أخطاء أميركا مهّدت لتحرك روسيا في سوريا

  • 10/22/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أمعنت وزارة الدفاع الأميركية في معركتها اليائسة ضد داعش في ارتكاب الأخطاء، ولجأت إلى الرمز اللوني لتحديد أهلية مختلف مجموعات القتال في تلقي المساعدات الأميركية، فأدرجت بعض الفئات تحت اللون الأخضر، فيما أعطيت فئات الأخرى اللونين الأحمر والأصفر. وهنا كان لب الخطأ، وكان يجب أن يعطي البيت الأبيض نفسه اللون الأصفر. ولست أتهم هنا الرئيس الأميركي باراك أوباما بالجبن، إنما أتهمه بالمبالغة في الحيطة والحذر وعدم إدراك ما يفعل. وقد لخّص أحد المسؤولين الأتراك الأمر على هذا النحو: الأميركيون وضعوا الرموز اللونية أما الروس فتحركوا. تحرك الروس أجل لقد تحرك الروس فعلاً، فأرسلوا المقاتلات الحربية، والوحدات الميكانيكية وحتى قوات المشاة إلى سوريا. وبدأوا عمليات التفجير، فيما يبدو قصفاً للمقاتلين الذين يحاولون الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وليس وحدات مقاتلي داعش، كما تعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقال أوباما إن الروس قد تورطوا، في رأي أوافقه عليه، حيث سرعان ما سيقتل الجنود الروس على أرض المعركة. وقد يرسل بوتين حينئذ المزيد من القوات لحماية الجنود المحاربين، ويكون بذلك قد رفع سقف التزاماته. لكنه يبدو، مع ذلك، مدركاً لحجم المخاطر، كما يتضح تماماً أنه يعتقد بأنها مخاطر تستحق خوضها. أي أنه، بكلام آخر، يدرك ما الذي يفعله تماماً. التردد الأميركي أما الولايات المتحدة، فتبدو من الجانب الآخر، في ضياع تام. وقد طالب أوباما برحيل الأسد، ولم يرحل. وأنفقت ملايين الدولارات لتدريب المقاتلين على التصدي لقوات داعش، إنما ليس لقتال الأسد. وهي لا تنفك تنتقي وتختار من مجموعات المقاتلين دون أن يحالفها الحظ. لقد قدمت وزارة الدفاع الأميركية ربما ما بين أربعة وخمسة مقاتلين، أجل هذا هو العدد الصحيح، ذلك أن المقاتلين الآخرين المدربين قد انقلبوا وانخرطوا في صفوف العدو، مصطحبين عتادهم. وتندرج العملية برمتها في فئة السخرية، نظراً لواقع أن 200 ألف قتيل قد سقطوا في سوريا، في حين تم تهجير أربعة ملايين منهم. تشكل سوريا مصدر رعب، ومسألة معقدة، وقد كنت في بداية الحرب الأهلية من بين القائلين بضرورة تدخل أميركا، عبر تسليح المقاتلين، وإنشاء منطقة حظر جوي لكبح تحرك مروحيات الأسد. لكني لم أشأ مطلقاً أن أرى جنوداً أميركيين على أرض المعركة، على قاعدة أنه يكفي خوض حرب خرقاء واحدة في الشرق الأوسط كل جيل. لم يفعل أوباما شيئاً، وتفاقم الوضع في سوريا، واكتفى أوباما عندئذ برسم الخطوط الحمراء حيال استخدام الأسلحة الكيمياوية، فلجأ الأسد لاستخدام غاز الكلور، ولم يفعل أوباما شيئاً كذلك، فتقوضت المصداقية الأميركية بالكامل. وشنت أميركا حرباً جوية ضد تنظيم داعش، فأحدثت بعض الأضرار، إلا أنها كانت لتكون أكثر فعالية لو وجِد عناصر استخباريين على الأرض، إلا أن أوباما لم يفعل ذلك أيضاً. ولا تزال هناك حاجة لإنشاء منطقة حظر جوي، ولم يفت الوقت على القيام بأمر ما، إلا أن الولايات المتحدة، بقيامها بالقليل، سمحت للآخرين بفعل الكثير. وقد توافد أكثر من 20 ألف مقاتل إلى سوريا والعراق من كل أنحاء العالم. وهؤلاء يعرفون تماماً أفكار أميركا، ويرفضونها، ويفضلون العنف بدلاً منها. ولا بد من أن نقتلهم، ليست هناك أي طريقةٍ أخرى. لقد كبدت الحرب التي تفادى أوباما خوضها الكثيرين حياتهم، وأغرقت القارة الأوروبية بالمهاجرين، وخلقت جواً من الإرباك في السياسة الأميركية، وفتحت المجال أمام دخول الروس، وفضحت حالة التردد الأميركية وسببت الكثير من الألم، بدءاً من البراميل المتفجرة التي يتواصل سقوطها فوق رؤوس المدنيين السوريين، وصولاً إلى غرق الطفل إيلان كردي، اللاجئ البالغ من العمر ثلاث سنوات بعد أن أفلت من قبضة أبيه في البحر المتوسط. فتحت أي لون صنفته وزارة الدفاع الأميركية؟

مشاركة :