تحت ظل شجرة خروب معمرة إلى جانب الطريق الدولية التي تربط بلدتي مشغرة وصغبين بشرق لبنان يعرض المزارع الستيني عادل أبو انطون عدة صناديق من التفاح الأحمر القاني، آملا أن تجذب هذه الفاكهة المميزة بمذاقها اللذيذ وفوائدها الصحية الكثير من الزبائن عله ينجح في تصريف ما أمكن من انتاجه المهدد بالتلف. بوجه متعب وبلهجة العاجز، أعرب أبو انطون لوكالة أنباء ((شينخوا)) عن خشيته من كساد انتاج التفاح هذا العام وعدم التمكن من تصريفه كما في الأعوام السابقة حيث آلاف الصناديق مكدسة وسط البساتين بانتظار فرصة جادة لتصديرها. وقال "صندوق التفاح بوزن 18 كيلو غراما يباع في هذه الفترة بسعر يتراوح بين 3 و 4 دولارات أمريكية علما بأن كلفته من حراثة وتقليم ومبيدات وقطاف ونقل تفوق حوالي الدولارين. وأضاف "السوق المحلي اللبناني لا يستوعب أكثر من 30 % من الانتاج والقسم الأكبر والمقدر هذا العام بحوالي 6 إلى 7 ملايين صندوق ينتظر مساعي الجهات المعنية التي وعدت بتأمين تصديره إلى العديد من الدول العربية تلافيا لترك الثمار إلى مصير مجهول". وأوضح "في السنوات السابقة وقبل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلد كنا نحفظ التفاح لعدة أشهر وبكميات كبيرة في البرادات على أمل أن نتمكن يوما من تصريفه، لكن مع ارتفاع كلفة التبريد الجنونية في هذه الفترة بات هذا التوجه مجازفة غير مضمونة النتائج". وبين أن "سعر صندوق التفاح الفارغ دولارين وبدل تبريده 7 دولارات وأجرة نقله حوالي دولار ليصل مجموع كلفة الصندوق الواحد لوضعه في البراد حوالي 10 دولارات يعجز المزارع عن دفعها". من جهته، قال رئيس تجمع التعاونيات الزراعية في لبنان غابي سمعان لـ((شينخوا)) إنه "منذ أكثر من 4 اشهر ونحن نناشد الوزارات المعنية وخاصة وزارتي الزراعة والإقتصاد بضرورة الاسراع في تأمين أسواق خارجية للتفاح درءا لخسائر المزارعين". وأضاف "تلقينا الكثير من الوعود وتأملنا خيرا، وما زلنا ننتظر التنفيذ الذي لم تظهر بعد بوادره العملية على أرض الواقع، عله يكون فرصة سانحة تبلسم جراح مزارعي التفاح الذين خسروا حتى الآن أكثر من 7 مواسم متتالية". واعتبر أن "الجهات المعنية تأخرت كثيرا في تأمين تصدير التفاح وهذا ما سينعكس سلبا على هذا القطاع وبات المزارعون في خوف شديد على ضياع انتاجهم وتعبهم". وقال المزارع امجد علو والذي يملك بستان تفاح تزيد مساحته على 24 دونما في منطقة رأس بعلبك بشرق لبنان لـ((شينخوا)) "ينتظر المزارع إنتاج موسم التفاح بفارغ الصبر لتسديد ديونه للتجار وتأمين حاجيات ومتطلبات فصل الشتاء من قوت لنار التدفئة إلى المؤونة المنزلية واقساط المدارس والجامعات التي تضاعفت كلفتها بنسبة 90 %". وأضاف "ثمة انتاج وفير من التفاح هذا العام لكن الخسائر ستكون كارثية في حال عجزنا عن تصريفه بالسرعة القصوى إلى الخارج فهذا هو الحل الوحيد الناجع الذي ينعش المزارع ويحد من خسائره المتراكمة". وأشار "في الظروف الاقتصادية الصعبة ليس بمقدور المزارعين تخزين التفاح في البرادات التي تعاني من انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع أسعار مادة الديزل وسط توجه اصحاب مولدات الكهرباء الخاصة إلى رفع بدل كيلو وات الكهرباء الذي يتقاضونه إلى 20 ألف ليرة مما سيرفع بدل اجرة التبريد للصندوق ليتجاوز 300 الف ليرة لبنانية اي ما يوازي ضعفي سعره". وتشهد سوق الصرف 4 أسعار للدولار، حيث يبلغ سعر الصرف الرسمي 1515 ليرة لبنانية، فيما تصرف المصارف دولار الوديعة المصرفية بقيمة 8 آلاف ليرة وبنحو 29 ألفا على منصة "صيرفة" فيما يتجاوز 38 ألفا في السوق السوداء. من جهته، المزارع سامر رباح الذي قدر انتاج بستانه في منطقة صغبين بشرق لبنان بألفين و600 صندوق من التفاح، قال لـ((شينخوا)) "دخلنا في فترة حرجة حيث بدانا بقطف الثمار، والخوف كبير من الكساد في حال انجزنا القطاف في ظل عدم توفر أسواق خارجية". بدوره، قدر المزارع جمال خوري من بلدة باب مارع بشرق لبنان انتاج بستانه بنحو الف و900 صندوق، وقال لـ((شينخوا)) "نأمل أن تتكلل جهود وزارة الزراعة بالنجاح في تصدير انتاج التفاح والا فالخيار المتبقي هو التوجه لتصنيعه عبر تحويله إلى دبس تفاح أو شراب معلب أو خل أو مربى". وأوضح مدير عام وزارة الزراعة اللبنانية الياس لحود في تصريح إذاعي أخيرا أن الوزارة تلقت وعدا من العراق والأردن ومصر بالبدء باستيراد تفاح لبنان خلال الفترة القليلة القادمة. وقال "نسعى لدى السلطات السورية لالغاء رسم دخول الشاحنات من لبنان عبر اراضيها إلى الدول العربية والمحدد بـ 1800 دولار من أجل تخفيف كلفة التصدير كما طلبنا من الأردن تسهيل عبور الشاحنات اللبنانية لاراضيه في طريقها إلى دول الخليج. من جهته، قال مستشار وزير الزراعة اللبناني، فضل عدم ذكر أسمه لـ((شينخوا)) إن الوزارة تقوم بمساع حثيثة لتصريف انتاج التفاح محليا وخارجيا وانه في هذا الصدد سيتم شراء 200 الف صندوق تفاح لصالح الجيش اللبناني في حين جرت اتصالات مع برنامج الأغذية العالمي لشراء كمية من انتاج التفاح لتوزيعها على النازحين السوريين . وأشار إلى اطلاق الوزارة بالتعاون مع الاتحادات البلدية مشروعا لتزويد برادات التفاح بشرق لبنان بالتيار الكهربائي عبر الطاقة الشمسية للتخفيف من كلفة التخزين. وحسب وزارة الزراعة، فأن عدد مزارعي التفاح في لبنان يتجاوز 26 ألف مزارع وأن المساحة المزروعة بهذه الأشجار تبلغ 16573 هكتارا يصل انتاجها السنوي إلى حوالي 200 الف طن سنويا يستهلك منه ما بين 25 و 30 % محليا. ويشكل القطاع الزراعي في لبنان ثالث أهم القطاعات الاقتصادية بعد قطاع الخدمات والصناعة كما يساهم بقرابة 7 % من الناتج المحلي الإجمالي، ويؤمن دخلا لحوالي 15 % من السكان، وتشمل المحاصيل الزراعية الرئيسة القمح والشعير والفاكهة والخضار والزيتون والعنب والتبغ.
مشاركة :