العلاقات الصينية - الأميركية..دبلوماســية «التنــس» لن تجــدي نفعـاً

  • 7/30/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تتزايد في الوقت الحالي التوترات الدبلوماسية بين أكبر اقتصادين في العالم. ففي الأسبوع الماضي، اتهمت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قراصنة إنترنت يعملون تحت رعاية أكبر وكالة تجسس صينية بسرقة أنظمة البرمجة الخاصة بالبريد الإلكتروني لشركة مايكروسوفت، وهو زعم رفضته الصين بغضب شديد بوصفه "تشويه للسمعة." وفي الأسبوع قبل الماضي، حذر البيت الأبيض شركات أميركية من المخاطر التي ينطوي عليها العمل في هونج كونج. وفي الوقت نفسه يتم إضافة المزيد من الشركات إلى قائمة الشركات الصينية التي تتعرض لعقوبات من جانب واشنطن. وقال اندرو براون، مدير تحرير منتدى بلومبرج للاقتصاد الجديد، إنه قبل خمسين عاما، كسرت رياضة تنس الطاولة الجمود بين الدولتين إبان الإدارة الأولى للرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون. ويشير اورفيل شيل، الباحث المتخصص في الشؤون الصينية، إلى أن فريقا أميركيا جذب انتباه رئيس الوزراء الصيني آنذاك شو إن لاي خلال دورة احتضتنها اليابان. وبعد مرور بضعة أيام، تم استقبال أعضاء الفريق في قاعة الشعب الكبرى في بكين بعد دعوة مفاجئة. وأضاف براون في تقرير نشرته وكالة بلومبرج أنه بعد ثلاثة أشهر، تم اتباع نهج الدبلوماسية الأكثر تقليدية عندما اجتمع وزير الخارجية آنذاك هنري كيسنجر مع رئيس وزراء الصين شو إن لاي خلال زيارة سرية للإعداد لقفزة تاريخية في العلاقات مع الصين". ولكن للآسف، فإن استمرارا مماثلا للأحداث سوف يكون غير محتمل إلى حد كبير اليوم حتى في الوقت الذي تكرر فيه الدولتان مواجهة حربهما الباردة. ويعد التخريب الرقمي استفزازا خطيرا- وهو سبب وذريعة لاندلاع حرب في ظل بعض الظروف- وأثر الهجوم السيبراني على شركة مايكروسوفت وعلى عشرات الآلاف من الشركات أيضا. وتعيد هذه الواقعة إلى الأذهان الهجمات السيبرانية الضخمة التي تم شنها على شركة جوجل قبل أكثر من عقد، عندما اقترب قراصنة من سرقة كود المصدر الخاص بالشركة مما دفعها إلى سحب محركها الخاص بالبحث من الصين. وأدان وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن، في معرض شجبه للهجمات، ما وصفه بـ"الاستبدادية الرقمية" وهذا وصف يعد صدى لوجهة نظر الرئيس الأميركي بايدن بشأن المنافسة بين الولايات المتحدة والصين على أنها صراع "الدول الديمقراطية ضد الدول المستبدة" من أجل الهيمنة على العالم وقيادته في القرن الحادي والعشرين. وتابع براون أن دبلوماسية رياضة تنس الطاولة لن تنجح لكسر الجمود في هذه الأيام، ليس لأن الظروف الغريبة لحقبة سبعينيات القرن الماضي لا يمكن أن تتكرر، ولكن بسبب الحقيقة التي مفادها أن القواعد التي تقوم عليها العلاقات الثنائية الأكثر أهمية في العالم قد تغيرت. وإذا رجعنا إلى ذلك الوقت، لوجدنا أن الدولتين كانت كل منهما في حاجة للأخرى. فالصين كانت قد انفصلت عن الاتحاد السوفيتي آنذاك وكانت في حاجة ماسة إلى صديق قوي آخر. من جهتها، كانت أميركا تريد قوة آسيوية موازنة للسياسة التوسعية السوفيتية، ولكن انهيار الاتحاد السوفيتي قوض السبب الرئيس لهذه العلاقة. والأكثر من هذا، ظهرت على السطح الخلافات الايديولوجية والسياسية التي خمدها العداء المتبادل تجاه عدو مشترك. ولكي يحقق الزعيم الصين ماوتسي تونج التقارب مع الولايات المتحدة، وافق على تنازلات مذلة بشأن تايوان، التي أصبحت بعد ذلك، مثلما هي الآن، القضية الدبلوماسية الأشد حساسية في العلاقات بين بكين وواشنطن. وأصبحت حتى الألعاب الرياضية في الوقت الحالي مصدرا للسخط والغضب في العلاقات الصينية - الأميركية. ودخلت الرابطة الوطنية لكرة السلة الأميركية في نزاع مع بكين بشأن منشور عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن هونج كونج. وتهدد الولايات المتحدة بمقاطعة دبلوماسية لدورة الأولمبياد الشتوية في بكين في العام المقبل. ورغم ذلك، هناك فروق مهمة بين الحروب الباردة الماضية والحالية، يتمثل أبرزها في درجة عالية من الاعتماد الاقتصادي المتبادل. ورغم لغة خطاب بايدن المتشددة وحقيقة أنه لم يلتق بعد بالرئيس الصيني شي جين بينج، هناك حقيقة مربكة بالنسبة للرئيس الأميركي تتمثل في أن الشركات الأميركية لاتزال تتنافس على القيام بأنشطة تجارية مع العملاق الصيني. وعلى سبيل المثال تهرول الشركات الأميركية لكي تدير الثروة الصينية، وفي العام الماضي، تجاوزت الصين الولايات المتحدة بوصفها المقصد الرئيس للاستثمار المباشر في العالم. والجدير بالذكر أنه بينما انضمت الدول الحليفة للولايات المتحدة في إدانة الهجوم السيبراني الصيني المزعم، لم تهدد بياناتها بفرض عقوبات. ولا تريد أي دولة منها الانسحاب من اقتصاد سوف يصبح قريبا الأكبر في العالم. ومنذ أول اجتماع دبلوماسي رفيع المستوى بين مسؤولي إدارة بايدن ونظرائهم الصينيين في الاسكا (والذي أسفر عن إعلان علني للعداء)، لم تجر الدولتان في واقع الأمر أي محادثات.

مشاركة :