خيارات تركية محدودة لإنعاش الاقتصاد رغم زيادة الإنفاق أنقرة – يشير إقدام تركيا على زيادة الإنفاق لتحريك النمو الاقتصادي مع تجاهل العجز الكبير الذي ستخلفه هذه السياسة إلى أن أمام الحكومة خيارات محدودة لردم العجز الكبير الذي سينشأ في الميزانية العامة لهذا العام، وبالتالي سيضعها في مشكلة البحث عن تمويلات إضافية. وتؤكد حقائق الواقع أن تركيا لا تملك هامشا كبيرا لتعزيز النمو إلا بالنجاح في تحسين مناخ الاستثمار بدرجة كبيرة، لزيادة استقطاب الاستثمارات الأجنبية التي تراجعت كثيرا بسبب سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان، وكذلك الرهان على عودة السياحة التي تضررت بشكل بالغ جراء الأزمة الصحية. وسجّلت الميزانية التركية عجزا ماليا للشهر الرابع في يوليو الماضي، لتتسع الفجوة إلى أعلى مستوى في البيانات منذ عام 2006. وبلغ العجز 45.8 مليار ليرة (5.4 مليار دولار) مقارنة مع فجوة قدرها 29.7 مليار ليرة (3.5 مليار دولار) في العام السابق. وكان العجز قد بلغ 25 مليار ليرة (2.9 مليار دولار) في يونيو الماضي. وتظهر الإحصائيات الحديثة ارتفاع الإنفاق بنسبة 21.4 في المئة إلى 141.1 مليار ليرة (16.6 مليار دولار)، مدفوعا بارتفاع بنسبة 180 في المئة في مدفوعات الفائدة عن العام السابق. 5.4 مليار دولار عجز الميزانية في شهر يوليو الماضي وهو الأكبر منذ العام 2006 وعلى الرغم من ارتفاع الإيرادات بنسبة 10.1 في المئة خلال نفس الفترة، أي أقل بكثير من معدل التضخم السنوي البالغ 18.95 في المئة، لكن الدخل من ضريبة الاستهلاك الخاصة – وهي مصدر رئيسي للإيرادات – انخفض بنسبة 15.4 في المئة إلى 18.6 مليار ليرة (2.2 مليار دولار). والأكثر من ذلك كله هو تسارع تبخر الاحتياطات النقدية، فقد سجلت وزارة الخزانة عجزا نقديا قياسيا بلغ 67.9 مليار ليرة (نحو ثمانية مليارات دولار) في يوليو، وفجوة أولية قدرها 46.2 مليار ليرة (5.45 مليار دولار). ويقول محللون إنه رغم أن الاقتصاد التركي استمر في النمو بوتيرة قوية حتى الآن وتفوّق على اقتصادات مجموعة العشرين باستثناء الصين بعد قيود الإغلاق بسبب الجائحة، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة أن الأتراك يزدادون ثراء وأنه لا يعكس نجاح السياسات الاقتصادية المتبعة. ومع أن وكالة فيتش للتصنيف الائتماني رفعت في وقت سابق هذا الشهر توقعاتها بشأن معدلات النمو الاقتصادي في تركيا العام الحالي من 6.3 إلى 7.9 في المئة، إلا أن خبراء قالوا إن عدم اليقين بشأن السياسة الاقتصادية لا يزال مرتفعا. وتشير التقديرات الرسمية إلى انخفاض حجم الاقتصاد التركي إلى حوالي 717 مليار دولار العام الماضي، مقارنة مع نحو 760.8 مليار دولار في العام السابق. وخسرت العملة التركية الكثير من قيمتها مقابل الدولار طيلة السنوات الثلاث الأخيرة، خاصة بعد أن أقال أردوغان محافظ البنك المركزي السابق ناجي إقبال في مارس الماضي. والليرة التركية هي العملة الأسوأ أداء في الأسواق الناشئة حتى الآن هذا العام، حيث انخفضت بنسبة 13 في المئة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تدخل أردوغان في السياسة النقدية مع إطاحة محافظ المركزي المتشدد إقبال، مما وجه ضربة كبيرة للاقتصاد. وقد لا يحقق تثبيت البنك المركزي سعر الفائدة عند 19 في المئة الكثير من الآمال بالنسبة للحكومة التركية في تحقيق عوائد أكبر في ما تبقى من العام، لكن الخطوة تعتبر مهمة بالنسبة للمستثمرين، رغم أنهم ليسوا مستعدين الآن لضخ المزيد من الاستثمارات بسبب عدة عوامل متداخلة. وقال جيسون توفي، كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس، “ربما تنفس المستثمرون الصعداء لأن البنك المركزي تجاهل، في الوقت الحالي على الأقل، دعوات أردوغان إلى خفض أسعار الفائدة”.
مشاركة :