كلما قرأتُ أخبارا عن تفعيل القضاء التنفيذي في بلادنا أشعر بالابتهاج والسرور، ولا أشك أن كثيرا مثلي يشعرون بذلك، فالوطن واحد وشرف التعامل والعدل والإنصاف شرف للجميع. وثقوا وتأكدوا أننا لن نحتاج إلى القوة الجبرية بمرور الزمن. وأتفاءل لأقول إن تنفيذ عشر حالات كحد أدنى سيجعل الناس عندنا يعرفون مقدار العدالة وتحقيقها، ومن ذاتهم سيُنفذون ما جاء بالصك الشرعي قبل مرور المدة لأنهم (أي بعض المماطلين) رأوا النتائج بأم أعينهم في سرعة تسديد الخدمات والغرامات. أهلنا (الله يفكهم من هذا المرض) يستبعدون أن تطالهم يد العدالة. لكن.. إذا رأوا الحزم فعلوا ما هو مطلوب. لنأخذ مثلا: ففى السابق كانت مسألة الرعي بالحمى سهلة جدا، وكذا إدخال الماشية إلى مزارع الناس في الجوار. وكان ما يُسمى في ذلك الوقت "رجّال الأمير" يظهر ليسوق المخالفين - فيمشون طوعا - إلى دار الإمارة أو القاضي. رجال الأمير ذاك لا يحمل سيفا ولا بندقية، كان فقط يلبس حزاما يتدلّى منه "جراب" فرد (مسدس) - والأمور ماشية، لكون الأهالي لا يريدون المشاكسة مع "الشيوخ". مثل آخر أعتقد أن الكثير يتفق معي فيه. وهو أن مجموعات (جيمسات) تجعل عاصمة كبيرة كالرياض تُغلق كل متجر ومطعم ومحطة وقود في وقت الأذان. وإن شاء الله فالأكثر منهم يُغلق تطوعا وتماشيا مع وجوب تقوي الله، ولا بد أن فئة أخرى تخشى (الجمس) وما سيحدث له ولمتجره لو تساهل في الإغلاق في الوقت المقرر، مع أن (الجمس) غير مسلح..! أوردتُ هذا كله لأصل إلى أن العقوبة لها مكانها في كل بلد من بلدان الأرض. وعقوبة من أكل حق الناس عيانا، واختزن في رصيده - وبطنه - أموالا حراما قرر القاضي أنها بذمته وواجبة الوفاء عملا بآيات كثيرة من التنزيل الحكيم (أكل الأموال). ندري ونرى أن في عصرنا الحالي العديد من الأمراض والميكروبات والتلوث مثل الكوليرا والسل، وفي مجال العمل الإداري، مع تطور طرق العيش واتساع مجالات الاتصالات وسرعة الانتقال والبعد والاختباء، وكذا التطور المتسارع في التكنولوجيا، ظهرت أمراض أخرى خبيثة تلحق بتطور حياتنا العملية وتنفيذ الأعمال، ومن أكثر هذه الأمراض خطورة المماطلة والتسويف واختلاق الأعذار، بل وتعد العدو الأول لإدارة الوقت وتنظيمه، والحقيقة أنه لا أحد يحب المماطلة واختلاق الأعذار، فهو وباء على حياة البشر، نشعر بالزهو اذا وجد لدينا قضاء نحترمه ويحترمنا..