تركيا تعود إلى حضن «العدالة والتنمية» بعد مغامرة فاشلة دامت 5 أشهر

  • 11/2/2015
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

عادت تركيا إلى حضن حزب العدالة والتنمية بعد مغامرة استمرت أقل من خمسة أشهر، عاشت فيها البلاد أسوأ أزماتها السياسية والاقتصادية والأمنية. وأظهرت النتائج شبه النهائية للانتخابات البرلمانية المبكرة التي جرت أمس في البلاد، استعادة الحزب الحاكم للأغلبية التي يحتاجها لتأليف الحكومة، مع حصوله على قرابة نصف أصوات الناخبين، مما سيعطيه أكثر بكثير من المقاعد المطلوبة لتأليف الحكومة (276 مقعدا). وأظهرت النتائج الأولية لفرز الأصوات حصول الحزب الحاكم على قرابة 49 في المائة من الأصوات بتقدم كبير عن الانتخابات السابقة التي حصل فيها على 40.7 في المائة من الأصوات. وبينما تقدم حزب المعارضة الرئيسي، حزب الشعب الجمهوري قرابة نقطة واحدة، كان حزبا الحركة القومية، والشعوب الديمقراطي أكبر الخاسرين، بتراجع الأول أكثر من أربع نقاط وخسارته قرابة نصف عدد المقاعد التي نالها في الانتخابات السابقة قبل خمسة أشهر. أما الحزب الكردي، فقد أفلت بصعوبة من الإقصاء التام بحصوله على نحو 10.3 في المائة من الأصوات، بتراجع نحو 3 نقاط، أي بفارق ضئيل عن نسبة العشرة في المائة التي تسمح بدخوله البرلمان. علما أن نزوله تحت هذه النسبة كان سيعني فوزا كاسحا لحزب العدالة ويعطيه القدرة على تعديل الدستور أو طرحه على الاستفتاء على الأقل. وبينت الأرقام الأولية حصول العدالة والتنمية على 316 مقعدا (258 في الانتخابات السابقة)، وحزب الشعب الجمهوري 134 (132 في انتخابات يونيو (حزيران) وحزب الحركة القومية على 41 مقعدا (80 في الانتخابات السابقة) وحزب الشعوب الديمقراطي على 59 مقعدا (80 في الانتخابات السابقة). وتظهر هذه الأرقام أن حزب العدالة والتنمية استعاد الأكراد المحافظين الذين كانوا يصوتون تقليديا له قبل أن يتخلوا عنه في الانتخابات السابقة. وزاد الحزب 2.7 مليون ناخب جديد إلى حصته من الناخبين الأتراك في عموم تركيا، كما استقطب أصواتا كثيرة من الحركة القومية التي شهدت انشقاقات كثيرة قبل الانتخابات حيث غادره العشرات من القياديين إلى الحزب الحاكم وعلى رأسهم نجل مؤسس الحزب. وقد نال حزب الحركة القومية مقاعد أقل من مقاعد الأكراد، على الرغم من أنه يتقدم عليهم بفارق نقطتين، ويعود ذلك إلى النظام الانتخابي، وإلى تركيز الأكراد بشكل أساسي على المناطق ذات الغالبية الكردية، بينما كانت أصوات الحركة القومية موزعة على كامل الأراضي التركية. وشهدت الانتخابات مفارقات أيضا، منها سقوط بعض قلاع حزب الشعب الجمهوري في يد حزب العدالة والتنمية، حيث فاز الحزب الحاكم بأنطاليا ومرسين، كما فاز في إحدى دوائر أزمير، وهي مناطق تؤيد تقليديا الشعب الجمهوري، الذي يتركز وجوده على سواحل بحر إيجه، بينما يسيطر حزب العدالة والتنمية على مناطق وسط البلاد بشكل كامل، بينما يسيطر الأكراد على المناطق الجنوبية الشرقية من البلاد. ويبدو أن الأتراك اختاروا الاستقرار السياسي الذي طبع عهد العدالة والتنمية في السنوات السابقة منذ توليه الحكم عام 2002، بينما كانت الأشهر الخمسة الماضية التي تلت الانتخابات حافلة بالتطورات السلبية إذ انفجر الصراع المسلح مع الأكراد مرة أخرى، مما أدى إلى مقتل قرابة ألف شخص، كما شهدت البلاد تراجعا حادا في قوة العملة الوطنية، وشهدت أيضا اضطرابا سياسيا تمثل في عدم قدرة الأحزاب تشكيل حكومة ائتلافية، بسبب التناقضات الكبيرة في البرامج بين أحزاب المعارضة مع الحزب الحاكم، كما في التناقضات الكبيرة بين أحزاب المعارضة وعدم قدرتها على تأليف حكومة والاجتماع على برنامج واحد. وبعد تيقنه من الفوز، كتب رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو تغريدة على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» يقول فيها «الحمد لله». وأمام حشد كبير من أنصاره في مسقط رأسه قونيا، وصف داود أوغلو نتائج الانتخابات العامة بأنها نصر للديمقراطية. وقال: «اليوم هو نصر لديمقراطيتنا وشعبنا (...) اليوم هو يوم انتصار»، مضيفا أن «الانتصار هو ملك الشعب». وتابع في إشارة إلى الانتخابات العامة بعد أربعة أعوام: «نأمل أن نخدمكم جيدا على مدى السنوات الأربع القادمة، وأن نقف أمامكم مرة ثانية عام 2019». وشارك أكثر من 45 مليون تركي في الانتخابات التي سادتها عموما أجواء هادئة نسبيا، حيث لم يسجل وقوع خروقات أمنية كبيرة، كما لم تحصل شكاوى كبيرة من المرشحين للانتخابات. غير أنه بعد وقت قليل من إعلان النتائج غير الرسمية، اندلعت مواجهات بين الشرطة وناشطين أكراد في ديار بكر مساء. وبدأت الحوادث قرب مقر حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد. وأحرق عشرات الشبان الإطارات وأطلق متظاهرون الرصاص في الهواء، بينما قال أحدهم «ستندلع الحرب إذا بقي حزب الشعب الديمقراطي دون عتبة العشرة في المائة. لقد سرقوا أصواتنا». وتدخلت شرطة مكافحة الشغب مستخدمة خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع لتفريق الجمع في اتجاه الشوارع المجاورة.

مشاركة :