فيليب لاركن.. لا مبالاة الشاعر

  • 10/19/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لفشل الحب الأول قيمة لا يدركها الباكون على ضياعه.. أن تمنحك التجربة مضادا حيويا يقتل ضعفك، وانجذابك المفرط أمام الجنس الآخر، مع وضع محاذير دقيقة: برجاء ألا تكثر من الجرعة كي لا تتحول إلى شخص انعزالي أو غير مبالٍ تجاه الآتين من ضفة الورد إلى غربة قلبك ليزرعوا الفرح في داخلك المتصحر. أراد شاعر الإنجليزية الشهير فيليب لاركن ألا يكون مريضاً بحبٍ قد يصيبه بوعكات في الروح، فآمن بمقولة فرويد، الذي كان قارئاً نهماً له: يمرض الإنسان بسبب الذكريات ففشله مع النساء في صباه، جعله يكثر من علاقاته بهن بغية الشفاء من عاطفة سابقة قد تمرضه، لاركن وصف نفسه ذات مرة: أنا وغد رومانتيكي ولم يكن برجل اليوتوبيا الساذج، بل راح يبحث عن الأقل انخداعا في الحياة ليقاسمه الفرح والعزلة والنسيان، كما في ديوانه الأقل انخداعا 1955. يكمن مبدأ لاركن الشعري في قسوته على الحياة، فمثلما قست عليه قسا عليها، فتعادلا بهدف لكل منهما، فلا هي كسرته دون أن يكسرها ويشفي غليله، وهذا ما يجعل للإنسان جداراً سيكولوجيا صلبا يحول بينه وبين اليأس أو الانتحار، فظل ينعم باللا مبالاة كما يقول في قصيدته وصول: الآن في اللا مبالاة اتركيني أسترخي: وجوه مستديرة كالعملات المعدنية تسقط في أسفل الذكريات، واتركي هذه البيوت في فوضويتها تنعم بأسرارها وحياتها السيئة لنفسها، فجهلي هذا هو نوع من البراءة. ميكانيزمات دفاعية وتعويض نفسي امتلكهما لاركن الذي فقد أهم شعائر الحب واللهفة بسبب ضعف حاستي السمع والبصر لديه: أن يرى امرأة قادمة من بعيد فيغير اتجاه قلبه للفرح، أو أن تهمس أخرى في أذنه.. أحبك، فعرف الجميلات لكسب الثقة: روث باومان، بيتسي سترانج، مونيكا جونز، وزميلته مايف برينان، والسكرتيرة الحسناء بيتي ماكيريث، إضافة إلى تعويضه ضعف السمع بالكتابة عن موسيقى الجاز فأصدر كل ما يتعلق بالجاز 1970. مواقف لاركن مع النساء أكثر تعقيداً مما قد يتصور أحد.. كما يقول جيمس بوث صديقه في كتابه لاركن.. الحياة والفن والحب الذي كتب عن غرامياته مع الفتيات أثناء الدراسة، واصفاً لاركن بأنه كان بوهيمياً يرفض الزواج والإنجاب ويخلص للحب وموجز ما أراد بوث قوله ودفاعه في تلك الأوراق، إن قصائد لاركن غير حياته التي عاشها طوال 63 عاماً. من المواقف التي تبرز جمال الشاعر في التفاعل مع الآخرين، أنه كان يمشي بصحبة حبيبته مونيكا جونز في أحد الشوارع، فاصطدم بأحد العابرين بعنف غير مقصود، فقال له العابر كلمة غير لائقة، لم يسمعها لاركن جيداً نتيجة ضعف الحاسة، فسأل حبيبته، فأخبرته أنه قال كلمة طيبة، فأهداه لاركن ما في يديه من ورد وكتب، وابتسم الثلاثة: لاركن، ومونيكا، والرجل العابر.

مشاركة :