«مختبر الفلسفة» يناقش كتاب «حداثة ظهرها إلى الجدار»

  • 12/11/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

متناولاً بالمناقشة كتاب «حداثة ظهرها إلى الجدار؛ قراءة في التحولات الثقافية في مجتمعات الخليج والجزيرة العربية»، للدكتور حسن مدن، عقد «مختبر الفلسفة والفكر النقدي»، جلسة حوارية مساء الأربعاء (24 نوفمبر)، في «جمعية المنبر التقدمي»، دارت حول هذا الكتاب الصادر حديثاً عن «دار الرافدين»، إذ تناول المشاركون ما جاء في مضامينهُ، وتساءلوا حول ما طرحه مدن من قراءة نقدية لواقع الحداثة والتحديث في الخليج العربي، على مختلف الأصعدة؛ الثقافية، والاقتصادية، والاجتماعية، والأدبية، وكل ما يتصل بواقع الخليج العربي. يخلصُ مدن في كتابه هذا، بأن المجتمعات الخليجية حظيت بتحديثِ ولم تحظى بحداثة، إذ أن التحديث ما يزال يتكئ على الجانب العمراني المظهري، فيما الحداثة بمفهومها الفكري ما تزال تواجه الصدّ، ويسهم في ذلك الجانب العمراني، الذي يُعتقد بأنهُ الحداثة نفسها، وما هو كذلك. ولهذا فالكتاب يثير العديد من الأسئلة، التي تطرق لها المشاركون في الجلسة الحوارية، إذ بين هؤلاء، بأن مدن فرق بين الحداثة والتحديث، وعلى ذلك، فهو يؤكد بأن المجتمعات الخليجة شهدت تحديثاً اقتصادياً هائلاً منذُ الربع الأخير من القرن العشرين وحتى الوقت الحاضر، خاصة على صعيد البنية التحتية، والعمران، والصناعات، ولكنها لم تشهد حداثة فكرية مصاحبة لهذا التحديث، إذ إن اعتماد المجتمعات الخليجية على مصادر معينة للدخل القومي، والمتمثلة في النفط، واستنادها إلى أشكال عمرانية معينة للتطوير، جعل من هذه الحداثة مؤجلة، ليكون ظهرها إلى الجدار، حيثُ أنها حداثة عرجاء، لا تستقيم على قدمين. واتفق المشاركون، بأن كتاب مدن، «يوفر رؤىً شاملةً للحداثة»، فيما أكد عدد منهم، بأن الكتاب «جدير بأن يُضمن ضمن المقررات الجامعية المعنية بالتنمية والتاريخ؛ إذ أنه يمثل نظرة موسعة للحداثة في الخليج العربي، مشتملاً على تطور الصحافة، والحركات السياسية، والفكر، والأدب، وعلاقة هذا التطور بالتحديث، وأسباب عرقلة الحداثة أمام التحديث»، إلى جانب تحليل الإنعطافات الكبرى، وأوجه تأثيرها، مروراً بالشخوص المحورية في تاريخ الخليج العربي، ومعتركات التغيير المختلفة التي خاضها المثقفون، والتحديات التي واجهتهم، من التباس العلاقة بين المؤسسة الثقافية الرسمية والفضاء الثقافين، والقطيعة بين النطاقين الأكاديمي والعمومي، وصولاً للعلاقة الملتبسة مع الحداثة نفسها. وفي سبيل تعميق النقاش، تناول المشاركين، الأسباب التي حالت دون حدوث الحداثة، إذ رأى البعض بأن المانع خارجي، يتمثلُ في الاستعمار، حيثُ ساهم وجوده في إحداث تحديث في بعض المناحي الاجتماعية، بينما همش الجوانب الأكثر أهمية، المتمثلة في الجوانب الفكرية والثقافية، فيما لفت آخرون بأن الاستعمار لم يلعب دوراً تحديثياً على الإطلاق، معتبرين دور الاستمعار هو القيام بربطٍ بنيوي شامل لمتطلباته الخاصة، على حساب المنطقة المُستعمَرة، ولذلك فقد لعب دوراً سلبياً، وهو ما أثار سؤال عمّا إذا كان المانع سببُ داخلي، كديناميكية تطور المجتمع الخليجي؟ وفي هذا السياق، لفت المشاركون بأن الالتزام بالقوالب التقليدية للمراحل الخمس من التطور الثقافي، تؤدي إلى فهم مبتذلٍ لأي مجتمع في التاريخ، وقد حاول الكتاب، ربط المحددات الاقتصادية بالأبنية الفوقية (الايديولوجية والسياسية)، للمجتمعات الخليجية عموماً، ليخرج عن القالب التقليدي. وعلى الصعيد الاقتصادي، وما يرتبطُ به من جوانب، ناقش المشاركون، ما تطرق لهُ مدن في كتابه، حول طبيعة الإنتاج السائدة في الخليج العربي قبل النفط، وما إذا كان نمط الإنتاج في هذه المجتمعات حينها، إقطاعياً أم ضريبياً (قائم على الجباية)؟ وعما إذا أدى النفط إلى تحديث رأسمالي بالمعنى الحقيقي؟ وحول هذه الأسئلة انقسم المشاركون إلى مؤيد للنظرية القائلة بأن بلدان الخليج العربي، لم تشهد نمط إنتاج إقطاعي، وإنما شهدت أنماطاً إنتاجيةً ضريبية، وبالتالي أسهم النفط، في إمكانية التحديث الرأسمالي، ولكنهُ تحديث مقرون بعدم الاستقلالية. على الجانب الآخر رأى المعارضون لهذه الطرح، بأن المجتمعات الخليجية، ليست مجتمعات رأسمالية، إنما هي مجتمعات ريعية، مؤكدين على ضرورة التفريق بين الريعية والرأسمالية.

مشاركة :