طارق الشناوي يكتب: الخشبة التي في عيوننا!

  • 8/21/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

لماذا صرنا القاضى والجلاد، نسارع بإصدار أحكام الإدانة ببساطة وبكل أريحية؟، فى لحظة واحدة امتلأ (النت) بتشفٍ مشوب بقدر من السعادة الكامنة، لأن أحد المشاهير تم إلقاء القبض عليه فى المطار وبحوزته مخدر.إنه المخرج الشاب الموهوب خالد مرعى، واحد من بين قلة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة فى هذا الجيل، ممن امتلكوا فى السنوات العشر الأخيرة رؤية سينمائية ودرامية ملفتة، بدأ الطريق للسينما من المفتاح السحرى لهذا الفن وهو (المونتاج)، مارسه على الأقل عشر سنوات قبل أن يبدأ رحلته مع الإخراج.الأمن المصرى يقظ ولا تفرق معه شهير أو مغمور، وهكذا تم تطبيق الإجراءات القانونية بصرامة، إلا أن الإعلام لم ينتظر و(السوشيال ميديا) كالعادة دخلت طرفا وبدأت فى توجيه الضربات الموجعة للمخرج، كأن التهمة قد صارت إدانة، واتسعت الدائرة لتشمل اتهام الوسط الفنى كله، بعضهم رأى أنها عدالة السماء، جاءت فى حينها، لأنه صمت عن سرقة قصة فيلمه الأخير (خيال مآتة) والساكت عن الحق شيطان أخرس.فى مثل هذه الأمور تسقط القاعدة التى نرددها فى جلساتنا الخاصة، (المتهم برىء حنى تثبت إدانته)، على العكس المتهم مدان حتى عندما يحصل على براءته، لا يتشككون أبدا فى الاتهام، على الجانب الآخر، يراودهم الشك فى حكم البراءة.بالنسبة لى حتى لو ثبتت الإدانة، فأنا أتعاطف مع المتعاطى، أنا لا أسكر ولا أتعاطى ولا أطيق حتى رائحة دخان السجائر، إلا أننى لا أعتبر أن من يقع داخل تلك الدائرة مجرم، لكنه مريض يستحق الشفقة، وكلنا معرضون للدخول إليها.الحشيش هو الأكثر رواجا بين المصريين، وله مريدوه وعبر التاريخ، ورغم ذلك فهو سلاح جاهز لاتهام الخصوم، عندما غضب السادات من نجيب محفوظ لأنه وقع على البيان الشهير للمثقفين والذى كان يطالب الرئيس قبل حرب 73 بحسم حالة اللاسلم واللاحرب، التى عشناها بعد توقف حرب الاستنزاف، التى كانت تشنها القوات المصرية على العدو الإسرائيلى، سخر السادات من توفيق الحكيم ووصفه بالعجوز المخرف، وانتقل لنجيب محفوظ ناعتا إياه بالحشاش، ويومها عقب نجيب للدائرة القريبة قائلا بسخرية، من حقه يتكلم عن كل شىء إلا الحشيش.لا توجد طبعا أرقام موثقة عن مدى انتشار التعاطى فى أوساط الفنانين والمثقفين، لكن قطعا لا يمكن إنكار تواجده، هل بنسبة أكبر من فئات المجتمع الأخرى أم لا؟، هذا الرأى يجب أن يخضع لدراسة موثقة.أتمنى أن يعبر خالد مرعى تلك المحنة، وأن يحصل على البراءة، ليس من السهل أن تمر التجربة بدون أن تترك ظلالا سيئة على مشاعره، فهو من أكثر المخرجين الذين التقيتهم، لا يبدد طاقته من أجل التواجد الإعلامى، تركيبة الإنسان الخجول هى الانطباع الذى يتركه عند كل من يلتقيه، من النادر أن تجد له حوارا فى الصحافة أو الفضائيات، رغم أن والده الإذاعى الكبير محمد مرعى وعميه الراحلان الممثل الموهوب أحمد مرعى، بطل (المومياء)، ومهندس الديكور الكبير صلاح مرعى، عائلة فنية بامتياز، وانتقلت إليه جينات الإبداع.لا أتصور أن هناك من يستطيع إخفاء الحقيقة التى سيعلنها قريبا القضاء المصرى، وحتى ذلك الحين نتذكر تلك الآية فى الإنجيل: لماذا تنظر القذى فى عين أخيك، وأما الخشبة التى فى عينك فلا تراها؟!

مشاركة :