهور بحلاوة مذاقه وبأحجامه الكبيرة الذي يقدم كفاكهة شهية على الموائد. وأشار إلى أن التوت الأحمر يستخدم منزليا في صناعة الشراب المركز الذي يحضر بكثافة داخل منازل القرويين ، في حين تذهب الكمية الأكبر منه إلى معامل عصر الفاكهة وتعليبها. وقالت سلمى أبو عمر زوجة أبو رافع لـ ((شينخوا)) إن التوت الأحمر مناسب لاستهلاكه طازجا لكنه مناسب أكثر للتجفيف ولصناعة شراب التوت وصناعة مربى حلوة المذاق يدخل في صناعة المثلجات والكثير من الحلويات . وعن كيفية تحضير شراب التوت المركز أوضحت سلمى أنه يتم نقع الثمار مع كمية تعادلها من السكر في وعاء كبير ليتم غليهما معا على نار هادئة ، على أن يتم في اليوم التالي عصر سائل التوت وتصفيته من البذور ليعبأ بعدها في زجاجات محكمة الأقفال . من جهته قال المزارع محمد شبلي من بلده الهبارية شرق جنوب لبنان أن أشجار التوت في بستانه تنتج يوميا حوالي 7 كيلوجرامات أي ما يوزاي حوالي 175الف ليرة لبنانية (حوالي 12 دولارا بحسب السوق السوداء) . وأضاف إنه بصدد زراعة حقل تبلغ مساحته حوالي 800 متر مربع باشجار التوت بعدما تبين بأن مردود هذه الشجرة وفير وثمارها مطلوبة للاستهلاك المنزلي والتصنيع التجاري. وقال رئيس تعاونية الزراعات في منطقة حاصبيا شرق جنوب لبنان كميل حمدان لـ ((شينخوا)) إن زراعة التوت عادت بقوة إلى البساتين الريفية في العديد من المناطق اللبنانية. وأوضح أن الدافع لذلك هو سهولة زراعتها والعناية بها والطلب المتزايد على ثمارها بحيث يباع كيلوجرام التوت الأبيض ب 40 الف ليرة لبنانية (حوالي دولارين ونصف) والأحمر ب 25 الف ليرة(حوالي دولار ونصف) في حين وصل سعر زجاجة شراب التوت إلى 50 الف ليرة (3 دولارات ونصف)، ومن شان ذلك رفع مداخيل المزارعين في ظل تدهور الليرة اللبنانية امام الدولار الأميركي. وقال حمدان إن الكثير من المزارعين اتجهوا إلى تطعيم أشجار التوت البري بالتوت المثمر الذي كانت أوراقه مخصصة لإطعام دودة القز بعدما اندثرت صناعة الحرير في لبنان. وأشارت اختصاصية التغذية فاطمة مراد لـ ((شينخوا)) إلى أنه لثمار التوت فوائد صحية جمة لأحتوائه على مخزن حقيقي من الفيتامينات. وأضافت أن التوت منشط للدورة الدموية ويقوي المناعة ويساعد على تحسين الذاكرة ويقي من التهابات المسالك البولية ويفيد في معالجة الحصى في الكلى. بدوره أشار رئيس مجلس أدارة ومدير عام مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية التابع لوزارة الزراعة اللبنانية الدكتور ميشال أفرام لـ ((شينخوا)) إلى أن وزارة الزراعة اطلقت خطة لتشجيع زراعة التوت في معظم المناطق اللبنانية . وأضاف "بدأنا بإقامة دورات تدريبية على تقنيات زراعة أشجار التوت بكل أنواعه كما أنجزنا زراعة حقول تجريبية على أنواع عدة من أشجار التوت وسنعمل على توزيع كميات منها على المزارعين وتزويدهم بالخبرة اللازمة لهذه الزراعة". وتحتل الزراعة في لبنان المرتبة الثالثة بين القطاعات الاقتصادية في البلاد بقرابة 7 في المئة من الناتج الوطني كما تؤمن دخلا لحوالي 15 في المئة من السكان.
مشاركة :