الخيانة الزوجية.. مرة أخرى - د. حنان حسن عطاالله

  • 10/22/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في العيادة سألتني الزوجة وهي تبكي لماذا يخون الرجل زوجته وهو محافظ على الصلاة وقارئ للقرآن؟ سؤال منطقي لم نملك لا أنا ولا هي إجابة كافية وشافية سوى أننا نحتاج لإعادة تربية للجيل القادم من أولادنا الذكور، ونحتاج أن نربط بين القيم ومبادئ ديننا الحنيف كنظرية، وبين السلوك كواقع عملي لابد أن يعاش لا أن يحفظ فقط. لابد أن نعترف أن هناك فجوة كبيرة بين التنظير والتطبيق فكل منهما في واد. فقد يفهم الطفل معنى الإخلاص ولكن لا يعرف ماهية المواقف التي يطبق فيها، وقد يعرف حب الآخر ولكن ليس لديه فكرة موسعة عن معنى الحب الحقيقي. وفوق ذلك ما يضرنا كثيراً في تثبيت القيم لدى الفرد هو التبريرات التي نعلمها لأطفالنا منذ الصغر، والتي تساعدهم على النجاة من أي ذنب يقترفونه خاصة الذكور، أيضا عدم معرفة طبيعة الحياة الزوجية وأنها رباط مقدس وشراكة لروحين وقلبين وعقلين لا مجال فيها للخروج والدخول حسب نزوات وقتية. صحيح وللأسف الشديد، هناك من التبريرات ما تدمي القلب وتنهك العقل المفكر والضمير اليقظ من مثل أن الزوجة أهملت زوجها ولم تعد أنيقة كما كانت، وأنها انشغلت عنه بأطفالها وأصبحت تهتم بهم أكثر من اهتمامها بزوجها، أو أنها مثلاً تعمل ولا تعلم عن بيتها شيئاً. كلها حقيقةً تبريرات مضللة وغير منطقية لا تبرر ممارسة الحرام، وأنا هنا لا أتكلم عن الزواج الشرعي بأخرى فتلك قضية أخرى ولكنني أتحدث عن الخيانة الزوجية. الغريب أن بعض الرجال لديهم تضارب شنيع في المعايير فلو كانت لديه شركة تجارية وخانه الشريك الآخر هل كان من الممكن أن يقبل مبررات واهية كالتي يطرحها لتبرير خيانته لزوجته؟ ثم بالله عليكم وهل هناك مبرر لممارسة الحرام؟ السلوك الخاطئ وممارسة الحرام ليس لهما مبرر مهما تعددت الدوافع والأسباب. ثم هل يقبل الرجل على نفسه بأن يعامل كورقة تعبث بها الريح، وكمجموعة غرائز غير موجهة؟ خاصة ومما يعزز ضعف التبريرات السابقة أن بعضا ممن خان زوجته أثنى على زوجته كثيراً أمامها ويحلف أنه لن يجد مثلها وبأنها إنسانة طيبة وقائمة بدورها كزوجة على أكمل وجه ولكن العيب فيه هو! والمجتمع كعادته يسهم في إنقاذ الرجل من أي مطب يسقط فيه حتى وإن عظم إثمه ففي حالة خيانة الرجل يشتغل المجتمع بدور المنقذ والمبرر ويتخذ من المرأة السبب الرئيسي لتلك الخيانة من الأسباب الواهية سابقة الذكر بينما لو حصل العكس وهو في حكم النادر لتسلطت سكاكين المجتمع وألسنته تذبح وتنهش في جسم المذنبة بضراوة ودون رحمة، وقد لا نسمع تلك المبررات من أن زوجها يهملها، يسافر كثيراً، ويسهر مع أصدقائه، حتى إن كان زوجها يسيء معاملتها من ضرب وخلافه أو كان من مرتكبي بعض المحرمات كالشرب وإدمان المخدرات. تظل هي مجرمة وملامة في كلتا الحالتين. ولا أدل على ذلك من التعليق الذي قرأته عن الزوجة التي صورت علاقة زوجها بالخادمة حيث قال "المدام شكلها تتسكع طول الليل في المولات، ولا تعرف البيت الا وقت النوم وتبي زوجها يصونها ولا يخونها" هذا التعليق يلخص لنا القضية كلها ويضعها ضمن تبرير "إذا غاب القط.. العب يا فار" ومن يرضى أن يكون فأراً؟! لمراسلة الكاتب: hatallah@alriyadh.net

مشاركة :