جعفر إبراهيم يعمل بطريقة احترافية ولا يمثّل شخصيتين مختلفتين لا يختلف اثنان على أنّ جعفر إبراهيم واحد من الكفاءات التحكيمية للكرة الطائرة على المستويات الخليجية والعربية والعالمية، وإذا كانت الظروف قد سنحت إليه، وسهّلت مأموريته من جهة، إلا أنّ كلّ ذلك وحده لم يعد كافيا، إذ لولا النفس الطويل، والسمات الشخصية، والاستعداد الخاص، والحفر في الصّخر، وغيرها من الأمور التي تعدّ من مفاتيح ومقوّمات النجاح، لما وصل إلى ما وصل إليه.. حرصنا في «أخبار الخليج الرياضي» خلال حوارنا مع العالمي جعفر إبراهيم على أن يكون حوارا توعويّا نوعا ما. } هل وجود ممثلين للعرب في لجنة حكام الاتحاد الدولي للكرة الطائرة من شأنه يسهّل مأمورية مشاركة الحكام العرب في البطولات العالمية؟ - بدون شك، وهناك ممثل للعرب في لجنة حكام الاتحاد الدولي للكرة الطائرة ممثلا في التونسي عبد المجيد جراد، وهو أحد الداعمين طبعا للحكام العرب، غير أنّ الأمور الآن اختلفت عما كانت عليه في السابق بشأن اختيار وترشيح الحكام للوصول إلى مستوى الترشّح للبطولات العالمية والقبول في المستوى المبتدئ كحكم دولي (c). } لاحظنا خلال دوري الأمم للكرة الطائرة الأخير الذي اختتم في إيطاليا عدم وجود حكام مراقبي للخطوط.. هل مردّ ذلك إلى ظروف الجائحة، أم وجود فيديو التحدي، أم هناك توجّه لإلغاء مهمة المراقبين؟ - نعم، عدم وجود حكام مراقبي للخطوط في دوري الأمم الأخير الذي أقيم في إيطاليا هو توجّه نوعا ما لإلغاء مهمة مراقبي الخطوط في البطولات العالمية للاعتماد على تقنية الفيديو على اعتبار أنّ الأخيرة تتميّز بالدقة في الكثير من الحالات، زد على ذلك ظرف الجائحة الذي فرض تقليل عدد المتواجدين في مساحة الملعب بقدر المستطاع، غير أنني أرى بأنّ الأمر سيكون محفوفا بالصعوبة في بعض الحالات في ظل غياب مراقب الخطّ، إلا إذا تمّ مضاعفة عدد الكاميرات، وتمّ إضافتها في قانون التحدّي. } ولاحظنا ضمن الدوري نفسه بأنّ الحكم الثاني يقوم بالتحدث مع اللاعبين والجهاز الفني لتوضيح بعض التساؤلات أو الإشكالات من غير تدخل الحكم الأول.. هل هذا يعدّ إضافة لمسؤولية الحكم الثاني؟ - ليس هناك أيّ إضافة لمسؤوليات الحكم الثاني، إذ يتطلب من الأخير أن يكون أكثر حرصا في أداء مهامه، وأيّ استفسار دائما ينبغي أن يكون من رئيس الشوط ويوجّه مباشرة للحكم الأول، وهذا لا يعني أنّ الحكم الثاني يتطلب منه أن يكون شديدا جدا، ولكن هناك بعض المرونة التي من شأنها جعل الأمور أكثر سلاسة، وسهل علاجها وبدون الإطالة فيها، وبما أنه في مثل هذه البطولات العالمية هناك تواصل عبر اللاسلكي بين الحكمين الأول والثاني، فيترتب عليه معرفة الحكم الأول بما يدور مما يحتّم عليه توجيه الفرق إذا لزم الأمر، إلا في حالة طلب الفيديو فعندها ينبغي على الحكم الثاني الاستفسار فقط للتأكد من المدرب بشأن نوعية الطلب، وكذلك توصيل المعلومة بشأن عدد الأوقات المستقطعة والتبديل خاصة عند الوصول إلى التبديل الخامس وبعدها السادس. } في الوقت الذي يرفع فيه الاتحاد الدولي للكرة الطائرة شعار ترك الكرة تستمر في الطيران، نجد أن لجوء المدربين إلى فيديو التحدي يستهلك شيئا من الوقت.. ألا يدلّ هذا على التعارض بين الشيئين؟ - نعم، شعار الاتحاد الدولي يتمثل في ترك الكرة مستمرة في الطيران، بهدف زيادة إمتاع المشاهد والجمهور معا بالألعاب الجميلة، وصحيح أنّ هناك بعض الطلبات التي تأخذ بعض الوقت نظرا لصعوبة اتخاذ القرار فيها من قبل حكم الفيديو بين الفريقين، ولكن طلب الفيديو يمثل العدالة والإنصاف، ولا أعتقد أنه يتعارض مع شعار الاتحاد الدولي، بل بالعكس، ففيديو التحدي نفسه يشكل جزءا آخر من المتعة والتشويق من خلال انتظار ما تسفر عنه النتيجة لتحقيق العدالة. } بين الفينة والأخرى يلجأ الاتحاد الدولي إلى تغيير ألوان الكرة الطائرة.. هل يمكن أن نطلع المتابعين على الدوافع التي تأخذ المختصين في الاتحاد إلى هذا العمل؟ } طبعا شكل كرة الطائرة يتغير بين الوقت والآخر، أما المواصفات الأساسية للكرة من محيط ووزن وضغط داخلي فهي لا تتغير بحسب القانون الدولي للكرة الطائرة، أما عملية تغيير الشكل فهي عملية تسويقية في المقام الأول من قبل الشركة المصنّعة، بهدف إضافة شكل جماليّ للكرة واللعبة في الآن نفسه، فلكل شركة أسلوبها في التسويق بإضافة كماليات وليست أساسيات، وبما أنّ هناك شراكة بين الاتحاد الدولي والشركة المعنية بالتصنيع، فلا بدّ للأخيرة من اللجوء للتغيير بين الوقت والآخر بهدف الجذب من جهة، وزيادة مبيعاتها بشكل عام من جانب آخر. } هل جعفر إبراهيم يمثل شخصيتين عندما يقوم بإدارة المباريات محليا أو خارجيا؟ يمكن أن توضح هذا الأمر؟ - هذا ليس صحيحا، فجعفر إبراهيم هنا يمثل القانون سوى تعلق الأمر بالداخل أو الخارج، وعلى مستوى التعامل مع الفرق ومختلف الطواقم من فنية أو إدارية، وكل هذا لا يأتي من فراغ، وإنما وراءه العمل بطريقة احترافية مع الجميع قبل وأثناء وبعد المباراة، على المستوى الدولي يكون العمل من جميع المشاركين احترافيا، بينما على مستوى الداخل والمحلي هناك تفاوت بين البعض والآخر، ومن هنا ربما يرى البعض بأنّ جعفر إبراهيم يمثل شخصيتين أو دورين مختلفين، نظرا لافتقار البعض هذا الإلمام ببعض الأمور الفنية والإدارية. } كثير من حكامنا المحليين يحرصون كل الحرص على الإخراج النهائي الأمثل للمباريات.. هل هذا الأسلوب صالح في كلّ وقت؟ ما رأيك؟ - كل حكم يحرص كل الحرص على إخراج المباراة بقدر المستطاع في أحسن صورة، وهذا أسلوب من الأساليب الجميلة المطلوبة لجعل الجميع مرتاحا وراضيا ومتقبلا للنتيجة النهائية بروح رياضية، ولكن هذا لا ينبغي أن يكون على حساب عدم تطبيق القانون متى استلزم الأمر، وخاصة في ظل وجود سوء سلوك شديد، ويبقى ذلك كله يتوقف على ثقافة الحكم التي تخوّله لتجاهل بعض الأمور، والتشديد من جهة، وكذلك ثقافة الفرق وتقبلها من جهة لتسيير المباراة. } كثيرا ما نسمع من المعنيين في الأندية أو من لهم صلة بأنّ حكما ما قد ضيّع مجهود موسم هذا النادي أو ذاك لمجرد أنّ الحكم قد أخطأ في قراره، أو أنّ قرار الحكم كان صائبا ولكنه اتخذه في توقيت حساس.. كيف تعقّب على ذلك؟ - الحكم في نهاية الطواف هو من جنس البشر، يصيب وفي الوقت نفسه معرّض لأن يقع في الخطأ، وهو أساسا لم يحضر لإدارة أيّ مباراة ليضيع جهود أي فريق، أو يعطي قرارا صائبا في توقيت حرج، فالحكم يبني قراره دائما بحسب المعطيات الفعلية للعبة من قبل طاقم التحكيم، فالقرار التحكيمي إما أن يكون صادرا من الحكم الأول أو الثاني أو مراقب الخط أو قرار مشترك من الجميع بغض النظر عن توقيته، فإذا قام الحكم بتغيير قراره الصائب نظرا للتوقيت الحرج فهذا يدل على أنّ الحكم غير عادل ومنصف للفريق المنافس، وعليه ترك التحكيم فورا. } هل التعصب من أيّ كان من وجهة نظرك وراءه غياب لثقافة رياضية، أم الميول، أم الاثنين معا، أم هناك أمور أخرى؟ - التعصّب أساسه يمثل حبّ وميول كبيرين وغير محدودين للجهة التي يميل إليها ويحبها، ومتى حضرت الميول وغابت الثقافة شكّل ذلك مرضا، ومرض التعصب لا يمكن علاجه إلا بالثقافة الرياضية، فالتعصب في النهاية يمكن وصفه بأنه ميول جنوني، أو ميول مصحوب بقلة ثقافة. } أحد الأفراد المعتبرين والمحسوبين على التحكيم قال لنا منذ فترة ليست بالقليلة بأنّه يحسب ألف حساب لجمهور النصر كونهم دقيقين في تحسس الأخطاء التحكيمية، ويعبرون عنها على طريقتهم الخاصة.. هل ممارسة اللعبة وحدها كفيل بمعرفة القانون أم يحتاج للقراءة والمتابعة والسؤال؟ - جمهور النصر بشكل عام محبّ ومتعايش ومتابع للكرة الطائرة، وبدون شك متابعة اللعبة هو نوع من القراءة العملية للعبة وفهمها، ولكن هذا وحده لا يكفي، إذ لابدّ من قراءة القانون وكيفية تطبيقه، فالقراءة والمتابعة كل منهما يكمل الآخر. } إلا ترى بأنّ رجال الصحافة والإعلام المعنيين باللعبة هم جديرون بالحصول على دورة تثقيفية وتوعوية في صلب قانون التحكيم ومستجداته؟ -من المهم جدا أن يكون رجال الصحافة والإعلام المعنيين بالكرة الطائرة متسلحين على ثقافة عالية بقانون التحكيم وما يستجد على ساحته، من خلال الحصول على دورات تثقيفية، وهذا من شأنه يجعلهم يشكلون عاملا مساعدا لردم الفجوة بين الحكام والمتابعين والفرق من جهة، وزيادة الوعي بمستوى اللعبة من خلال النقد البناء الموضوعي، والدورات تقام بين الفترة والأخرى من قبل مركز التطوير والتدريب، وتكون المشاركة مفتوحة للجميع بدون استثناء. } هل انتهت علاقة جعفر إبراهيم بلجنة الحكام في الاتحاد الدولي للكرة الطائرة؟ - علاقتي لازالت متوطدة مع لجنة الحكام في الاتحاد الدولي على الصعيدين الشخصي والمهني، فهذه العلاقة ليست وليدة اليوم، بل شيّدت على مدار سنوات طوال، زد على ذلك أنّ هناك أعضاء في اللجنة هم أساس من زملائي الحكام السابقين الذين جمعتني وإياهم مناسبات تحكيمية في عدّة بطولات عالمية. } هل جعفر إبراهيم من مؤيدي تبادل خبرات الحكام في الدوريات الخليجية للكرة الطائرة على شاكلة منافسات الأندية والمنتخبات الخليجية مع التوضيح؟ - نعم من مؤيدي تبادل خبرات الحكام، إذا كانت هذه الخطوة بالفعل عاملا مساعدا لتطوير التحكيم بشكل عام. } إذا ما اعتبرنا الحكم واحدا من البشر يصيب وفي الوقت نفسه يخطئ.. ولكن متى يكون هذا الحكم ظالما، ومتى يكون مظلوما؟ - هي عملية عكسية بين طرفين أحدهما الحكم والآخر يمثله الفرق والجمهور، فالحكم يعدّ ظالما متى افتقد الإلمام بالقانون وكيفية تطبيقه، ويكون مظلوما متى كان الطرف الآخر بعيدا عن الإلمان بالقانون وكيفية تفعيله. } هل أنصفت صحافة الكرة الطائرة حكامها؟ مع التوضيح في حالة الإجابة بنعم أو لا. - الصحافة لم تنصف الحكم على مستوى الشكل العام، وليس الشخصي، لا أحد ينكر بأنّ الصحافة المحلية المعنية بالكرة الطائرة تملك قاعدة متابعة كبيرة، وتتميّز بتغطيتها لكل شؤون اللعبة حتى على المستوى الخليجي، نظرا لوجود أصحاب الاختصاص في اللعبة، ولكن ما نريد تسليط الضوء عليه هنا بأنه يكتفى بذكر اسم الحكم بعد كل مباراة، حتى لو كان هذا الحكم هو نجمها، غير أنّ الصحافة لا تتطرق إلى ذلك، ولكن الأمر يختلف عندما تشهد المباراة احتجاجا أو اختلافا في فهم القانون، فإنّ اسم الحكم يأخذ في التداول بشكل مستمر.
مشاركة :