من هم أصدقاؤك؟.. بقلم: محمد بن دينه

  • 8/6/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

من صديقك؟ بل من صديقك الحقيقي؟ هل تراجعت الصداقة الحقيقية في حياتنا؟ ولا أقول تقلصت وذهبت أدراج الرياح .. هل يكفي أن تبعث لما تعتبره صديقك برسالة هاتفية «تهنئة ، عزاء ...» بذات الصيغة التي تبثها للمئات من معارفك وزملائك في العمل مثلا؟ رغم أنك تدرك ، أنك لو حادثته هاتفيا ، بمكالمة لا تتجاوز الدقيقتين ، سيكون لذلك فعل السحر في علاقة الصداقة التي تجمعكما. هل صرنا نتساهل في كثير من أمور حياتنا ولا نعرف قيمتها ، إلا عندما نحتاج لها؟ ولما نشعر بفقدها ، ينتابنا الحزن والأنين ..باختصار :لماذا نستيقظ دائما متأخرين؟ يجب أن ندرك أن الحياة التي نعيشها، كنز تزداد قيمته ، بحجم صداقاتنا الحقيقية ومحبتنا للآخرين وتفاعلهم معنا. ولذلك فإن التحدي يكون بتغذية هذه الصداقة وعدم تركها حتى تصل مرحلة الوفاة . ما نتحدث عنه هو صداقة لا تقوم على مصالح آنية . فالصديق الحقيقي من تتكيء عليه في لحظات الفرح والحزن ، من تتعامل معه ويتعامل معك بكل ثقة ، من يشعر بك دون أن تتحدث ، من لا يقف عند زلة أو خطأ منك ...ليس صديق المرح أو المصلحة ، بل صديق في كل الظروف ... من لو أخطأت ، يتناسى خطأك ولا يقف معك عند ظرف بعينه. صحيح أن الانشغالات وسرعة إيقاع الحياة والبحث عن مجالات جديدة والعمل في ظروف مغايرة ، قد يجعلك تصادق آخرين من الوسط الجديد ، إلا أن هذه الصداقات الجديدة ، لا يجب أن تفقدك أصدقاءك القدامى الحقيقيين ، والذين يجمعك بهم اتصال فكري وعاطفي . ولذلك ندعو إلى مبادرة كل منا باستذكار أصدقائه الحقيقيين والتواصل معهم ، لأنك ستشعر بالسعادة حين تتواصل مع أخ ، لم تلده أمك. فلا تجعلوا صداقاتكم تذبل ، ولا تجعلوا الأنانية وحب الذات ، تتغلب عليكم . وتأملوا مقولة الإمام الشافعي «سَــــلامٌ عَلى الدُنـــيا إِذا لَـم يَكن بِـها صَـديقٌ صَدوقٌ صادِقُ الوَعدِ مُنصِفا» لأن الإنسان ، كائن اجتماعي بطبعه ، لا يمكن أن يعيش بمفرده في هذا العالم. وحياته قائمة على تبادل المشاعر والمشورة والرأي مع المحيطين به ، ومن بينهم الأقرب إليه عاطفة وفكرا. وكلما مر الزمن على الصداقة الحقيقية ، وتمكنت من الصمود أمام كثير من العواصف ، زادت قوتها ومناعتها أمام كافة محاولات الاختراق. لذلك كان الكاتب الأمريكي الشهير أوليفر هولمز ، محقا ، حين أعطى للصداقة ، قيمتها الحقيقية وأعلى من شأنها بالقول «الصداقة ، جبل شاهق لا يتسلقه إلا الأوفياء». وأقولها بكل وضوح: الصداقة الحقيقية مثل النبتة ، تنمو بالتواصل وتزدهر بالصدق والصراحة ولا تعترف بمقاييس الزمان والمكان ، لأنها بطبيعتها عابرة للقارات والسنوات وساكنة في القلوب.

مشاركة :