العراق: دعاية انتخابية أم تضليل سياسي؟

  • 7/15/2021
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بدأت‭ ‬حملة‭ ‬الدعاية‭ ‬الانتخابية‭ ‬للمرشحين‭ ‬بالعراق،‭ ‬وفقا‭ ‬لقرار‭ ‬مفوضية‭ ‬الانتخابات‭ ‬النيابية‭ ‬الذي‭ ‬حصرها‭ ‬في‭ ‬المدة‭ ‬من‭ ‬8‭ ‬يوليو‭ ‬حتى‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬المقبل،‭ ‬حيث‭ ‬يتنافس‭ ‬فيها‭ ‬3243‭ ‬مرشحا‭ ‬أمام‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬25‭ ‬مليون‭ ‬ناخب‭ ‬عراقي‭.‬ وبمجرد‭ ‬أن‭ ‬أعلن‭ ‬قرار‭ ‬المفوضية‭ ‬الإيذان‭ ‬ببدء‭ ‬الدعاية‭ ‬الانتخابية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬حظيت‭ ‬أسماء‭ ‬المرشحين‭ ‬بالمصادقة،‭ ‬وإجراء‭ ‬قرعة‭ ‬أرقام‭ ‬المرشحين،‭ ‬بدأ‭ ‬ماراثون‭ ‬السباق‭ ‬الانتخابي،‭ ‬وهو‭ ‬مكمل‭ ‬لحملات‭ ‬دعائية‭ ‬مضى‭ ‬عليها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الحال،‭ ‬ليكون‭ ‬أطول‭ ‬مشوار‭ ‬انتخابي،‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬أخذنا‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬موعد‭ ‬إجراء‭ ‬الانتخابات‭ ‬المقرر‭ ‬سابقا‭ ‬في‭ ‬6‭ ‬يونيو‭ ‬الماضي،‭ ‬قبل‭ ‬تأجيله‭ ‬إلى‭ ‬10‭ ‬أكتوبر‭ ‬المقبل،‭ ‬بهدف‭ ‬استكمال‭ ‬التحضيرات‭ ‬الانتخابية‭. ‬ والحديث‭ ‬عن‭ ‬الدعاية‭ ‬الانتخابية،‭ ‬هو‭ ‬الهم‭ ‬الشاغل‭ ‬للعراقيين‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر،‭ ‬فما‭ ‬ذنبهم‭ ‬أن‭ ‬يتحولوا‭ ‬إلى‭ ‬حقل‭ ‬تجارب‭ ‬من‭ ‬الضخ‭ ‬المعلوماتي،‭ ‬والتأثير‭ ‬النفسي‭ ‬والتضليل‭ ‬والتزييف‭ ‬والتجهيل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القوى‭ ‬الحزبية‭ ‬والكتلوية‭ ‬المتنافسة‭ ‬على‭ ‬كسب‭ ‬عطف‭ ‬الناخب؟‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬علمنا‭ ‬أن‭ ‬حقيقة‭ ‬الدعاية‭ ‬تحولت‭ ‬من‭ ‬برامج‭ ‬تقليدية‭ ‬تمارسها‭ ‬القوى‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬لصناعة‭ ‬رأي‭ ‬عام‭ ‬يحقق‭ ‬للناخب‭ ‬فرصة‭ ‬اختيار‭ ‬صاحب‭ ‬الكفاءة‭ ‬والنزاهة،‭ ‬إلى‭ ‬برامج‭ ‬وهمية‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬الشيطنة‭ ‬وتشويه‭ ‬سمعة‭ ‬المرشح،‭ ‬وتلويث‭ ‬عقول‭ ‬جمهور‭ ‬دائرته‭ ‬الانتخابية،‭ ‬وحرمانهم‭ ‬من‭ ‬انتخاب‭ ‬مرشح‭ ‬مؤهل‭ ‬لحمل‭ ‬صفة‭ ‬التمثيل‭ ‬النيابي،‭ ‬لانتخاب‭ ‬مرشح‭ ‬لا‭ ‬يبغي‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬قبة‭ ‬البرلمان‭ ‬إلا‭ ‬كسب‭ ‬المال‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تتوافر‭ ‬فيه‭ ‬أدنى‭ ‬مواصفات‭ ‬التمثيل‭ ‬النيابي‭. ‬ أصبحت‭ ‬صناعة‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬حرفة‭ ‬ذهنية‭ ‬يشكلها‭ ‬المتلاعبون‭ ‬والمزيفون‭ ‬للحقائق‭ ‬عبر‭ ‬توظيف‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وفبركة‭ ‬الشائعات‭ ‬وانتشارها‭ ‬بأقرب‭ ‬وقت،‭ ‬لمجرد‭ ‬اختيار‭ ‬الأدوات‭ ‬والأذرع‭ ‬التسقيطية‭ ‬ضد‭ ‬المرشح‭ ‬المناسب،‭ ‬بينما‭ ‬غابت‭ ‬عن‭ ‬برامج‭ ‬الحملات‭ ‬الانتخابية،‭ ‬الدعاية‭ ‬الحقيقية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬برنامج‭ ‬عمل‭ ‬حقيقي،‭ ‬تُناقش‭ ‬على‭ ‬أساسه‭ ‬خطوات‭ ‬التنفيذ‭ ‬الميداني‭.‬ لقد‭ ‬أصبح‭ ‬المال‭ ‬الفاسد‭ ‬العصا‭ ‬السحرية‭ ‬التي‭ ‬ينحني‭ ‬أمامها‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الضعفاء،‭ ‬إما‭ ‬لتردي‭ ‬أوضاعهم‭ ‬المادية،‭ ‬وارتفاع‭ ‬نسب‭ ‬البطالة‭ ‬بينهم‭ ‬ولاسيما‭ ‬الشباب‭ ‬منهم،‭ ‬أو‭ ‬لوجود‭ ‬جهة‭ ‬سياسية‭ ‬تقرأ‭ ‬جيدا‭ ‬هذه‭ ‬الفجوة‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وتستغلها‭ ‬في‭ ‬ممارسة‭ ‬التزييف،‭ ‬وتعطي‭ ‬وعودها‭ ‬بفرص‭ ‬التوظيف‭ ‬والعقود‭ ‬واستغلال‭ ‬طاقات‭ ‬الشباب،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬منهج‭ ‬دعائي‭ ‬سياسي‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬سرقة‭ ‬الجهود‭ ‬وتخريب‭ ‬النفوس‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الوفاء‭ ‬بتنفيذ‭ ‬الوعود‭.‬ ليكن‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬عون‭ ‬البيئة‭ ‬العراقية،‭ ‬وشوارعها‭ ‬وتقاطعاتها‭ ‬ومتنزهاتها،‭ ‬التي‭ ‬ستعج‭ ‬بصور‭ ‬المرشحين،‭ ‬واللوحات‭ ‬التي‭ ‬ستنصب‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬جميل،‭ ‬وتنهي‭ ‬بذلك‭ ‬بريق‭ ‬الجمال‭.‬ إنها‭ ‬أساليب‭ ‬دعائية‭ ‬مشوهة‭ ‬تكررها‭ ‬علينا‭ ‬القوى‭ ‬السياسية‭ ‬كل‭ ‬أربع‭ ‬سنوات،‭ ‬وتفتقر‭ ‬إلى‭ ‬أدنى‭ ‬أصول‭ ‬الذوق،‭ ‬والسبب‭ ‬المال‭ ‬المنهوب‭ ‬من‭ ‬أموال‭ ‬الدولة‭ ‬ومشاريعها‭ ‬المتروكة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إنجاز،‭ ‬وكذلك‭ ‬ضعف‭ ‬الوعي‭ ‬الحقيقي‭ ‬بأصول‭ ‬الدعاية‭ ‬الانتخابية،‭ ‬والتنافس‭ ‬المغلوط‭ ‬في‭ ‬تعليق‭ ‬الصور،‭ ‬وتمزيق‭ ‬صور‭ ‬المرشح‭ ‬الآخر‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬التسقيط‭ ‬اللا‭ ‬مبرر،‭ ‬ومرد‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المجتمع‭ ‬مغلوب‭ ‬على‭ ‬أمره،‭ ‬والعبثية‭ ‬هي‭ ‬عنوان‭ ‬الحياة،‭ ‬والفساد‭ ‬ينشئ‭ ‬الفقر‭ ‬والجهل،‭ ‬ويجعل‭ ‬البسطاء‭ ‬أدوات‭ ‬هدم‭ ‬بيد‭ ‬الأثرياء‭ ‬من‭ ‬الفاسدين‭ ‬الأغبياء‭.‬ لا‭ ‬نخاطب‭ ‬المرشحين،‭ ‬وهم‭ ‬قلة‭ ‬أمام‭ ‬40‭ ‬مليون‭ ‬عراقي،‭ ‬بل‭ ‬نعرض‭ ‬الحقائق‭ ‬والسلوكيات‭ ‬المغلوطة،‭ ‬أمام‭ ‬الجمهور‭ ‬العراقي‭ ‬بغية‭ ‬اختزال‭ ‬الحقيقة‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬ركام‭ ‬الفوضى،‭ ‬واختيار‭ ‬من‭ ‬يجده‭ ‬مناسبا‭ ‬للنيابة‭ ‬البرلمانية،‭ ‬ويخدم‭ ‬المصلحة‭ ‬الوطنية‭ ‬العليا‭ ‬للوطن،‭ ‬وعدا‭ ‬ذلك،‭ ‬فالحذر‭ ‬من‭ ‬تكرار‭ ‬تجربة‭ ‬انتخابات‭ ‬2018‭ ‬المطعونة‭ ‬بشرف‭ ‬مصداقيتها‭.‬ { كاتب‭ ‬وأكاديمي‭ ‬عراقي Faidel‭.‬albadrani@gmail‭.‬com

مشاركة :