ركن المكتبة: إصدارات ثقافية.. «حداثة ظهرها إلى الجدار» – كتاب جديد للدكتور حسن مدن

  • 10/2/2021
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

عن‭ ‬دار‭ ‬الرافدين‭ ‬في‭ ‬بيروت‭ ‬وبغداد،‭ ‬صدر‭ ‬للدكتور‭ ‬حسن‭ ‬مدن‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬حداثة‭ ‬ظهرها‭ ‬إلى‭ ‬الجدار‭ ‬–‭ ‬قراءات‭ ‬في‭ ‬التحوّلات‭ ‬الثقافيّة‭ ‬في‭ ‬مجتمعات‭ ‬الخليج‭ ‬والجزيرة‭ ‬العربيّة‮»‬،‭ ‬ويعالج‭ ‬الكتاب‭ ‬الذي‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬أربعة‭ ‬فصول‭ ‬ومقدمة‭ ‬وخاتمة،‭ ‬مسار‭ ‬هذه‭ ‬التحوّلات‭ ‬للخروج‭ ‬مما‭ ‬عانت‭ ‬منه‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربية‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أطرافها،‭ ‬وخاصة‭ ‬شاطئها‭ ‬الشرقي‭ ‬وإمارات‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬عزلة،‭ ‬بعد‭ ‬انتقال‭ ‬مركز‭ ‬الدّولة‭ ‬العربيّة‭ ‬الإسلاميّة‭ ‬إلى‭ ‬أقاليم‭ ‬جديدة‭ ‬فتحها‭ ‬العرب‭.‬ يبحث‭ ‬الكتاب‭ ‬في‭ ‬أسباب‭ ‬ذلك،‭ ‬ويحاول‭ ‬تتّبع‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬بذلتها‭ ‬أجيال‭ ‬من‭ ‬النّخب‭ ‬المتعلّمة‭ ‬والمثقّفة‭ ‬الحديثة‭ - ‬خاصّة‭ ‬أجيالها‭ ‬الأولى‭ - ‬لكسر‭ ‬عزلة‭ ‬المنطقة‭ ‬عن‭ ‬محيطها‭ ‬العربيّ،‭ ‬والانفتاح‭ ‬على‭ ‬الحداثة‭ ‬والثّقافات‭ ‬الجديدة،‭ ‬محاولًا‭ ‬تقديم‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬اللوحة‭ ‬البانوراميّة‭ ‬للتّحوّلات‭ ‬الثّقافيّة‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬المنطقة،‭ ‬بالارتباط‭ ‬بالتحوّلات‭ ‬الاجتماعيّة‭ ‬والاقتصاديّة‭ ‬والسّياسيّة‭ ‬التي‭ ‬مرّت‭ ‬بها‭.‬ وإذا‭ ‬كان‭ ‬وقوع‭ ‬البلدان‭ ‬العربيّة‭ - ‬أو‭ ‬الكثير‭ ‬منها‭ - ‬في‭ ‬المشرق‭ ‬والمغرب‭ ‬على‭ ‬حدٍّ‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسّط،‭ ‬جعل‭ ‬أعين‭ ‬النّخب‭ ‬المتعلّمة‭ ‬والمتفتّحة‭ ‬الأولى‭ ‬فيها‭ ‬تتّجه‭ ‬نحو‭ ‬الضّفة‭ ‬الأخرى‭ ‬من‭ ‬المتوسط،‭ ‬أي‭ ‬نحو‭ ‬أوروبا؛‭ ‬لتنهل‭ ‬من‭ ‬علومها‭ ‬وأفكارها‭ ‬وتتأثّر‭ ‬بنهضتها،‭ ‬فإنّ‭ ‬الهند‭ ‬لعبتْ‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الدّور‭ ‬بالنّسبة‭ ‬إلى‭ ‬النّخب‭ ‬الثّقافيّة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬الخليج‭ ‬والجزيرة‭ ‬العربيّة،‭ ‬ليس‭ ‬لأنّها‭ ‬أتاحت‭ ‬لهم‭ ‬التّعرّف‭ ‬على‭ ‬ثقافة‭ ‬وحضارة‭ ‬بلدٍ‭ ‬آخر‭ ‬مختلف،‭ ‬وإنّما‭ ‬لأنّ‭ ‬وجودهم‭ ‬فيها‭ ‬يسّر‭ ‬لهم‭ ‬مدّ‭ ‬جسور‭ ‬التّواصل‭ ‬مع‭ ‬نظرائهم‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬العربيّة،‭ ‬كما‭ ‬فتح‭ ‬لهم‭ ‬النّوافذ‭ ‬على‭ ‬جديد‭ ‬الثّقافة‭ ‬العربيّة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إطلاعهم‭ ‬على‭ ‬الدوريّات‭ ‬الصّادرة‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬وبلاد‭ ‬الشّام‭ ‬والعراق،‭ ‬لذا‭ ‬خصّص‭ ‬المؤلف‭ ‬فصلًا‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬سلط‭ ‬فيه‭ ‬الضّوء‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬وعطاء‭ ‬بعض‭ ‬أهل‭ ‬الثّقافة‭ ‬والفنّ‭ ‬ممّن‭ ‬عاشوا،‭ ‬فترات‭ ‬من‭ ‬حياتهم،‭ ‬في‭ ‬الهند،‭ ‬ومحاولة‭ ‬التّعرّف‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أكسبته‭ ‬إيّاهم‭ ‬إقامتهم‭ ‬فيها،‭ ‬لنجد‭ ‬أنّ‭ ‬إضاءة‭ ‬ذلك‭ ‬يسعفنا‭ ‬في‭ ‬التّعرّف‭ ‬أكثر‭ ‬على‭ ‬جوانب‭ ‬من‭ ‬تاريخنا‭ ‬الثّقافيّ،‭ ‬ومصادر‭ ‬التّأثير‭ ‬فيه،‭ ‬بل‭ ‬إنّه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التعرّف‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التاريخ‭ ‬دون‭ ‬الوقوف‭ ‬عند‭ ‬هذه‭ ‬المحطة‭ ‬بالذات،‭ ‬التي‭ ‬بتغطيتها‭ ‬نغطي‭ ‬صفحات‭ ‬مهمّة‭ ‬منه‭. ‬ يذكر‭ ‬المؤلف‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬الكتاب‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يرد‭ ‬لكتابه‭ ‬أنْ‭ ‬يكون‭ ‬تأريخًا‭ ‬للثّقافة‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬والجزيرة‭ ‬العربيّة‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬وقوف‭ ‬عند‭ ‬محطّات‭ ‬اعتبرها‭ ‬فاصلة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التّاريخ،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بالإمكان‭ ‬بسط‭ ‬الموضوع‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬بصدده‭ ‬دون‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬الاستعراض‭ ‬التّاريخيّ‭ - ‬الضّروريّ‭ ‬–‭ ‬لتسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬المفاصل‭ ‬الأساسية‭ ‬للتحوّلات‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬المنطقة‭.‬ ورغم‭ ‬أن‭ ‬الكاتب‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬المدينة‭ ‬الخليجية‭ ‬الحديثة‭ ‬بلغت‭ ‬مستوى‭ ‬متقدّمًا‭ ‬من‭ ‬النهضة‭ ‬العمرانيّة،‭ ‬وأُنجزت‭ ‬فيها‭ ‬مبنية‭ ‬تحتيّة‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬التّطوّر،‭ ‬وتتوفّر‭ ‬فيها‭ ‬الخدمات‭ ‬على‭ ‬أنواعها،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬التّقليل‭ ‬من‭ ‬أهميته،‭ ‬لكنْ‭ ‬علينا‭ - ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ - ‬أنْ‭ ‬ندرك‭ ‬بأنّ‭ ‬الحداثة‭ ‬ليست‭ ‬مجرّد‭ ‬اقتناء‭ ‬لمنتجاتها‭ ‬الآتية‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬سبقتنا‭ - ‬كعرب‭ ‬مجتمعين‭ - ‬إليها،‭ ‬كالأجهزة‭ ‬المتطوّرة‭ ‬والأجيال‭ ‬الأحدث‭ ‬من‭ ‬الهواتف‭ ‬الذّكيّة‭ ‬أو‭ ‬آخر‭ ‬موديلات‭ ‬السّيارات‭ ‬الفارهة،‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬منظومة‭ ‬متكاملة،‭ ‬ليست‭ ‬التقنية‭ ‬الحديثة‭ ‬سوى‭ ‬إحدى‭ ‬ثمارها،‭ ‬فهي‭ ‬تشمل‭ ‬الأداء‭ ‬الاقتصاديّ‭ ‬الحديث‭ ‬والحوكمة‭ ‬الإداريّة‭ ‬وبناء‭ ‬المجتمع‭ ‬المدنيّ،‭ ‬وهي‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ - ‬وبعده‭ ‬أيضًا‭ - ‬بناء‭ ‬الوعي‭ ‬الحديث؛‭ ‬ليتغلغل‭ ‬في‭ ‬كلّ‭ ‬ثنايا‭ ‬و‭(‬شقوق‭) ‬المجتمع؛‭ ‬ليخلّل‭ ‬البنى‭ ‬التّقليديّة‭ ‬المعيقة‭ ‬لإنجاز‭ ‬الحداثة،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أقلّ‭ ‬الأحوال‭ ‬إعادة‭ ‬تكييف‭ ‬هذه‭ ‬البنى‭ ‬وفق‭ ‬موجبات‭ ‬ومقتضيات‭ ‬هذه‭ ‬الحداثة‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الحيّز‭ ‬المهمّ‭ ‬بالذّات‭ ‬فإنّ‭ ‬مجتمعات‭ ‬الخليج‭ ‬تجابه‭ ‬تحدّيات‭ ‬وأسئلة‭ ‬الحداثة،‭ ‬كما‭ ‬تجابهها‭ ‬كلّ‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربيّة‭ ‬الأخرى،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬تناول‭ ‬الموضوع‭ ‬إلّا‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬رؤية‭ ‬المسار‭ ‬المعقّد‭ ‬للحداثة‭ ‬العربيّة‭ ‬منذ‭ ‬بداياتها‭ ‬حتّى‭ ‬اليوم،‭ ‬وقد‭ ‬اجتزنا‭ ‬عقدين‭ ‬كاملين‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭.‬

مشاركة :