يبدو أن تركيا بصدد العودة لحكم الحزب الواحد بعد أن حقق حزب العدالة والتنمية الحاكم النصر في الانتخابات العامة اليوم الأحد في تعزيز للرئيس رجب طيب إردوغان لكن في نتيجة قد تعمق الانقسامات الاجتماعية. ومع فرز نصف الأصوات تقريبا حصل الحزب على قرابة 50 في المئة من الأصوات وهو ما يؤهله بارتياح لنيل أغلبية في البرلمان المؤلف من 550 مقعدا وبهامش انتصار كبير لم يتوقعه حتى أعضاء الحزب. ووصف رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو النتائج بانها نصر للديمقراطية. وقال مسؤول كبير من حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة الذي كان يفكر في "الحد من" نفوذ إردوغان من خلال حكومة ائتلافية إن النتيجة هي "ببساطة كارثة". وقد تؤجج النتائج انقسامات عميقة في تركيا بين المحافظين الذين يرون في إردوغان بطل الطبقة العاملة وبين العلمانيين الذين يشكون في ميوله الاستبدادية ومثله الإسلامية. وأطلقت قوات أمن الغاز المسيل للدموع على محتجين يرمون الحجارة في مدينة ديار بكر بجنوب شرق تركيا التي يغلب على سكانها الأكراد فيما توالت النتائج مع تراجع الدعم لحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد ليتجاوز بالكاد حاجز العشرة بالمئة اللازم لدخول البرلمان. في يونيو حزيران خسر حزب العدالة والتنمية الأغلبية الساحقة التي تمتع بها منذ 2002. وقدم إردوغان انتخابات اليوم الأحد فرصة لاستعادة الاستقرار في وقت تفجر فيه التوتر بسبب تمرد الأكراد وبعد تفجيرين نسبا إلى تنظيم الدولة الإسلامية بينما يخشى منتقدون تحولا للاستبدادد في عهد الرئيس. ووفقا لشبكة (تي.أر.تي) التي تديرها الدولة فقد حصل حزب العدالة والتنمية على 49.4 في المئة من الأصوات بعد فرز 97.5 في المئة من الأصوات. بينما حصل حزب الشعب الجمهوري على 25.4 في المئة وقال مسؤول كبير الآن إن آمال تشكيل ائتلاف باتت مستحيلة. وقال مسؤول كبير من حزب العدالة والتنمية لرويترز "هذا نجاح فاق توقعاتنا" في اعتراف بالمفاجأة من حجم الانتصار. ومنذ انتخابات يونيو حزيران انهار وقف لإطلاق النار مع المقاتلين الأكراد وتفاقمت الحرب في سوريا وشهدت تركيا هجومين انتحاريين ارتبطا بتنظيم الدولة الإسلامية أسفرا عن مقتل أكثر من 130 شخصا. ويأمل مستثمرون وحلفاء غربيون أن تساعد الانتخابات على إعادة إرساء الاستقرار والثقة في الاقتصاد الذي تبلغ قيمته 800 مليار دولار الأمر الذي سيتيح لأنقرة أن تلعب دورا أكثر فعالية في الحد من تدفق اللاجئين من الدول المجاورة التي تعيش حروبا إلى أوروبا والمساعدة في التصدي لمتشددي تنظيم الدولة الإسلامية. حققت الليرة أقوى أداء لها في شهرين ونصف بعد النتائج. وكان المستثمرون يعولون على حكومة ائتلافية لكن احتمال وجود حكومة قوية ومستقرة حتى لو كانت مثيرة للاستقطاب بدا سببا للارتياح بعد شهور من عدم اليقين. وأثارت حملات إردوغان على حرية الإعلام وتشديد قبضته على القضاء -في أعقاب تحقيق فساد أغلق بعد اعتباره محاولة لإطاحة به - قلق زعماء أوروبيين. ومثل عدد كبير من الصحفيين وشخصيات أخرى أمام المحكمة بتهمة إهانة الرئيس. وستراقب عواصم أجنبية ووسائل إعلام تركية ومنظمات أخرى عن كثب مؤشرات على ما إذا كانت الأجواء الخشنة ستستمر أم ستخفف الحكومة قبضتها. وانتقد إردوغان وحزب العدالة والتنمية على سبيل المثال الدعم الأمريكي للمقاتلين الأكراد الذين يحاربون تنظيم الدولة الإسلامية عبر الحدود في سوريا. وقال بروس ريدل وهو محلل سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والذي عمل أحيانا مستشارا سياسيا للرئيس باراك أوباما "هذه (النتيجة) تزيد صعوبة استراتيجية استخدام الأكراد ضد تنظيم الدولة الإسلامية لأن حزب العدالة والتنمية يلعب على المشاعر المعادية للأكراد." وحصل حزب الشعوب الديمقراطي الذي قلص حملته الانتخابية بعد استهداف أنصاره في هجوم أنقرة الانتحاري الذي قتل فيه أكثر من مئة شخص يوم العاشر من أكتوبر تشرين الأول على 10.6 في المئة حسبما أفادت شبكة (تي.أر.تي). وحصل الحزب على 13 في المئة في يونيو حزيران. أما حزب الحركة القومية فقد شهد تراجع نصيبه من الاصوات إلى 12 في المئة من 16.5 في المئة في يونيو حزيران.ولم تظهر الأعلام والملصقات وحافلات الدعاية الانتخابية التي عجت بها الشوارع خلال الفترة التي سبقت الانتخابات في يونيو حزيران. لكن إردوغان وصف الانتخابات الجديدة بأنها فرصة مهمة لتركيا للعودة إلى حكم حزب العدالة والتنمية بمفرده بعد غموض سياسي استمر شهورا.
مشاركة :