لم يحقق الجيش النظامي السوري رغم مرور نحو ثلاثة أسابيع على بدء الغارات الروسية الكثيفة المساندة له، أي مكاسب استراتيجية ميدانية في الهجوم البري الذي يقوده على جبهات عدة في البلاد ويروج له عبر إعلامه. ويربط محللون ذلك بالإرهاق الذي يعانيه الجيش بعد أكثر من أربع سنوات من الحرب، اضافة إلى رغبة موسكو في مساعدة النظام على إحكام إمساكه بمناطق سيطرته اكثر من رغبته بمساندته لاستعادة مناطق اخرى. ويقول الباحث في الشؤون السورية في مركز كارنيغي يزيد صايغ: المساهمة الجوية الروسية وحدها غير قادرة على ترجيح الكفة لصالح النظام خصوصا مع وجود ثغرات ونقاط ضعف كثيرة لدى القوات البرية السورية. ويوضح صايغ انه على الرغم من اشتداد حدة المعارك في ريف حماة الشمالي فإنها فعليا لم تقلب الموازين. ويقدر محللون أن الجيش السوري الذي بلغ عديد قواته المقاتلة 300 ألف عنصر قبل بدء النزاع عام 2011، خسر نصف عناصره الذين قتلوا خلال المعارك أو انشقوا. ولا يقتصر الأمر على إرهاق الجنود فحسب، إذ يشير خبير عسكري عمل في سوريا رافضا الكشف عن اسمه إلى أن الطائرات الحربية السورية استنفدت خلال الأشهر الأخيرة معظم ذخائرها عالية التقنية، وهو ما يبرر استخدامها للبراميل المتفجرة. ويرى صايغ أن الجيش السوري استعاد معنوياته بعد التدخل الروسي الذي شد أيضاً العزيمة السياسية لدى النظام ومناصريه. ويوضح كريم بيطار الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس لوكالة فرانس برس أن التغييرات الميدانية ضئيلة إلى حد ما على الرغم الحملة الدعائية التي تواكب عمليات قوات النظام. ويرى أن الروس من الناحية العسكرية يسعون في الأغلب إلى الحفاظ على الستاتيكو القائم وضمان إمساك الأسد بالمناطق التي لا تزال تحت سيطرة قواته. ويضيف في هذه المرحلة لا يرغب الروس باستعادة المناطق التي سبق للنظام أن خسرها. ويشير صايغ إلى أن حماية اللاذقية تعني بالنسبة إلى دمشق إبقاء منطقة سهل الغاب وطريق الإمداد المجاورة التي تربط الساحل بالعاصمة، آمنة. ويرى كريس كوزاك الباحث في معهد دراسات الحرب الأمريكي أن قوات النظام تكبدت خسائر فادحة في العديد والعتاد بمواجهة صمود الفصائل على الرغم من الغطاء الجوي الروسي ودعم المجموعات المسلحة لقوات النظام في محيط سهل الغاب. ويقول في تقرير بعنوان الهجوم السوري الإيراني الروسي المشترك يحقق مكاسب محدودة، إن الجهات الداعمة للنظام السوري قد تجد نفسها مضطرة لمضاعفة دعمها المالي والعسكري بهدف الحفاظ على المكاسب الأولية فقط. ولا يستبعد أن يؤدي استمرار تكبد النظام للخسائر إلى جعل القوات الموالية للنظام عرضة لهجوم مضاد من الفصائل السورية. لكن محللين قريبين من دمشق يعيدون البطء في احراز تقدم ميداني إلى أن الاشتباكات لا تزال في بدايتها. ويقول الخبير العسكري نفسه الذي سبق وعمل في سوريا في هذا الصدد من المبكر جدا الحديث عن إنجازات للجيش السوري، فالعملية الدائرة حاليا في ريف حماة الشمالي مثلاً ستحتاج إلى تسعين يوما للحصول على نتائج فعلية. ويتفق وليد سكرية، الخبير العسكري والنائب عن حزب الله في البرلمان اللبناني مع المصدر العسكري، ويقول حتى لو مر أسبوعان (على التدخل الروسي) يواجه الجيش السوري كامل قوة الفصائل، ومن هنا يعتبر بطء العمليات منطقيا في هذه المرحلة الأولى. ويضيف يجب أن ننتظر أن تضعف الفصائل المقاتلة، لنتحدث عن وتيرة أسرع للتقدم. (أ.ف.ب)
مشاركة :