عدن (اليمن) - واصلت العملة اليمنية انحدارها السريع في ظل تزايد ملامح اختناق الاقتصاد بشكل أكبر، وذلك على الرغم من الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي في عدن خلال الآونة الأخيرة للسيطرة على تدهور قيمتها بالمناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية. وحذر خبراء من أن استمرار انهيار سعر الريال اليمني أمام الدولار ستنتج عنه كارثة اقتصادية تلقي بظلالها على الحركة التجارية في البلاد، مما يمثل عبئا كبيرا على المواطنين الذين بات معظمهم غير قادرين على شراء بعض السلع الأساسية لتزيد الأوضاع المعيشية صعوبة. وتراجعت قيمة العملة اليمنية أمام الدولار إلى مستوى قياسي جديد الاثنين، في المحافظات الواقعة تحت سلطة الحكومة، وسط عجز للسلطات في تدارك أزمة هذا الهبوط الحاد. وأكد صرافون في مدينة تعز جنوب غرب اليمن لوكالة الأناضول، بأن الريال شهد تراجعا جديدا، حيث يتم صرف الدولار الواحد بنحو 1060 ريالا. وأشاروا إلى أن سعر الريال السعودي المتداول كثيرا باليمن، بلغ للمرة الأولى قرابة 280 ريالا يمنيا. وكان سعر صرف الريال اليمني قد تراجع بشكل كبير نهاية الأسبوع الماضي، حيث لامس الدولار في تعاملات السبت الماضي بالعاصمة المؤقتة عدن حاجز الـ1100 ريال وذلك للمرة الأولى. وهذا أسوأ انهيار لقيمة الريال اليمني في تاريخه ومنذ بدء الحرب في البلاد قبل أكثر من ست سنوات. لكن سعر صرف العملة المحلية في العاصمة صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي بشمال البلاد، لا تزال ثابتة ومستقرة عند 600 ريال للدولار. ويأتي هذا التهاوي المتسارع للعملة اليمنية، على الرغم من إعلان السلطات الحكومية إغلاق عدد كبير من محلات الصرافة غير المرخصة المتهمة بالمضاربة بالعملة، بينها 150 محلا أغلقت في تعز لوحدها. وتحتاج السوق اليمنية إلى كميات كبيرة من النقد الأجنبي (الدولار) وضخها في السوق المحلية، لوقف مضاربة شريحة من التجار الذين يستغلون شحّه محليا. 36 في المئة هي نسبة ما فقدته قيمة العملة اليمنية خلال عام مضى وفق إحصائيات دولية رسمية كما يتزامن تراجع أسعار الصرف مع إعلان المركزي في عدن لائحة جديدة لتنظيم أعمال الصرافة، لوقف نزيف قيمة العملة المحلية. لكن تلك الجهود والإجراءات لم تؤت ثمارها بشكل إيجابي على تحسن قيمة الريال أمام سلة العملات الأجنبية. وقبل الحرب التي بدأت عام 2015، كان الدولار الواحد يباع بنحو 215 ريالا، لكن تداعيات الصراع ألقت بانعكاساتها السلبية على مختلف القطاعات، بما في ذلك العملة المحلية. وأشار تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن الأربعاء الماضي، إلى أن الريال في مناطق الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا فقد ما يزيد على 36 في المئة من قيمته خلال عام، مما تسبب في ارتفاع الأسعار. وتشهد الأسواق في عدن ومحافظات الجنوب موجة غير مسبوقة من الغلاء وزيادة حادة في أسعار كافة السلع الغذائية، مما أثر على القدرة الشرائية على السكان الذين يعانون أصلا. وذكر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، في تقرير أصدره مؤخرا، أن الأسعار ارتفعت بنسبة 200 في المئة منذ بدء الحرب في اليمن. وقال صرافون ومتعاملون في عدن لرويترز الأسبوع الماضي إن سعر الريال واصل بشكل متسارع تراجعه “المخيف”، ليسجل لأول مرة في تاريخه هبوطا غير مسبوق بوصوله إلى 1050 ريالا للدولار للشراء و1055 ريالا للبيع بعدما كان عند 985 ريالا للدولار، وهو السعر الرسمي المحدد من المركزي اليمني وجمعية صرافي عدن. وتقوم بعض شركات ومحلات الصرافة في عدن بشراء الدولار بالسعر الرسمي المحدد من المركزي لكنها تمتنع عن بيع العملات الأجنبية بنفس السعر، خاصة الدولار والريال السعودي، فيما تواصل شركات أخرى شراء العملات الأجنبية من عملائها بسعر السوق السوداء المرتفع عن السعر الرسمي. وحررت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في عدن سعر صرف الريال عام 2017 وأصدرت توجيهات للبنوك باستخدام سعر الريال الذي يحدده السوق بدلا من تثبيت سعر محدد. وثمة بنكان مركزيان متنافسان، أحدهما لدى الحكومة المعترف بها دوليا في عدن، والآخر في صنعاء وتسيطر عليه جماعة الحوثي المدعومة من إيران.
مشاركة :