أعطت سويسرا إشارة سياسية قوية لصالح وضع نهاية للسرية المصرفية وذلك بإعلانها مع سنغافورة (وهي مركز دولي مالي آخر عرضة للانتقاد)، التزامهما بممارسة التبادل الآلي للمعلومات المصرفية، وفقاً للمعايير التي وضعتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. وجاء هذا الإعلان بتوقيع سويسرا وسنغافورة في بيرن الجمعة الماضي "بيان شراكة" أعلنتا فيه تصميمهما على تنفيذ التبادل الآلي للبيانات الضريبية، التي تعمل منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية على نشر هذه الممارسة على المستوى الدولي. وتم التوقيع على البيان خلال زيارة قام بها رئيس جمهورية سنغافورة، توني تان كنج يام، للعاصمة السويسرية. ولم يكتف "بيان الشراكة" بالالتزام بالإرسال التلقائي لبيانات المودعين، بل ذهب إلى حد الالتزام بتبادل المعلومات المصرفية بناء على طلب. فضلاً عن ذلك أكد البلدان أنه إذا ما أريد أن تكون هناك قيمة قانونية حقيقية لإجراءات التبادل الآلي للمعلومات، فينبغي نقل معايير التبادل إلى القانون الوطني، وهي إشارة واضحة إلى اتجاه البلدين إلى تعديل قوانينهما المحلية بما يتلاءم مع معايير التبادل التي أعلنتها المنظمة في بداية العام الحالي. معظم البلدان الأخرى الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية الـ 34، و13 دولة أخرى، من بينها الصين وروسيا، التزمت مسبقاً بتبادل المعلومات الضريبية على أساس تلقائي مع بلدان أخرى، غير أنَّ سويسرا وسنغافورة، وهما من المراكز المالية المهمة، لم يخطوا هذه الخطوة إلا بعد أن هددتهما المنظمة بالمقاطعة في خريف عام 2012. وقال باسكال سانت ـ أمان، مدير مركز السياسات والإدارة الضريبية في منظمة التعاون والتنمية، لـ "الاقتصادية"، "من الواضح أن توقيع مثل هذه المذكرة يعني نهاية السرية المصرفية التي استغلت جيداً للتهرب من الضرائب". وقال "إن التبادل الآلي للبيانات الضريبية هو السلاح الأكثر فعالية ضد الاحتيال، وإنه يلغي السرية المصرفية فعلياً وعملياً، ويضع حداً للتعسف الذي يمكن أن يحصل خلال التعاون بين الإدارات الضريبية". وأشار إلى أن توقيع سويسرا على البيان، يعني أن بلد "السرية المصرفية" أصبح من أوائل البلدان التي وضعت التزاماتها الشفوية حول مبدأ التبادل موضع التنفيذ، وأنَّ التوقيع يوضح أن المنظمة عبرت مرحلة يجعل من التوقيع على الاتفاقية المقبلة أمرا لا مفر منه. لكن ما يزال يتعين على الحكومة السويسرية أن تعلن موعد استئنافها معايير منظمة التعاون والتنمية، والطريقة التي ستنفذ بها تلك المعيار طبقاً للقانون السويسري. ويتوجب وضع الصيغة النهائية لمعايير منظمة التعاون والتنمية في الخريف المقبل في اجتماع يعقد في برلين. بعد ذلك ينبغي لسويسرا أن تؤكد رسميا تبنيها المعايير. وتوقع، سانت- أمان أن يدخل النظام الجديد للتبادل الآلي للمعلومات حيز النفاذ عام 2017. وعلى الصعيد الأوروبي، وعدت بريطانيا، وألمانيا، وفرنسا، وإسبانيا، وإيطاليا للعب دور رائد، في ميدان التبادل التلقائي للمعلومات والتوقيع بينها على اتفاقيات في هذا المجال قبل اجتماع برلين، المقرر في 28 و29 تشرين الأول (أكتوبر). وطبقاً لمعايير منظمة التعاون والتنمية، المستوحاة إلى حد كبير من قانون الضرائب الأمريكي "فاتكا FATCA"، فإنَّ جميع المعلومات المصرفية، سواء المتعلقة بالسحب والإيداع، أو الأرباح، والدخول، والفائدة والمبيعات، سيتم تبادلها تلقائياً بين الإدارات الضريبية للبلدان الموقعة.
مشاركة :