السرية المصرفية .. سويسرا تترك «الحبل على الغارب»

  • 3/12/2014
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

مرة أخرى بسطت سويسرا يداً نظيفة بيضاء أمام العالم لتفادي انزلاقها إلى "القائمة السوداء" الخاصة بالملاذات الضريبية، التي أعدتها المنظمة الأوروبية للتنمية والتعاون الاقتصادي. فقد تبني البرلمان بمجلسيه وبسرعة فائقة قانوناً معدَّلاً يتعلق بالسرية المصرفية، علاوة على قرارات جديدة تتعلق بتحويل الأموال. فبعد أيامٍ قليلة من موافقة مجلس النواب، وافق مجلس الشيوخ اليوم بأغلبية 34 صوتاً ضد واحد، ومن دون تعديلات ولا مناقشات مطولة على صيغة منقَّحة لقانون يتعلق بالمساعدة الإدارية والقانونية التي ينبغي على الحكومة تقديمها لطلبات الدول حول الحسابات السرية المصرفية موضع الشبهة. وبفضل هذا النص المائع تقريبا الذي أقرَّه أعضاء مجلس الشيوخ دون مناقشة تقريباً، فإنَّ عملاء المصارف السويسرية الأجانب الذين يتم استهدافهم من قِبل دولهم بطلب للمساعدة المتبادلة قد يتم الإبلاغ عنهم في وقت لاحق "في الحالات الاستثنائية". أما الممارسة الحالية فهي تعيق الاستجابة، أو الرد على عدة مئات من طلبات الاستفسار. وتخفّف التعديلات الجديدة من شروط الاستجابة لطلبات الاستفسار مُقارنة بما كانت موجودة في القانون السابق، وهي شروط جعلت الاستجابة لتقديم المساعدة شبه مستحيلة. وتشترط التعديلات على الدولة الطالبة للمعلومات أن تقدم مُبرِّرات قانونية لطلبها، مدعومة بقرارات صادرة من القضاء أو تحقيقات المدعي العام في بعض الحالات. فعلى سبيل المثال يمكن للدولة طالبة المعلومات أن تحتج بأن التحقيق يتعلق بشبهات تمس المصالح العليا للبلاد، أو بالتذرع بأنه يهدّد أو من شأنه أن يهدد الأمن الاقتصادي للدولة أو مجموعة من الدول. وكان المعترض الوحيد على تبني هذا القانون عضو حزب "اتحاد الوسط الديمقراطي" اليميني، بيتر فوهن، محتجَّاً بأن سويسرا قدمت تنازلات كثيرة جداً في مجال السرية المصرفية، وهي تضحي الآن بسيادة القانون، حسب تعبيره. وقال في كلمة له أمام المجلس نقلها التلفزيون السويسري، أنّه يدرك جيداً أنه ليس أمامه أي فرصة لحجب النص، ولهذا فإنه لن يُقدِّم أي مقترحات. ولم يكن هناك من مفر أمام سويسرا غير تقديم هذه التنازلات لرغبتها في تلبية أحد المعايير الرئيسة التي وضعتها المنظمة الأوروبية للتنمية والتعاون الاقتصادي، وهو أمر يسمح لها الانتقال من المرحلة الثالثة إلى الثانية من جداول تصنيف دول الملاذات الضريبية. وتتعلق المعايير الأخرى بإبرام عدد كاف من الاتفاقيات المتعلقة بالازدواج الضريبي، وتحسين الشفافية المتعلقة ببيع الأسهم "لحاملها". وساند مجلس الشيوخ أيضاً تشدداً تبناه مجلس النواب يتعلق بالتنازل عن المعلومات القديمة، حيث وضع شروطاً قاسية أمام التنازل عن مثل هذه المعلومات كالاشتراط على الدولة الطالبة أن تقدِّم شروحاً مقنعة لسبب طلبها المساعدة الإدارية، ونتائج التحقيقات القضائية التي أجريت مع الشخص المعني. مِن جانبها حاولت وزيرة المالية فيدمر ـ شلومبف عبثاً أن تضع فقرة في القانون تؤكد أنَّ هذين الشرطين ليسا متراكمين، أي لا يشترط تقديمهما معاً، وحثت النواب على عدم الخروج عن المعيار الدولي الذي وضعته منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي، وعدم خلق مشاكل في تطبيق القانون. من جانب آخر سيتم تطبيق قواعد جديدة تتعامل مع الطلبات الجماعية للمساعدة القانونية، أي تلك التي تتقدم بها مجموعة من الدول حيث لا يستفيض القانون الجديد في مثل هذه الحالة. وستتولى الحكومة تعيين العناصر التي ستدرج في هذه التطبيقات. وفي حملة "اليد البيضاء" ذاتها، ساندت لجنة الشؤون القانونية في مجلس الشيوخ خطة الحكومة بتشديد الإجراءات ضد غسل الأموال، حيث اعتمدت دون معارضة مشروع قانون حكومي يقضي حظر المدفوعات النقدية التي تتجاوز 100 ألف فرنك (114 ألف دولار) في كافة مبيعات المزادات ومبيعات العقارات بأغلبية 8 أصوات ضد 4 ومبيعات الأوراق المالية بأغلبية 7 ضد 5. واعتبر القانون أيضاً أي عملية لتقليص الضرائب تتم بوسائل التزوير أو الخداع بمثابة جريمة توازي جرائم غسل الأموال. واقترحت الحكومة ألا يقل المبلغ الذي تم خصمه زوراً من استحقاق الضريبة عن 200 ألف فرنك (227 ألف دولار) خلال السنة المالية، وما دون ذلك يتم التعامل مع الاحتيال الضريبي وفقاً للقوانين العادية. وبفضل الصوت المُرجِّح لرئيس اللجنة، ستيفان أنجلر، رفضت اللجنة القانونية اقتراحاً يقضي برفع الحد الأدنى للاحتيال الضريبي الذي يوازي جريمة غسل الأموال إلى 300 ألف فرنك في السنة (341 ألف دولار). وبأغلبية 7 أصوات مقابل 5، رفضت اللجنة أيضاً، اقتراحاً بأن يتم إنزال الساطور على رأس المتهرب من الضريبة فقط إذا ما عبر تهربه الضريبي حد الـ 200 ألف فرنك خلال سنتين متعاقبتين بدلاً من سنة واحدة. علاوة على ذلك، تضمن مشروع القانون فقرات تحسِّن من شفافية بيع وشراء "الأسهم لحاملها"، من بينها تحديد هوية حامل أسهم شركة أو مؤسسة مالية أو مشروع اقتصادي إذا ما تجاوزت أسهمه نسبة 25 في المائة من رأس مال المؤسسة، أو 25 في المائة من الحق في التصويت. وبأغلبية 6 أصوات مقابل 5 وامتناع 1، رفضت اللجنة اقتراحا يقضي بتخفيض العتبة إلى 10 في المائة. وسيكون أي شخص يقتني أسهماً "لحاملها" من شركة غير مدرجة في سوق الأوراق المالية ملزماً بالإعلان عن هذا الاستحواذ، واسمه، ووضعه الاجتماعي، وكذلك عنوانه وموقعه في الشركة.

مشاركة :