كتبت قبل شهور قليلة مقالاً بعنوان (درب السنة: مشروع حضاري جميل) أثني فيه على المشروع الكبير في طيبة الحبيبة، بيد أن بعض المحبين آثر أن ينورني بحقيقتين مهمتين لا تقللان من حضارية المشروع وأهميته، ولكنه من باب وضع الشيء في موضعه. ولعلّ من المختصر المفيد الذي وصلني تعليق يتركز حول محورين مهمين: المحور الأول يتعلق بآلية نزع ملكية العقارات التي يتضمنها المشروع، فما تعرضه وزارة المالية الموقرة من آلية لتطوير المشروع تنحصر في استملاك الدولة لكافة الأراضي الواقعة ضمن منطقة المشروع لتخطيطها وتجهيزها للتطوير والاستثمار، كما أنها حسرت نافذة ضيقة لمشاركة الملاك الحاليين بما يتم تقديره من قيمة مالية لعقاراتهم فقط. وبذلك تتخطى عملية نزع الملكيات أغراض المنفعة العامة إلى الاستثمار، مما يتعارض مع نظام (نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة ووضع اليد المؤقت على العقارات) والمصادق عليه بالمرسوم الملكي رقم م/15 وتاريخ 11/3/1424 هـ، لأن عملية النزع بغرض الاستثمار تحرم من يرغب من ملاك الأراضي من الفرصة في السماح لهم بالمشاركة في تطوير أراضيهم أو قبول التعويض محاكاة لما تم تطبيقه عند تطوير المنطقة المركزية المحيطة بالحرم النبوي الشريف . المحور الثاني إجرائي، إذ تم اعتماد المشروع من الملك حفظه الله بتاريخ 15 رمضان 1436هـ، ثم أُبلغ الملاك والسكان بأن موعد قطع التيار عن العقارات المنزوعة سيكون بتأريخ 15 محرم 1437هـ، وهي مدة قصيرة جداً لا تسمح لسكان العقارات بترتيب أمورهم والبحث عن مساكن بديلة خصوصاً مع ما يجتاح سوق العقار بالمدينة المنورة من حالة مبالغة في الأسعار نتيجة لمشاريع توسعة الحرم النبوي، إذ ارتفعت أسعار العقارات بيعا وتأجيراً بصورة كبيرة. وإضافة إلى ذلك، فإن تأخير دفع التعويضات عن موعد الإخلاء يعني أن البدائل لكثير من الملاك شبه معدومة. إنه رجاء خالص لمعالي وزير المالية كي يعيد النظر في بعض جوانب المشروع طمعاً في تحقيق الكمالات الإنسانية المأمولة، والتي تمتاز بها بلادنا المشرفة، ومدينة المصطفى المنورة في القلب منها بعد مكة المكرمة. وأحسنوا، فإن الله يحب المحسنين. salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :