سويسرا تخضع لأصعب اختباراتها حول السرية المصرفية

  • 10/15/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تواجه سويسرا في خريف هذا العام واحدا من أصعب الاختبارات المتعلقة بسعيها الطويل للحفاظ على سمعة مركزها المالي الدولي، وتأكيدها المتواصل احترامها القوانين الدولية المحاربة للتهرب الضريبي. الامتحان سيستغرق عدة أشهر ابتداء من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، والممتحنون هم مختصون ماليون من منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية الأوروبية، وموقع الامتحان في الميدان السويسري نفسه، ومادة الامتحان، كيف سيعمل النظام السويسري في تبادل المعلومات الضريبية في ظل قوانين السرية المصرفية؟ منذ عام 2009، تعهدت سويسرا بتقديم معلومات إلى البلدان التي أخفى دافعو الضرائب من مواطنيها أموالاً غير معلنة في المصارف السويسرية، ومنذ ذلك الحين شرعت سويسرا عدداً لا يحصى من القوانين لهذا الغرض، لكن هل تبادل المعلومات يعمل حقاً وفعلاً؟ وهل سويسرا قادرة على الوفاء بالتزاماتها؟ هذان من أسئلة الامتحان، التي سيتحقق منه المختصون الماليون في "المنتدى العالمي للشفافية المالية" التابع لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. وخلال الأشهر القليلة المقبلة، سيُخضِع هذا النادي الحديث والغامض إلى حد ما، لكنه القوي في مرجعيته واستراتيجيته، سويسرا إلى ما يُعرف باسم "استعراض الأقران" الذي يبدو صعباً على بلاد المصارف التي لا تزال قوانين السرية المصرفية تعمل كأساسٍ للنظام المصرفي في البلاد، ولا تزال البلاد نفسها تسعى للإبقاء على نظام مصرفي خاص بها حتى بعد تآكل السرية المصرفية. وكما اعترف السويسريون أنفسهم، فإن الجهاز القضائي السويسري لا يزال يكافح من أجل تلبية نحو 1500 طلب للمساعدة الضريبية يتم إرسالها إلى العاصمة بيرن كل سنة. وقالت لـ "الاقتصادية" مونيكا بهاتيا، المفتشة السابقة لسلطات الضرائب الهندية قبل أن تصبح عضواً في الأمانة العامة لمنتدى الشفافية، إن الوقت قد حان لمعرفة كيف يعمل النظام السويسري لمحاربة التهرب الضريبي على أرض الواقع، وكيف ستمضي الإجراءات على وجه التحديد عندما تتلقى الحكومة السويسرية طلبات التعاون. وأضافت: بلا شك أن سويسرا حققت تقدماً كبيراً في الإطار القانوني، لكن المنتدى يريد معرفة التطبيق العملي للقوانين، مؤكدة أن "استعراض الأقران" قد بدأ أصلاً، لكن ليس مع سويسرا بل مع دول أخرى. وأوضحت: في الواقع أن بلداناً كانت سويسرا قد وقعت معها اتفاقات لتبادل المعلومات، تلقت استبيانات من المنتدى، تضمنت ما خبرتها مع سويسرا في قضايا التعاون الضريبي؟ وكم عدد طلبات المساعدة القانونية حول الأمور الضريبية المرسلة؟ وكم كان عدد الإجابات التي تلقتها، وكم استغرق وقت الإجابة؟ وبخلاف ذلك، لماذا لم تجيبها السلطات السويسرية؟ وأضافت: أغلب الممتحنين في الميدان السويسري هم غالباً من المسؤولين السابقين في سلطات الضرائب المعارين من بلدهم. أما التقرير النهائي للجنة، فمن المتوقع أن يصدر في حزيران (يونيو) أو في أيلول (سبتمبر) عام 2016. بدوره، قال لـ "الاقتصادية" مسؤول في وزارة المالية السويسرية، إن "سويسرا لا ترتجف، نأمل أن نحصل على تصنيف جيد، لأن الدول مثل التلاميذ تسعى أيضاً لاجتياز أي امتحان". وأوضح المسؤول - فضل عدم ذكر اسمه - أن نتيجة الامتحان ستراوح من 1 إلى 4 درجات، الدرجة 1 تعني "التوافق" مع معايير تبادل المعلومات التي وضعتها منظمة التنمية والتعاون الاقتصادية، الدرجة 2 تعني "توافق إلى حدٍ كبير"، 3 "توافق جزئي" و4 "عدم توافق". وتسعى سويسرا إلى الحصول على الدرجة 2، لكنها تخشى تلقي 3، لتقف بذلك على المنصة نفسها مع النمسا. وتعني هذه الدرجة أن نظام تبادل المعلومات يحتاج إلى تحسين بشكل كبير، وهو ما سيوصي به المنتدى، مما يُدخل البلاد في جولة جديدة من التشريعات. وقال مسؤول وزارة المالية، "هدفنا الحصول على درجة تعكس بدقة التقدم المحرز في السنوات الأخيرة، نتوقع أن تعامل سويسرا بموضوعية وعدالة في تقييم الأقران". لكن ما يقلق سويسرا أن التقييم الموضوعي قد لا يكون بيناً، فالمنتدى العالمي هو الآن تحت رئاسة فرنسا التي لها مواقف متشددة مع سويسرا في المسائل المتعلقة بالتهرب الضريبي، خاصة أن 85 في المائة من المتهربين الفرنسيين من الضرائب لديهم حسابات سرية في سويسرا، مثلما كشف عن ذلك وزير المالية الفرنسي قبل أسبوع. كما كان لباريس نزاعات منذ فترة طويلة مع سويسرا التي سبق أن رفضت معظم طلبات المساعدة القانونية الفرنسية.

مشاركة :