الأندية تدفع ثمن فوضى القرار وتفرُّد الرئيس

  • 10/31/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

مع كلّ ملف انتخابي يتقدم به جلّ رؤساء الأندية قبل تنصيبهم في الجمعيات العمومية، تجد التخطيط والاستقرار المستقبلي بالفريق يتقدم هذا الملفّ، ولكن سرعان ماتصطدم الجماهير بالواقع المر والنتائج السيئة والاحباطات الكبيرة والدوران في حلقة مفرغة، وتكتشف الجماهير بشكلٍ خاص، والوسط الرياضي بشكلٍ عام تكرار العشوائية وسوء التخطيط وضياع البوصلة نحو الهدف، فما إن يتعرّض الفريق لثلاث أو أربع خسائر يُبادر الرئيس بإقالة المدرب، لتأتي التساؤلات من الجماهير، على ماذا تمّ جلب المدرب إن كان سيئاً ليُقال بهذه السرعة ؟، أين التخطيط والاستقرار الذي يدعيه الرئيس حتى يجلب مدرباً بهذا السوء تتم إقالته قبل أن يلعب الفريق 10 بالمائة من نسبة مبارياته في الموسم ؟، وإذا كان الرئيس هو من يقرر بمفرده ويقيم الامور الفنية والإدارية، فلماذا لا يتكفل بتدريب الفريق ويضع الخطة والتشكيل بدلا من ضخ الاموال المتمثلة بعقد المدرب والشرط الجزائي والمعسكرات الخارجية، والعقود باهظة الثمن التي يوقعها مع اللاعبين المحليين والاجانب، مع الاسف أن رؤساء الاندية يعتمدون على رأي الاصحاب والاصدقاء والجلساء وردة فعل الجماهير فتأتي على ضوئها القرارات الارتجالية التي تكبد النادي اشياء كثيرة وتجعل الفريق يدفع الثمين فيزيد غيابه عن المشهد البطولي وتتضاعف مشاكله ويبدأ مسلسل تبادل الاتهامات بين الجماهير والادارة من جهة والاعلام من الجهة الاخرى، وليس أمام الرئيس مخرج الا تشكيل مجموعة من الاعلاميين للدفاع عنه وتصوير قراراته بالحازمة والتاريخية، فيرى في نفسه تحقيق "بطولات الوهم" وأنه بالفعل رئيس تاريخي لا قبله ولا بعده. هذا ليس عملا احترافيا، ينسجم وواقع الكرة الحديثة التي تشمل توزيع الادوار وتقييم العمل الجماعي بوجود خبراء اكفاء، انما يعيدنا إلى الوراء، ويبصم بالعشرة أننا لازلنا متأخرين في كل شيء وأن القرار الفردي وصوت الرئيس الجهبذ هو المسيطر على كل شيء حتى لو كان لا يفقه بالنواحي الفنية، وأتت به اموال وقوة نفوذه الى الواجهة، في اوروبا هل عرفتم من هو رئيس ريال مدريد او برشلونة او اليوفنتوس او مانشستر سيتي او ليفربول او البايرن ميونيخ، اكثر من النجوم في هذه الفرق؟ حتما الاجابة ستكون لا، لأن رؤساء هذه الأندية يتوارون عن الانظار ليس زهدا بالاضواء التي اصبحت محصورة على الكثير من رؤساء انديتنا، انما لأنهم انشغلوا بالتخطيط والعمل الاحترافي وابرام العقود مع المدربين واللاعبين والشركات الراعية وفق خطط طموحة تدر على الاندية العالمية بالملايين عكس العقود التي تبرمها الاندية السعودية فهي اذا كانت مع اللاعبين او المدربين سرعان ما يتم إلغاؤها، وإن كانت مع رعاة، فالعقد لا يكتمل وسرعان مايكون النقض لاسباب غير معروفة. والخطأ الأكبر الذي أصبح متفشياً في أنديتنا هو عملية التدوير بين المدربين على أنديتنا، بالرغم من استمرار إقالاتهم بعد عدد قليلٍ من المباريات، وخصوصاً المدربين أصحاب الجنسيات العربية، الذين دائماً ما نكتشف أن المدرب السعودي أحقّ منهم بهذه التجربة والثقة التي لا تدوم طويلاً، وتأتي لهؤلاء بشكلٍ يُنافي ما ادّعاه هؤلاء الرؤساء في ملفهم الإنتخابي. وبالعودة إلى سجلّات أندية الدرجتين الأولى والثانية نجدّ أن هناك عددا معينا من المدربين قد درّبوا جلّ أندية هذه المسابقة إن لم يكن كلها، وكأنهم اتخذوا هذه الأندية مجرد وسيلة لجمعِ المال إمّا عن طريق العقود الباهظة أو بيع مباريات أنديتهم لأندية منافسة، من دون أي محاسبة أو رقابة. اما المضحك والذي اصبح يتفشى في الشارع الرياضي السعودي فهي كثرة عمليّة التدوير بين المدربين العرب والاجانب على أنديتنا، والغريب أن أغلب نتائجها لم تكُن على مستوى الطموح، ليتأكد الجميع من أن المشكلة في هؤلاء المدربين، وقبلهم من رؤساء الأندية الذين أصرّوا على جلبهم على الرغم من مدى السوء الذي هُم عليه، فهل وصلت إدارات أنديتنا لهذه الدرجة من السوء في عدم معرفة كيفية البحث عن مدربين مميزين من مدارس مختلفة، وبمبالغ أقل ؟. دوري الدرجة الأولى واندية المؤخرة في الاضواء اصبح شعارها تبادل المدربين فالذي نجده يدرب الرائد خلال الشهر الحالي نراه مستقبلا في الخليج، والذي يقود العروبة يذهب للقادسية والذي يشرف على الوطني يجد نفسه في الرياض، وهكذا تكون الادوار غير المفيدة، بل أن بعض الاندية يلغي عقد المدرب ثم يكرر التعاقد معه مرات عدة، والرابح الاكبر هي الجنسية التونسية التي يزدهر سوقها بين اندية الأولى والمؤخرة في دوري جميل لذلك أصبح الاتحاد السعودي مطالباً بالتدخّل للحدّ مما يحدث عبر منع أي نادٍ من التعاقد مع مدرب تتمّ إقالته من عدة أندية في فترة زمنية معينة، ومَنع بعض الإدارات من العبث بأنديتها بهذه الطريقة. الكل يتذكر المدرب الاسكتلندي اليكس فيرجسون وقيادته الفنية للنادي الكبير مانشستر يوناتيد 26 عاما و194 يوما، ومات بازبي مدربا ايضا لمانشستر يونايتد في الاربعينات الميلادية 24 عاما و127 يوما، وداريو جرادي مدربا لكرو الكسندرا 24 عاما و29 يوما، وبيل اندرسون مدربا للينكولن سيتي 19 عاما، وبرايان كلوف نوتنجهام فورست 18 عاما و122 يوما وبيرت تان بريستول روفرز 18 عاما و91 يوما، وتيد بيتس ساوثامبتون 18 عاما و79 يوما، وارسين فينجر ارسنال، 17 عاما و174 يوما ولا يزال مستمرا في منصبه، تصوروا هذا فقط على مستوى الكرة الانجليزية فماذا عن الدول الأخرى المتقدم؟ بينما انديتنا ربما لايبقى فيها المدرب 25 يوما، وهناك من تم الاتفاق معه بالليل وفك الارتباط معه في الصباح، إنها الفوضى التي تعشعش في اتحاد الكرة والاندية بكل اسف.

مشاركة :